يرى الصهاينة يهودا، ومسيحيين، وعربا، أنّ ما سبق ممّا ذكرناه معزّزا بالكتب والمراجع، يؤكّده ما جاء في كتاب: [أخبار مكّة في قديم الدهر وحديثِه] لصاحبه (ابن إسحاق الفاكهي) توفي سنة (275) هجرية؛ مجلد: (05)؛ صفحة: (61)؛ حيث يقول: [عن (عطاء) قال: من أراد العمرةَ، فَلْيخرج إلى التنعيم، أو إلى الجُعْرانة؛ والتنعيم من حيث اعتمرتْ عائشة أمُّ المؤمنين، حيث بعثها رسول الله مع أخيها (عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق) على أربعة أميال من (مكّة)، على طريق (المدينة)، وهما مسجدان: (المسجد الأدنى) وهو المسجد الذي اعتمرتْ منه عائشة؛ و(المسجد الأقصى) المفضي إلى الأكَمة الحمراء].. ومعلوم أن الشكوك التي تُولّدها هذه الرواياتُ التراثية، تفسّر لصالح الصهاينة؛ وهكذا، صار هذا التراثُ المضطرب، يوظّف ضدنا، ويخدم أهداف المغتصبين لأرض فلسطين، وللّذين يريدون سرقة القدس العربية في واضحة النهار، وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره؛ فهل هناك خيبة أكبر، وأفظع من هذه؟!
في كتاب: [خلاصة الوفا، بأخبار دار المصطفى] لصاحبه (السّمهودي)؛ جزء: (01)، من صفحة (280) إلى صفحة (286)؛ الباب السابع، نقرأ فيه: [.. منها مسجد بالجُعْرانة، وهو المسجد الأقصى الذي تحت الوادي، بالعدْوة القصوى؛ وأمّا المسجد الأدنى الذي على الأكَمة، فبناه رجل من قريش].. وفي [مسند أبي يَعْلي]؛ جزء (12)؛ صفحة: (359): [عن أمِّ سلمة أنها سمعت رسولَ الله يقول: مَن أهلّ بحجّة أو عمرة من (المسجد الأقصى) إلى (المسجد الحرام)، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر أو وجبت له الجنّة.].. ويعلّق الأعداءُ قائلين، وقد عثروا على مُرادهم في التراث: هذا دليل على أن الرسولَ كان يحكي على أن الإسراء حدث من (المسجد الحرام) إلى (المسجد الأقصى) بالجُعْرانة.. وهكذا نرى أنه إذا كان هذا التراث غير المدروس دراسةً علميةً، وغيرُ المنقَّح قد شلّ العقولَ، وكرّس التخلفَ، فإننا نرى أنه ضيّع كذلك الحقوق المشروعة للأُمة من أرض، ومقدّسات، منها القدس..
وهنا يطرح أعداءُ الأمّة، ومغتصبو فلسطين، ومُريدو سرقة (القدس) الأسئلةَ التالية: هل جاء في القرآن أن المسجد الأقصى موقعُه في القدس؟ هل ذهب محمّدٌ بالجسَد ليلة الإسراء؟ هل ربط دابّتَه حيث يربط الأنبياء؟ هل دخل محمّدٌ أو صلّى بالمسجد الأقصى بالقدس ليلة الإسراء؟ هل المسجد الأقصى، هو مسجدٌ إسلامي، بُنِيَ في عهد محمد في بيت المقدس أم إنه اسمٌ قصد به (هيكل سليمان)؟ كلّها أسئلة يجدون لها للأسف الشديد أجوبةً من التراث المكذوب، والمدسوس الذي نقدّسه، ونحرص عليه، ونكفّر أو نقتل من أراد العودة إليه لدراسته، ونقدِه، وتنقيتِه؛ لماذا؟ لست أدري، رغم أنه الأصل في التخلف الفكري، والمرجع في السخافات، والمنبع في الإرهاب، و(الحجّة) في تقوية موقف الصهاينة ومن يلفّ لفّهُم، من يهود، ومسيح، وعرب، خاصة وأن هذا التراث محشوٌّ بالإسرائيليات، والتّرهات.. كل ذلك سنعرض له غدًا، وسنركّز على [الإسراء] وما شابه من تناقضات، وشكوك، وعدمِ يقين، وسنعتمد المراجعَ، ثم للقراء الكرام واسعُ النظر؛ فإلى اللقاء غدًا إن شاء الله تعالى، والله المستعان!