بعد 56 سنة من الديماغوجية ونشر الأكاذيب والاختيارات المتهورة لحكام الجزائر ( عسكر ومدنيين ) بلغتْ ما يسمى الجزائر درجة من الهشاشة أكثر من هشاشة " أوراق المراحيض " فَـقَطْرَةُ ماءٍ تكفيها لتنهار الدولة انهيارا تاما ، لأن الجزائر منذ 2015 خطت خطوات مهمة جدا نحو الانهيار الاقتصادي خاصة بعد اللجوء إلى تنفيذ عملية طبع أوراق النقود بدون سند إبرائي ، أي طبعت أوراقا لا قيمة لها قانونيا حسب المرجعيات النقدية والمالية والاقتصادية الدولية ... ( أوراق المراحيض هي " Papier toilette " وهي التي طُبِعَتْ عليها عملة الجزائر المنهارة ) ....لم نعد نسأل اليوم أين ذهبت 1000 مليار دولار في عهدات بوتفليقة ؟ بل أصبح الشعب الجزائري اليوم يفكر ويسأل أين ذهبت ( تريليونات ) الدولارات التي ضاعت طيلة 55 سنة أي ملايير الملايير ، وحينما وصل ( موس أحمد أويحيى ) إلى عِظَامِ العملة الوطنية فتلك علامة على انهيار الدولة نفسها لأن العملة الوطنية هي جزءٌ من سيادة الدولة الجزائرية ، ومن علامات ضياع أي بلدٍ وانهياره اقتصاديا هو انهيار عملته الوطنية ...
أولا : ماذا تُحَضِّرُ المخابرات العسكرية الجزائرية للبوليساريو ؟
تسارعت الأحداث في اتجاه فضح حكام الجزائر ومخابراتها بأنهم يُحَضِّرُونَ شيئا ما للتخلص من ورم البوليساريو :
1) تنبهت الدول الإفريقية ومنها الشعب الجزائري أن البوليساريو كان صناعة استعمارية لتشتيت الشعوب وإعادة توزيعها ، وكانت الجزائر وليبيا أسبق في المنطقة المغاربية من ما حدث ولايزال يحدث كما يخطط له الاستعمار لتشتيت دول الشرق الأوسط الآن .
2) لقد وضعت البوليساريو إحدى رجليها خارج الاتحاد الإفريقي ، أما الرجل الثانية فهي مسألة وقت فقط ، وذلك لتنفيذ خطة الاتحاد الإفريقي الواضحة المعالم وهي أن ترمي ملف الصحراء المغربية المُفْعَمُ بالتزوير في حضن الأمم المتحدة وحدها فقط ، لأن الأفارقة تنبهوا لكون ملف الصحراء فارغا وكل وثائقه مزورة ومليءٌ بالتخاريف وتزوير التاريخ .
3) لايزال حكام إفريقيا منبهرين من الانقلاب الذي أحدثه المغرب في الرؤيا الاسترتيجية لمنظمة الاتحاد الافريقي وقلبها من رؤيا تعتمد الديماغوجية والإيديولوجيات الفارغة التي تفرق ولا تجمع وتنشر بذور التخلف الفكري والسياسي وتقتل في الإنسان الإفريقي روح التحفيز نحو التقدم الاقتصادي ، وتختزل معيشة الإنسان الإفريقي في البحث عن نوازع التفرقة ونشر الأكاذيب وتزوير التاريخ حول قطعة أرضية مُنْتِجَةٍ وخلق النزاع حول هذه القطعة الأرضية بعينها دون الملايين من الهكتارات الأخرى المُهْمَلةالمحيطة بها ، لأن النزعة الديماغوجية والإيديولوجيات الفارغة تعمي البصائر وتوقظ غرائز الاقتتال والنزاعات العبثية والمجانية حول ما عند الآخر فقط .
4) كم يؤلمني حينما أعلم عِلْمَ اليقين أن أرض السودان العربية الإسلامية - حفظها الله - قادرة على ضمان الاكتفاء الذاتي لكل العرب من كل أنواع الحبوب !!!!!لكن الديماغوجية والإيديولوجية تكالبت على أرض السودان الحبيبة حتى قزمتها و طمع فيها الأعداء وشرعوا في تمزيق أراضيها ونحن الأفارقة نتفرج ...
