بقلم: محمد أبويهدة
الكثير من العقد النفسية ستجد طريقها إلى الحل داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. هذا الحزب الذي كانت بسببه تزور الانتخابات حتى لا يصعد إلى الحكم أيام الملك الراحل، سيعود إلى مقاعد المعارضة وإلى نقطة الصفر على مستوى التنظيم الداخلي للبيت الاتحادي. هي نقطة إيجابية أن يحسم هذا التردد الذي بدأ بعد الاعلان عن الوزير الأول الجديد عقب انتخابات 2002 التي لم يتم فيها احترام المنهجية الديمقراطية وتم تعيين ادريس جطو عوض الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الذي فاز بالانتخابات، آنذاك بدأت بعض الأصوات داخل الحزب تشق عصا «الحكومة» وتطالب بالنزول إلى المعارضة لكن «القيادة» اختارت أن تظل في دائرة الحكم، وهو ما سيتكرر خلال انتخابات 2007 التي صمت فيها القيادة آذانها حتى لا تسمع الأصوات التي عادت تنادي -بشدة هذه المرة- بالعودة إلى المعارضة.
الأصداء اليوم متضاربة، بعضها سار في اتجاه الإشادة بهذا القرار، في حين عابت فئة أخرى عليه الاصطفاف إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني في المعارضة، وعلقت فئة أخرى على القرار بالتساؤل: كيف سنصدق من جديد خطاب هذا الحزب في المعارضة؟ وهل سيعود برلمانيوه إلى الضرب على الطاولة في البرلمان؟ غير أن المهم في كل هذا هو أن خطاب الحزب سيكون أكثر وضوحا بحيث لن يعود ملزما كما كان الحال خلال وجوده في الحكومة بالتوفيق بين خطاب التسيير وخطاب المعارضة الذي كانت تقوده مركزيته النقابية (الكونفدرالية قبل انشقاقها) والساخطون على تدبير الحزب للشأن العام.
الإجابة عن السؤال الذي طرحته كل هذه الفئات حول: كيف سيدبر الحزب المعارضة؟ لا يمكن الإجابة عنه إلا بعد أن تدور الآلة التشريعية في البرلمان، غير أن مؤشراته في المجال الحقوقي وممارسة الحريات والمجال الفني والإبداعي، هي الأكثر وضوحا لحدود الساعة.
ما يؤرق الاتحاديين اليوم هو الجانب التنظيمي، فجل فروع الحزب إذا لم تكن مغلقة فهي تعيش صراعات، وظلت الخلافات داخل مجالسها تزداد وتتضح أكثر خلال «موسم» الترشيحات والحملات الانتخابية.
القاعدة الجماهيرية لهذا الحزب تقلصت بشكل كبير، والدليل على ذلك فقدانه جل مواقعه في المدن الكبرى التي كانت تشكل عموده الفقري.
ممارسة المعارضة تتطلب أطرا شابة تشتغل على ملفات وقادرة على الاستقطاب ومتمكنة من خطابها ومتمسكة بقيمها التقدمية والحداثية. واهم من يعتقد أن المعارضة ستكون هي الوسيلة كي يعيد الاتحاد الاشتراكي ما ضاع منه خلال سنوات تدبيره الحكومي، فالمعارضة ستكون أصعب من التسيير لأنه سيجد نفسه مضطرا إلى معارضة قيم ومرجعية تنهل من الخطاب الديني، وبالتالي سيواجه مواطنا لا يفرق بين قيم الإسلام وقيم الحزب الاسلإمي الذي يقود الحكومة.
لنجاحه في المعارضة، على الاتحاد الاشتراكي أن يسترجع قواته الشعبية.