الدبلوم والشهادة.
الدبلوم ، Diploma ؛ في التعريف الأكاديمي ؛ " كلمة تشير إلى مستوى جائزة/مكافأة أكاديمية ، فكلمتا دبلوم ودبلوماسي ذاتا أصل واحد من ورق رسمي قابل للطي يسلم من قبل السفراء أو المناديب ؛ وهي بمثابة عقد صادر من معهد تعليمي كجامعة ، تشهد بأن حاملها قد أنهى ؛ بدرجة نجاح ؛ فترة دراسية معينة ، وقد تشير إلى درجة أكاديمية في دول مثل المملكة المتحدة أو استراليا . في حين أن الشهادة Certificate ؛ فهي وثيقة ودليل رسمي تشهد بأن صاحبها أنهى فترة تكوين ، وهي أهلية صادرة عن مجلس الدراسات ( الأساتذة ) ".
فهناك أسلاك دراسية ومسارلت تعليمية ؛ يمر منها الطالب وينال على إثرها شواهد بإنهاء دراسته في هذا السلك أو ذاك كشهادة (البروفي قديما ) وشهادة الباكلوريا وشهادة نهاية الدروس ... وشهادة مفتش الطور الأول وشواهد التكوين ، ودبلوم مهندس الدولة ، وشهادة الماستر ، ودبلوم القانون العام ؛ ودبلوم التجارة الالكترونية ؛ ودبلوم الإحصاء العام ، دبلوم التدبير الإداري ...
وفي المغرب توجد دبلومات على بأصناف ذات مستويات خمسة أو أكثر : مثل دبلوم الدولة ؛ ودبلوم جامعي ؛ دبلوم معتمد ؛ دبلوم مرخص للدولة ؛ دبلوم غير محلي (خارج المغرب) ، إلا أن أكثرها قبولا هو الصنف الأول ..
قيمة الدبلوم المغربي
الدبلوم المغربي حاليا يمكن تقييمه عبر بوابتين رئيستين ؛ من خلال نوعية التعليم ومدى جودته وبالتالي مخرجاته في هيئة أطره العاملة في كل القطاعات بما فيها الخاص والعام ؛ فدبلوم طبيب مختص .. يتم تقييمه من خلال الخدمات ودرجة جودتها أو رداءتها في القطاع الصحي ككل ، كما أن دبلوم مهندس الدولة يتم الحكم له أوعليه بالنظر إلى أشغال العمران والبناء والاختلالات التي تشوبها . ومن خلال جرد تاريخي ولو قطاعي في فترة معينة لمستوى خدمات "الدولة" في قطاعات مختلفة سنقف على قضايا واختلالات هيكلية وأخطاء بشرية تمس بالدرجة الأولى الأطر كمسؤولين يمكن ؛ من خلال عملية التقييم العام ؛ أن تطعن في مشروعية الدبلومات التي يحملونها أو تصنفها في مرتبة الرداءة ؛ وهي السمة الغالبة بالكاد على واقع تعليمنا منذ عقدين أو أكثر ... على النقيض مما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات من أواخر القرن الماضي ؛ حيث كان الدبلوم المغربي له مصداقيته ومشروعيته الأكاديمية ، وأثره على المخرجات كمهندس أو طبيب أو تقني ؛ فطبيب الثمانينيات ليس هو الطبيب الحالي بالرغم من نتائج التطور التكنولوجي التي ساهمت في النهوض بالقطاع الصحي .
الدبلوم المغربي من منظور سوق الشغل
وفقا لعدة حالات وتبعا للملاحظة الأمبريقية ، فحامل الدبلوم المغربي والراغب في ولوج قطاع الشغل بدول أوروبا الغربية أو أمريكا وكندا خاصة يواجه عراقيل جمة تتضاعف حسب أي قطاع أو معهد يريد أن يستكمل فيه دراسته ، وهي عموما تشترط من المترشح/الراغب ؛ علاوة على بطاقة الخدمات والمؤهلات الأخلاقية والتربوية ؛ الخضوع لفترة دراسية/تكوين/تدريب/تربص ... تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات تختتم باختبار تأهيلي للوظيفة ، بيد أن الدبلوم المغربي بمفرده وكمادة خام لا يخول لصاحبه وظيفة بكيفية مباشرة ، فهناك مساطر معقدة تبدأ بالدراسة ثم التكوين المركز وتنتهي باختبار الأهلية Test . والمغرب ؛ وتبعا لسياسة الند للند ؛ لم يعد يقبل السماح بالتوظيف لحاملي الدبلوم غير المحلي في القطاع العمومي إلا إذا كان مدعما بشهادة خبرة لا تقل عن سنتين في مجال معين .