5) لماذا تحمس عسكر الجزائر وقذافي ليبيا وتحالفا مع الجنرال فرانكو لتقسيم المغرب وموريتانيا ؟ لماذا هدد بومدين المرحوم المختار ولد دادا بدخول الجيش الجزائري الأراضي الموريتانية إذا وافق ولد دادا على توقيع اتفاقية مدريد التي تقسم الصحراء المغربية بين موريتانيا والمغرب ؟ أليس هناك فلسفة عربية إسلامية منتشرة من كابول إلى طنجة تدعو لتوحيد العرب والمسلمين ؟ لماذا تحمس بومدين لتمزيق الممزق وتجزيء المجزأ ؟ إن بومدين وبنبلة وبوتفليقة وغيرهم من الذين انقلبوا على الشرعية المدنية برئاسة فرحات عباس عام 1961 ليسوا عربا ولا أمازيغ ولا أفارقة بل هم جماعة صنعها الاستعمار ليحلوا محله وتحقيق كامل أهدافه في المنطقة المغاربية .
6) بدأت المخابرات العسكرية الجزائرية في تنفيذ مخطط للتخلص من البوليساريو كانت بدايته ما طالعتنا به صحف البوليساريو بخبر ( يتوسل ) فيه إبراهيم الرخيص ( ويتسول ) الصبر من الشعب الجزائري أن يصبر عليهم لأن ( النصر ) قريب جدا .. لقد فضح إبراهيم الرخيص واقع العلاقة بين الدولة الجزائرية ومرتزقة البوليساريو ودرجة الفتور الحقيقي بينهما .
7) إن رفض الجزائر أن يدفن المقبور عبد العزيز المراكشي في أراضيها كان من أكبر المؤشراتعلى قول حكام الجزائر للبوليساريو : " لن تطمعوا في البقاء على أرض الجزائر خالدين فيها أبدا "... فرموا قبره في فيافي صحراء بئر لحلو على ما يقال والله أعلم ..." بركات " 42 سنة والشوكة مغروزة في صحراء لحمادة ، كفى .
8) من هنا بدأ تنفيذ مخطط المخابرات الجزائرية لترحيل ساكنة مخيمات تندوف نحو جنوب الشريط العازل في المنطقة الفاصلة بين موريتانيا والمغرب والخاضعة للأمم المتحدة والتي تْكِذبُ البوليساريو يوميا بأنها أراضٍ محررة ( وهي في الحقيقة مصنفة في اتفاقية وقف إطلاق النار 1991 على أنها منطقة عازلة ممنوعة من التسلح ، أي شريط عازل بين قوتين مسلحتين لذلك فالعالم والأمم المتحدة تنظر بعين السخط للحركات الصبيانية التي تقوم بها البوليساريو ويتحمل حكام الجزائر مسؤوليتها المباشرة ) ..وإذا ظهر السبب بطل العجب
9) إن زحزحة ساكنة مخيمات تندوف إلى الشريط العازل وخاصة دفعه نحو الكركرات يحمل معاني كثيرة و منها تقريب أهالي الصحراء المغربية المحتجزين بتندوف إلى وطنهم وبالضبط إلى الكركرات خاصة عندما انتشرت أخبار نزوح عسكر البوليساريو نحو الكركرات ، وهي منطقة حدودية مغربية واضحة ومجهزة بأجهزة تكنولوجية متقدمة يمكن من خلالها غربلةُ القادمين وتَـنْخِيلُهم بأدق عيون الغربال المغربي أي عزل الصحراوي المنتمي للساقية الحمراء ووادي الذهب من المشردين الجزائريين والموريتانيين والنجيريين والماليين وغيرهم من المهاجرين غير الشرعيين من جنوب الساحل والصحراء ، ويبدو الأمرُ عينُ الجِدِّ خاصة بعد تعيين سفير موريتاني جديد بالرباط بعد غياب حوالي 7 سنوات وهو السيد محمد الأمين ولد آبي وهي شخصية وازنة تحمَّل مسؤولية عدة وزارات وحقائب السفير بموريتانيا .
