محمد كادو.
يعتبر الزي التقليدي المغربي أساس التراث الشعبي الذي لازال المغاربة يحاولون الحفاظ عليه منذ القدم و إلى اليوم،و ذلك من خلال تشبثهم بمختلف الألبسة التقليدية، خاصة في الأعراس و المناسبات الدينية، إذ تعد جزءا لا يتجزأ من التراث المغربي، و الذي يعتبر واحدا من المقومات اللازمة لتشييد الحضارة و تطورها،فهو أداة تعريف الأمم و رمز لتميزها و تفردها عن باقي الشعوب.
ويتفاوت تعامل الشباب المغربي مع الموضة “الغريبة و الدخيلة على مجتمعنا” في اللباس التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة، فهناك من صار لديه إتباع هذه الموضة بمثابة هوس حقيقي يعيشه كل يوم، وهناك من يعتبرها أمرا عاديا يتبع تطور الزمان، في حين أن آخرين يرونها تقليدا أعمى وتفسخا للهوية المحافظة للمجتمع و تهميشا مقصودا للباس و التراث المغربي.
و أوضح”فؤاد بلمير “الباحث في علم الاجتماع في اتصال مع موقع”نون بريس“،أنه في كل مرحلة من المراحل التي تعيشها المجتمعات،تظهر موجة من الموضات الجديدة كالتي ظهرت في الستينيات و السبعينيات، و لا يمكننا أن ننكر أن العالم اليوم تحول بشكل كبير جدا،مشيرا إلى أننا نعيش اليوم داخل مجتمع المعرفة و الإعلام و التقنيات الجديدة للاتصال التي أصبحت معها المعلومة متوفرة في الزمن الفعلي، فلم نعد نحتاج إلى الإنتظار من أجل نزول الموضة بمطار محمد الخامس كما في السابق،و هذا لا يقتصر على المغرب فحسب بل على مجموعة كبيرة من البلدان،حيث تحولنا إلى نمط جديد للحياة يسمى “الطريقة الأمريكية” للحياة بما فيها الوجبات السريعة و طريقة اللباس و الموسيقى و أنماط كثيرة من الحياة.
و أضاف “الباحث في علم النفس” أن الشباب المغربي فقد القدوة و المرجعيات و العلامات المميزة،من مفكرين و باحثين و علماء، حيث حولوا اهتماماتهم نحو الماركات العالمية الشهيرة و الممثلين الغربيين و نجوم كرة القدم و المغنيين،حيث يعرفون عنهم كل صغيرة و كبيرة، في حين لو سألتهم عن أحد المبدعين أو المفكرين لن يستطيعوا الإجابة عنهم و سيقفون مثل الأصنام الجامدة.
وختم “بلمير” قوله،بأن المجتمع المغربي اليوم يعيش تحولا كبيرا مصحوبا بمجموعة من المظاهر و الظواهر التي زادت من استفحالها التقنيات الجديدة للاتصال و الإعلام،فأصبح كل من هب و دب يستطيع نشر ما يشاء وقت ما يشاء على صفحات التواصل الاجتماعي،الشيئ الذي يزيد من تفاقم هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا المغربي، و التي تعتبر موجة تأخد وقتها فقط،مشيرا إلى أنه لا خوف على بلد له تاريخ مثل المغرب له ثقافته و حضارته و تاريخه العظيم.
في حين،اعتبر “مبارك العلمي”أستاذ جامعي متخصص في علوم القرآن و البلاغة، أن الله من على عباده في سورة الأعراف بقوله تعالى:” يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ” ، و بالتالي ينبغي أن نطيع رب العباد فيما قال، فالثوب للرجل و المرأة يجب أن يكون زينة، ولكن بشرط أن يكون ساترا غير مجسم أو كاشف وواسعا غير مُضيق، و هو ما نجده في اللباس المغربي القديم.
و أوضح “العلمي” أن الخالق أعلم بأحوالنا و بما يفتننا في ظل الموضة الجديدة التي غزت المجتمع المغربي، فتجد اليوم المرأة تمشي في الشارع و كأنها معرض للفتن،ضاربة بذلك تعاليم الدين الإسلامي عرض الحائط و منساقة وراء سراب من الوهم،و هذا حكم الله الذي لا يقبل الجدال أو النقاش،كما نجد أنواعا من الشباب يتبعون قصات شعر و يرتدون ملابس بعيدة كل البعد عن الفطرة التي خلقنا الله عليها و عن الوروث المغربي الأصيل و عن تعاليم الدين الإسلامي.
وفي السياق ذاته، ختم “الأستاذ الجامعي” كلامه بقوله: نسأل الله ألا يآخدنا بما فعل السفهاء منا، و نرجوا لهم الهداية و التوبة و الرجوع إلى الطريق المستقيم.