الدبلوم المتقادم أو المزور
الدبلوم المغربي الذي مرت عليه فترة تقادم لسنة أو أكثر قد لا يسمح لحامله التسجيل أو الانخراط في معهد أو منشأة تشغيل ، فالباكلوريا مثلا يتم تبنيها من قبل بعض أرباب الشغل إذا كانت مصحوبة بخبرة أو تجربة لا تقل عن ستة أشهر . والمشرع المغربي صارم تجاه الدبلوم المشكوك في مشروعيته ونزاهته ، فالمزور يقصى من أية وظيفة فضلا عن غرامات مالية تحتسب وتقتطع توافقا مع المدة التي قضاها صاحبه في وظيفة معينة .
الدبلوم المعطل
هذه ظاهرة تعتبر كإحدى تداعيات سوء التخطيط والاختلالات التي تعرفها التوازنات المالية الجهوية ، كما ساهمت في إفرازها أيضا درجة الرداءة التي آل إليها تعليمنا والذي أصبح ؛ بمعنى أو آخر ؛ تعليما من أجل العطالة والمعطلين ، بالرغم من السلطات المغربية ؛ ونظرا لبعض الإكراهات المالية وتحاشيا لمزيد من الإنفاق المالي ؛ اضطرت أو بالأحرى رضخت إلى مطلب التوظيف المباشر أو التوظيف بالدبلوم فقط دون تكوين ، أو التوظيف بالتعاقد والذي يجسد ؛ في حد ذاته ؛ قضية كبرى أو حينما نستهدف الكم على حساب الكيف والنوعية والجودة .
الدبلوم وسوق الشغل الداخلية
المشغل المغربي ؛ سيما في القطاع الخاص ؛ يضع لائحة شروط يحرص على تلاؤمها مع حاجيات الزبناء ، وتأتي المؤهلات التربوية والأخلاقية في الدرجة الأولى قبل الدبلوم الذي لا يكون مقبولا ومفعلا إلا إذا خضع صاحبه لتداريب مكثفة واختبارات ومراقبات عينية فضلا عن الالتزام بالتعاقد في الشغل وفقا للائحة من الشروط والبنود ولمدة قابلة أو غير قابلة للتمديد .
قضية انفصال معاهدنا عن أسواق الشغل
باستثناء معاهد يمكن أن تعد على رؤوس الأصابع ؛ تخضع الدراسة فيها لرسوم مالية جد مرتفعة ، يلجها أبناء الأسر المحظوظة ذوات الدخل العالي ، وهي ذات ميزة في إتاحة آفاق الشغل أمام خريجيها ، بحكم التعاقدات التي تربطها بأرباب ومؤسسات التشغيل الداخلي والخارجي معا ؛ كجامعة الأخوين ، وكلية العلوم والتقنيات ، ومدرسة الملك فهد للترجمة ، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، وكلية العلوم والهندسة ... والتي قد تكلف الطالب سنويا أكثر من 3000 دولار ..وما عداها من المعاهد والكليات تظل مناهج الدراسة بها شبه منعزلة عن حاجيات السوق ولا تتعاطى مع بيئة التشغيل ، وحتى واضعو البرامج والمناهج الدراسية يستثنون حضور ممثلي أرباب وهيئات التشغيل ؛ ليكون للدبلوم مواصفاته ومعاييره التي تنسجم مع مستجدات سوق الحاجيات ومتطلبات المستهلك المغربي .
بحوث نيل الدبلوم المغربي
أصبح هذا المبحث محل احتجاجات وأحيانا استنكارات من طرف الطلبة في علاقاتهم بالأساتذة المشرفين والمؤطرين على حد سواء ؛ فهناك مواضيع لأطروحات مستلهمة من القضايا الراهنة ، يعايشها الطلبة فضلا عن غنى المصادر والمراجع التي تتناولها أو ذات صلة بها ، إلا أن اقتراحها على الأستاذ المؤطر كثيرا تواجه بتحفظ أو تصادف أجندة الأستاذ مغلقة غير قابلة للاستزادة من مهام التأطير أو الإشراف . كما أن أساتذة عديدين يرفضون تأطير بحوث بذريعة عقمها أو تخوفا من السقوط في الأعمال/البحوث المكرورة والتي أصبحت ظاهرة تسم بحوث الكثيرين من الطلبة ، كما أن بعض الأساتذة يلاحظ بحسرة بأن الطلبة الحاليين لا يقدمون بحوثا بل " مشاريع بحوث " لغثّتها وانحسار مقدرة الطالب على الاجتهاد والابتكار .. مما حدا ببعضهم ( وهو ما تشهد عليه حالات كثيرة ) إلى النقل الجائر لكثير من البحوث وتحاشي منهجيات البحث العلمي الرصين . وهو الأمر الذي له وقع كبير على الرتب الدنيا التي تحتلها الجامعة المغربية في الترتيب العربي والعالمي .