10) يمكن إضافة بعض المؤشرات الأخرى على تغيير موقف الجزائر من البوليساريو منها مثلا : ما تناولته صحافة البوليساريو الانفصالية من انزعاج من تصرفات السلطات الجزائرية معهم نذكر منها : أصبحت الدولة الجزائرية تتعامل مع البوليساريو كالأجانب غير المرغوب فيهم من الذين لا هوية لهم - أصبح البوليساريو ممنوعا من السكن في المدن الجزائرية والتعامل معهم بصرامة بالعودة إلى مخيمات تندوف لأنهم أجانب أي غير جزائريين – عدم اعتراف الدولة الجزائرية بما يسمى البطاقة الوطنية لجمهورية الوهم الصحراوية بدليل أن كل فنادق الجزائر قد تلقت تعليمات صارمة بعدم قبول إيواء أي شخص يقدم هوية بطاقة البوليساريو - تنامي ظاهرة مطاردة البوليساريو في عموم المدن الجزائرية – تنامي ظاهرة حجز شاحنات البوليساريو التي كانت تمون مخيمات تندوف من المدن الجزائرية بالمواد الغذائية مع تراجع الدرك الجزائري عن الاعتراف بالتصاريح التي كانت تنظم تنقلات الشاحنات عبر التراب الجزائري .
ثانيا : هل يستعد عسكر الجزائر لمواجهة انتفاضة كبيرة في الداخل وفي مخيمات تندوف ؟:
لا يمكن للمخابرات العسكرية الجزائرية أن تشرع في التضييق على تحركات عناصر البوليساريو بدون سبب وخاصة ظهور مؤشرات على أن الغضب بدأ في السريان بين الشعب الجزائري نفسه المقبل على انفجار حتمي نظرا للحالة المزرية التي يعيشها بعد انهيار أسعار المحروقات ، إذن فالمخابرت العسكرية الجزائرية تستعد لذلك ، لكنها في نفس الوقت تستعد لضرب النقطة السوداء التي أصبحت وَرَماً خبيثا فاحت رائحته الكريهة في منطقة تندوف ومخيماتها المُنِذِرَةِبالانفجار رغم فراغها أو رغم النقص العددي لساكنتها الذي ظهر جليا في العشرية الأخيرة بهجرة آلاف الانفصاليين خارج الجزائر نظرا لمسلسلات الفشل والهزائم الدبلوماسية المخزية إفريقيا ودوليا ( للجزائر والبوليساريو معا ) انتهى عصر استغلال الإنسان الصحراوي في ألعوبة (غير إنسانية ولابشرية ) خاصة أمام الثورة التي قادها المغرب في قَلْبِ كل الموازين السياسية والاقتصادية في عمق إفريقيا بعد أن ضَمِنَ اعتراف دول الخليج بمغربية الصحراء ابتداءا من البيان أو القنبلة النووية التي نزلت على حكام الجزائر من العاصمة الرياض والذي يعترف صراحة بمغربية الصحراء ، ومن هناك بدأت تتوالى الضربات القاضية للديبلوماسية الجزائرية كانت آخرها عودة المغرب المظفرة للاتحاد الإفريقي أمام عيون أفشل دبلوماسية في الكون وهي الدبلوماسية الجزائرية ....
