عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، مطلوب للعدالة في قضية مضى عليها أكثر من 24 سنة. و"الروح عزيزة عند الله" كما يقول المغاربة. القضية تتعلق بمقتل أيت الجيد محمد بنعيسى، الذي كان حينها ناطقا باسم الطلبة القاعديين التقدميين وهو فصيل يساري. كان حامي الدين قياديا في فصيل إسلامي. الشاهد الناجي من الموت أدلى بأسماء الطلبة الذين شاركوا في "الغزوة" البشعة ومن بينهم حامي الدين. هذا الأخير صرح للمحققين بأنه ينتمي للقاعديين بمعنى نفس الفصيل الذي ينتمي إليه القتيل. دفاع العائلة يعتبر هذا التصريح تضليلا للعدالة. لهذا يصرون على إعادة محاكمته.
المطالبة بإعادة المحاكمة ليست إدانة بتاتا. ولا نحن ممن يدين حامي الدين لكن نرفض حمايته من المثول أمام القضاء. حماية مارسها الحزب منذ توليه الحكومة خصوصا أثناء وجود مصطفى الرميد على رأس وزارة العدل والحريات. وما زال الحزب مصرا على عدم تسليم القيادي في الحزب إلى القضاء ليقول كلمته. لماذا كل هذا الإصرار؟ الحزب يزيد الشكوك حول القضية.
اليوم تم انتخاب حامي الدين نائبا لرئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية. وفي وقت الضجة التي أحدثتها العائلة ورفاق القتيل تم انتخابه مستشارا برلمانيا ورئيسا لإحدى اللجان. كثير من المتتبعين يعتبرون هذه "التعيينات" محاولة لحمايته من الوقوف أمام منبر الحقيقة. لماذا صرح حامي الدين للمحققين بأنه ينتمي للطلبة القاعديين التقدميين وليس لفصيل إسلامي أو حتى دون انتماء؟ هل هو تصريح عفوي أم كان المقصود منه تضليل العدالة؟ نعتقد أن هذه هي الأسئلة التي سيجيب عنها القضاء خلال التحقيق مع القيادي في الحزب الإسلامي.
استماع القضاء للمواطنين، حول ما يوجه إليهم من تهم، أمر طبيعي بل هو الدليل على سيادة القانون، وعلى انتهاء عهد الحماية من أي طرف كان، فإذا لم يستمع قاضي التحقيق إلى عبد العالي حامي الدين، لأي سبب سيكون ذلك اتهاما، حتى لو لم يكن صحيحا لرئيس الحكومة بالتأثير على القضاء، وبالتالي تلويث سمعة الحكومة ورئيسها والقضاء، وضرب كل المسار الديمقراطي الذي قطعه المغرب.
دفاع العائلة لا يطالب بشيء غير إعادة المحاكمة. المتهم يقول إن المحكمة قضت في الملف منذ سنوات خلت أي منذ حوالي 22 سنة. طبعا هذا دفع يدمغه دفع آخر يقول إن محامي عائلة الضحية عثر على مستجد في الملف يتعلق بتمويه العدالة. يقول إن حامي الدين صرح أثناء التحقيق معه بأنه ينتمي لفصيل الطلبة القاعديين التقدميين، أي نفس المكون الطلابي الذي ينتمي إليه القتيل، لكن الحقيقة أنه كان ينتمي لفصيل إسلامي متهم بالقتل.
لماذا يخاف الحزب الإسلامي من العدالة وقد برأت أربعة من قيادييه تمت محاكمتهم السنة الماضية؟ لماذا لم يسمع أحد لشكوى العائلة التي قالت إن المحاكمة تمت في ظل رئاسة الحزب لوزارة العدل؟
أحسن خدمة يقدمها الحزب لصورة العدالة في المغرب هي إقالة حامي الدين من جميع المهام الحزبية وغير الحزبية كي يواجه القضاء وحين يحكم ببراءته يعود لأي مهمة يرتئيها الحزب. أما ما يقوم به اليوم فهو حماية سياسية لرجل مطلوب للعدالة.