بقلم د. سالم الكتبي
العلاقات بين الدول على مر العصور تحكمها شبكات معقدة ومتداخلة من المصالح والمنافع المتبادلة، كما تحكمها أطر ناظمة تحدد مسارات واتجاهات هذه العلاقات عبر مختلف الأمدية الزمنية.
والعلاقات القائمة بين دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الشقيقة ليست استثناء من هذه القاعدة.
فهناك بالفعل مصالح استراتيجية تمثل الأساس القوي لهذه لعلاقات الاستراتيجية، ولكن هناك أيضاً علاقات أخوية تمنح هذه العلاقات عمقاً إضافياً وتوفر لها نوعا من الحصانة والمناعة ضد التقلبات والتغييرات المفاجئة التي تطرأ على علاقات بعض الدول ببعضها البعض.
وهذا ما يفسر حالة التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين الشقيقين على خلاف توقعات بعض المحللين الذين يذهب خيالهم السياسي إلى بناء تصورات غير واقعية حول مآلات العلاقات أو تفسير بعض الأحداث والمواقف ذات الصلة بعلاقات البلدين.
احدث تأكيد وبرهان على متانة وتطور هذه العلاقات جاء خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤخراً كل من ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالمملكة المغربية الشقيقة، يرافقه محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية، حيث حملا رسالة خطية من جلالة الملك محمد السادس تتصل بالعلاقات الأخوية، وسبل تعزيزها وتطويرها.
و أكد سموه خلال هذا اللقاء عمق "العلاقات الأخوية" بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية الشقيقة، مشيراً إلى أن ذلك "ينبع من حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية على دعم هذه العلاقات، ودفعها إلى مزيد من التطور والنماء في المجالات كافة".
كما حمّل سموه خلال اللقاء الوزير المغربي تحيات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وتحيات سموه لجلالة الملك محمد السادس، وتمنياتهما للمملكة المغربية، وشعبها الشقيق اطراد التقدم والنماء، وذلك رداً على تحيات جلالة الملك محمد السادس لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتحيات جلالته لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتمنياته لدولة الإمارات وشعبها مزيداً من التقدم والازدهار.
أكثر ما يميز علاقات البلدين الشقيقين، الامارات والمغرب، هو الاحترام والتقدير المتبادل، وهذا الإطار الحاكم للعلاقات الثنائية هو أحد ضمانات الحفاظ على العلاقات الأخوية، كما وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فالعلاقات بين الأشقاء يجب أن ترتكز على دعائم قوية من التقدير والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، لأن هذا الأمر بات يمثل أحد مصادر الازعاج والاشكاليات والخلافات في العلاقات العربية ـ العربية، ناهيك عن كونه مصدراً أساسياً للتوترات على الصعيد الإقليمي الشرق أوسطي.
لو افترضنا جدلاً تحييد عنصر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لأصبحنا في مواجهة حالة مغايرة للعلاقات بين الدول العربية، ولكن الحاصل يشي بغير ذلك، ويشير إلى تدخل بعض الدول للاضرار بأمن دول أخرى، والتحالف مع دول وقوى إقليمية معادية تضمر الشر لدولنا على حساب الامن الوطني لدول عربية كانت توصف في الأدبيات السياسية والخطاب الإعلامي بأنها "شقيقة"!
لا أحد يعارض فكرة تعزيز المكانة والنفوذ والسيادة لأي دولة عربية، انطلاقاً من أن قوة أي دولة عربية هي قوة للعرب جميعاً، وأن مراكمة أي قوة، صلبة أو ناعمة، لدولة عربية ما تمثل إضافة نوعية للرصيد الإجمالي للقوة العربية الشاملة، وهذه هي قناعة الكثيرين في عالمنا العربي، وهي قناعة متجذرة لدينا في دولة الامارات العربية المتحدة.
لكن هناك ممارسات وسلوكيات كانت تعمل على استحياء خلال سنوات سابقة، ولكنها بدت في السنوات الأخيرة تطفو وتجاهر بما تفعله من إضرار وما تسببه من أضرار هائلة بالأمن الوطني للدول الخليجية والعربية الأخرى.
الخلاصة، والدرس المستفاد، أن حالة العلاقات الإماراتية المغربية هي حالة نموذجية في العلاقات بين الدول، وهي حالة تمزج بين العلاقات السياسية في مرتكزاتها وثوابتها المتعارف عليها من ناحية، والعلاقات الأخوية القوية التي تربط بين القادة والشعوب من ناحية ثانية.