ثالثا : هل تستطيع الجزائر استحمال عواقب حرب البوليساريو مع المغرب ؟
بعد أن بقي النظام الجزائري وحده في مواجهة (جمرة ) البوليساريو المُلْتَهِبَةِ في حِجْرِهِ وحدَه بعد أن تخلت عنه ليبيا منذ زمان وهربت منه دول إفريقيا كأنه بعير أجرب ، وأصبحت البوليساريو تعتمد على نفسها في جمع قوتها اليومي في انتظار موتها الحتمي لأن العالم بكامله تقريبا قد قطع العطايا عنه مما جعل البوليساريو يعتمد على نفسه ( وقد ذكرنا كيف أن بعض التجار من البوليساريو أصبحوا يشتكون من مطاردة الدرك الجزائري لشاحنات البوليساريو التي تزود المخيمات بضروريات العيش من خلال تسويقها من المدن الجزائرية حتى ولو كانت مُدُناً في أقصى شرق الجزائر مثل قسنطينة ، ويمنعونهم من الخروج من مخيمات العار حيث يجمعونهم من دروب وحواري المدن الجزائرية ).... بموازاة هذه الحملة المسعورة على البوليساريو في الداخل الجزائري وخاصة بعد انهيار أسعار الغاز والنفط ، بموازاة ذلك تظهر كثير من المؤشرات بأن عسكر الجزائر يدفع البوليساريو إلى الحل الأوحد المفروض عليهم وهو مغادرة تندوف نحو أقصى جنوب الصحراء المغربية إلى مناطق مثل مجيك وأكوينيت والزوك ، أما الهدف الأقصى فهو منطقة الكركرات وكلها في الحدود الصحراوية الموريتانية . وذلك لتحقيق هدف واحد ووحيد وهو إبعاد هذا الورم الخبيث (البوليساريو ) نحو منطقة توجد بين موريتانيا والمغرب متخطية المناطق الكلاسيكية القريبة من الحدود الجزائرية مثل بئر لحلو والمحبس وتيفاريتي ...
شرعت الجزائر أو حكامها في تنفيذ هذا المخطط وأطلقت عليهم جنرالات الجزائر ذوي غريزة القتل والتدمير ونشر الكراهية حتى بين أفراد الشعب الجزائري مثل الجنرال سعيد شنقريحة الذي يدفع ( شردمة ) من البوليساريو للقيام بأنشطة هي أقرب للعمليات الحربية منها إلى عمليات انتشار ساكنة المخيمات في النقط المكذورة سابقا ، وسقطت البوليساريو في فخ إعلان الحرب ضد المغرب وهي تـنفذ ما يُـلَـقِّـنُهُ لها حكام الجزائر وعساكرهم ، لكن يبقى السؤال الخطير هو : هل تستطيع الجزائر استحمال عواقب حرب البوليساريو مع المغرب ؟ الكل يعلم أن قرار حرب البوليساريو ضد المغرب هو بيد عسكر الجزائر ، لكن هل يملك عسكر الجزائ آليات حسابات الحرب مع المغرب وعواقبها ...
لست أدري من القائل :" الحُكَمَاءُ من الحكام يتخذون قرار الحرب من أجل اكتساب السلام الدائم "... ونحن نعلم جيدا سفاهة حكام الجزائر ودرجةنذالتهم الكريهة من خلال ما فعلوه ولا يزالون بالشعب الجزائري نفسه قبل غيرهم من الأجانب ، وهم اليوم يدفعون البوليساريو للحرب مع المغرب ولا يتصورون مثقال ذرة من نوائب وكوارث هذه الحرب على الشعب الجزائري .
هل يعلم حكام الجزائر أنهم على صفيح أحمر ملتهب كأنه لفحة من نار جهنم تشويهم من ستة جهات أو ستة حدود : هي تونس وليبيا والنيجر ومالي وموريتانيا ثم المغرب ، وكلها حدود يتحين الإرهاب الدولي وخاصة إرهاب الساحل والصحراء ، كلهم يتحينون فرصة الانقضاض على الجزائر وخاصة أن حكام الجزائر يقتسمون الأراضي الجزائرية مع الإرهاب الدولي ، واسألوا حكام موريتانيا عن الاتفاقيات السرية التي عقدتها مع هذه التنظيمات الإرهابية عن طريق وساطة العسكر الحاكم في الجزائر ، والأكيد أنه لم يعد في استطاعة عسكر دولة الجزائر أن ينقض عهوده مع الإرهاب الدولي لأنه متورط معه في كثير من المجازر كانت آخرها فضيحة مجزرة عين أميناس التي وَثَّـقَهَا خبراء من اليابان بالصوت والصورة ... فهل الدفع الذي يقوم به عسكر الجزائر للبوليساريو للتهديد بالحرب مع المغرب بل وخوضها معه سيكون بمثابة فرجة لحكام الجزائر ؟ طبعا هناك ستة فوهات للنار المستعرة ستفتحها الجزائر على الشعب الجزائري الذي يغط في نوم عميق و لا يدري أن بلاده إذا جرتها البوليساريو إلى حربٍ مع المغرب ستشتعل في أذيال الجزائر الستة نيران ستزيد خنق الشعب الجزائري الذي يعيش نقصا حادا في كل شيء حتى في الهواء للتنفس أمام ديكتاتورية حكامه ، إذا دخلت البوليساريو الحرب مع المغرب فالكارثة والطامة الكبرى ستنزل على الشعب الجزاائري الذي لا ناقة له ولا جمل في قضية الصحراء المغربية خاصة وأن مسلسلات الفشل الذريع المتلاحقة على النظام الجزائري ستزيد من عزلته الدولية لأنه حتما قد أصبح وحيدا في إفريقيا ...
أقرب سيناريو لو قامت حرب ( لا قدر الله ) بين الجزائر والمغرب ( لأنه في الحقيقة لا وجود لشيء اسمه دويلة البوليساريو ) فإن المغرب سيحارب على جبهة واحدة هي الجزائر أما عسكر الجزائر الذي لاتخلو أخبار قنوات الصرف الصحي من ذكر عدد أوكار الإرهابيين الذين يحيطون بالجزائر من ستة جهات ، فرغم اتفاقيات النظام الجزائري مع بعضها فإن الإرهاب لا دين ولا ملة له ولا عهود معه فسينقلبُ ضد عسكر الجزائر في رمشة عين كما فعل معه في مجزرة عين أميناس حيث أنكره نكرانا تاما وحقق أهدافه في إعادة الرعب إلى عموم الجزائر ، أما والجزائر وهي في سنة 2018 في حاجة إلى دولار واحد يسد ثغرة من ملايين الثغرات التي فُـتِحَتْ في وجه النظام الجزائري بعد كارثة انهيار أسعار الغاز والنفط ، فكيف ستواجه حروبا على ستة جبهات ( لا قدر الله ) ..إنه السيناريو الأقرب للوضع الجيوستراتيجي والجيوسياسي ، إذ لا يمكن أن نغفل الوضع الداخلي للجزائر الذي بدأت مؤشرات غليانه بعد القرارات التقشفية التي بدأت بمنع استيراد أكثر من 900 منتوج من الخارج وما رافق ذلك من إضرابات للأطباء المقيمين وطلبة المدارس العليا على الصعيد الوطني وغيرها من الاضطرابات التي تنشأ هنا وهناك ..
تكون للحروب آثار وخيمة جدا على الدول التي لا تعيش الفقر والفاقة ، ولا تعيش خطر الانهيار الاقتصادي والمالي ، فما بالك بدولة يقودها حكام كحكام الجزائر السفهاء الذين يعيشون أسوأ أيامهم الاقتصادية والاجتماعية والمالية داخليا ، ووضعوا طيلة 42 سنة حبل المشنقة على رقاب الشعب الجزائري واصطنعوا له قضية خاسرة جعلوها قضيتهم الوطنية ( قضية الصحراء المغربية ) وضيّعُوا عليها مئات الملايير من أموال الشعب الجزائري ، فكيف سيكون حال هذه البلاد إذا أعلن هذا النظام الحرب على المغرب الذي يعيش حالة التوسط على جميع المستويات ؟ ولن يقبل عاقل أن الحرب على المغرب هي بيد البوليساريو فلو كان الأمر كذلك فكفي القوات المغربية بضعة دقائق لمحو شردمة مرتزقة البوليساريو الذين استطاعوا الوصول – بعد عناء - إلى أقصى جنوب الصحراء المغربية عبر الشريط العازل وبدأوا في شطحاتهم البهلوانية الاستفزازية ، أولا فالشريط الذي يلعب فيه هؤلاء المرتزقة هو شريط منزوع من السلاح ويعتبر تواجد أي مسلح فيها خارقا لاتفاقية وقف إطلاق النار ، أما يروجونه على أنه أرض محررة فما ذلك إلا للضحك على الجهلة من ساكنة مخيمات تندوف إن بقي فيها سكان ، ويعتبر الذين يروجون هذه الأكاذيب المزورة لمفاهيم بنود وقف إطلاق النار الموقعة مع المغرب وخاصة ما يتعلق بمفهوم ( الشريط العازل ) قلتُ يعتبر هؤلاء أكير دليل على أنهم يسترزقون من نشر مثل هذه الأكاذيب ويطيلون معاناة الصحراويين في مخيمات الذل والعار ... ألم يشبعوا من أكل لحوم أهاليهم بالأكاذيب ؟ لأنه قد ظهر جليا أن هؤلاء المرتزقة على حساب أهاليهم يناضلون من أجل عدم حل معضلة الصحراء لأنهم اغتنوا منها وأصبحت مصدر رزقهم يتسولون بها لدى دول العالم طولا وعرضا .. فمرتزقة البوليساريو لا يهمهم أن تقوم الحرب بين الجزائر والمغرب لأن ذلك هو ماؤهم وحياتُهم ومعيشتُهم بل ووجودُهم ، فَالْهَـمُّ هَمُّ الشعب الجزائري هل يستطيع أن يزيد على قهره محنة حرب لاناقة له فيها ولاجمل وسترجع به هذه الحرب إلى الخلف ثلاثة قرون على الأقل ...
رابعا : لماذا لم تَفْطِنْ البوليساريو إلى أن من يدفعها للحرب على المغرب فهو يدفعها للفناء التام ؟ :
سمع الجميع بحركة داخل البوليساريو لايعرف أحد هل هي حركة إصلاحية أو حركة تدفع الجميع للخراب ، اسم هذه الحركة والله أعلم ( المبادرة الصحراوية من أجل التغيير ) ... لكن التغيير نحو أي جهة هل التغيير نحو التصعيد مع المغرب وهو أمر يتماشى مع مسلسلات إعلانات الحرب على المغرب نظرا لدرجة الحضيض الذي وصلته البوليساريو في عهد ابراهيم الرخيص ، أم التغيير نحو انفتاح عيون قادة هذا التغيير على الفساد المستشري داخل وكالة ابراهيم الرخيص وكذلك التلاعب بالقضية نحو تخليدها إلى الأبد لأنها أصبحت موردا للاغتناء لأنها في الأصل حركة ملفقة ومفتعلة أصحابها لا مبادئ لهم سوى مبدإ واحد وهو ( حَلْبُ ليبيا ) ثم ( حلب الجزائر) أما الاستقرار العائلي للعيش فهو في إسبانيا أو موريتانيا أو غيرهما لأن حقيقة قضية الصحراء هي قضية أشخاص جزائريين عسكر ومدنيين ركبوا عليها لإضعاف المغرب ظلما وعدوانا ونشر أكاذيب :الجزائر قائدة العرب والعجم ويابان إفريقيا والعالم...فما رأي أولاد موسى عضو هذه الحركة الذي طرده ابراهيم الرخيص من منصبه كممثل للبوليساريو في جزر البليار واستقبله ساكنة مخيمات الذل بتندوف استقبال الأبطال؟
واليوم ونحن في 2018 أي نزحف نحو الرقم 43 سنة لترسيخ معاناة أطفال ونساء وشيوخ ساكنة مخيمات الذل بتندوف نحو الأسوأ ، وقد ظهر أن المغرب لن وبالقطع لن يتزحزح ولو شبرا واحدا عن صحرائه بل قد يفاجئ العالم بأحد نقلاته على رقعة الشطرنج الإفريقية لسحق ما تبقى من أمل لحكام الجزائر في حبة رمل من الساقية الحمراء ووادي الذهب ... إننا نكره حكامنا في الجزائر ، لأنهم جثموا على صدورنا طيلة 56 سنة ولا يزالون وننتظر الفرج من الله ، أما البوليساريو فهل بلغ به الحمق والجنون حتى يخضع لأكذوبة استطاعته محاربة المغرب ؟ ألم يدرك البوليساريو أن أمرا ما يُدَبَّرُ له لإفنائه ودفعه نحو المحو النهائي من الوجود حتى يسهل الحل مع من سيتبقى منهم ؟ لكن الفطنة هي من شيم الأذكياء والحكماء وليست من شيم البلداء والجبناء والأنذال الذين تاجروا بدماء أهاليهم طيلة 43 سنة وقد يزيدون ... أما صراخ الادعاء بالقدرة على مواجهة الجيش المغربي فتلك نكتة كل القرون ، وما عليكم إلا أن تظهروا أمام الجدار الأمني المغربي الذي ترتعدون من ذكره وليس من الاقتراب منه ...
عود على بدء
من ينكر أن الجزائر لا تعيش فوضى قاتلة منذ بداية عام 2018 ؟ ، كل الوزارات لا تتحكم في صلاحياتها ، فالزيادة شملت أسعار كل شيء بلا حسيب ولا رقيب ( زيادة ثمن النقل حسب هوى أصحابه مثلا ) أما الذين يدَّعون من الشياتة أن الجزائر مستقرة ومطمئنة والأجانب يزدحمون أمام أبوابها للاستثمار في أرض المليون ونصف شهيد ، فألئك هم أعداؤك يا وطني ، ومن المستحيل أن تنهض الجزائر بغير أبنائها الأحرار الذين يغرزون أصابعهم في عيون كراكيز الدولة التي لا يعرف أحد من يحكمها ، أحرار الجزائر الذين لهم مرجعية واحدة وهي حلم الوحدة الذي كان مهيمنا على تفكير حركات تحرير المنطقة المغاربية قبل إعلان ثورة أول نوفمبر 1954 في الجزائر بكثير جدا لأننا لا زلنا وسنبقى على عهد أجداد أجدادنا الذين لم ولن يفكروا قط في فصل حبة رمل من الوطن المغاربي الكبير بخمس دول ليسهل أن تصبح دولة واحدة وبأيسر السبل ، ليس منطق الأنذال الخبثاء المجرمين ورثة الاستعمار وحفدته الذين صنعوا رأيا في مختبرات أحد مستشفيات المجانين يقول :" تعالوا لنفصل جزءا من المغرب ونصبح ستة دول في المنطقة المغاربية ، ثم نفكر بعد شهر أو سنة أو قرن أو قرون في كيفية الوحدة المغاربية " ... إنهم كابرانات فرانسا وحفدة الجنرال دوغول الذي ترك وراءه من ينفذ أفكاره بأريحية وغباء لا نظير له ...
ففي أي شيء يخطط حفدة الجنرال دوغول لمواجهة المغرب الذي ظهر أنه قد فرض نفسه كدولة له استراتيجية توحد ولا تفرق ، وتشارك على أساس رابح رابح ، وتربح وتقتسم مع الشريك ما تربحه على قلته وتواضعه ولكنه ربح خالٍ من الخسة والدناءة وأساليب المؤامرات والدسائس ... وكما قلت سابقا يجب أن نحاسب الخونة الحاكمين في الجزائر على تريليونات الدولارات التي ضيعوها طيلة 56 سنة وليس ذر الرماد في الأعين بالمطالبة فقط بـ 1000 دولار وأين ذهبت في عهدات بوتفليقة ، فقد تكون في جيب أحد هؤلاء الذين يصرخون اليوم في أحدى أجهزة الصرف الصحي في الجزائر ويطالبون بمحاربة الفساد في الجزائر وهو أفسدهم ...
فهل الجزائر اليوم ونحن في بداية 2018 وهي تعاني من نتائج كل أنواع الفساد طيلة 56 سنة وعلى جميع الأصعدة : الغموض بل الظلام السياسي المهيمن على البلاد ، والانهيار الاقتصادي ، وبوجود مؤسسات شكلية لا تستطيع أن تتابع من سرق دولة الجزائر بكاملها ، فهذه المؤسسات هي التي تخاف من الفاسدين المفسدين ، فهل دولة هذه هي حالتها تستطيع أن تتحمل عواقب حرب البوليساريو مع المغرب ؟
ربما قد يعيد عسكر الجزائر منطق حرب الرمال عام 1963 بإطلاق صرخة أخرى ( المراركة حكرونا ) حتى يجتمعوا على ظلالهم – مرة أخرى - من أجل مَحْوِ فساد وسرقة أموال طائلة طيلة 56 سنة ، وليبدأوا قرنا آخر من اللصوصية ... من يدري فهم كابرانات فرانسا يستطيعون فعل أي شيء لأنهم من نسل الاستعمار !!!
سمير كرم خاص للجزائر تايمز