لليوم السادس على التوالي، يواصل الشعب الايراني انتفاضته في طهران وعشرات المدن، رافعاً شعارات “الموت لخامنئي”، و”اخجل يا خامنئي واترك الحكومة”، في الوقت الذى شهدت فيه كثير من المدن مواجهات عنيفة بين المواطنين وأفراد الحرس .
ومع تزايد وتيرة الاحتجاجات وفى انفصال واضح عن الواقع، واصلت السلطات إنكار الواقع المنتفض ضد فساد وديكتاتورية النظام، الماضية فى طريق دعم الاهارب ونشر الطائفية باستخدام الميليشيات المناطقية فى العراق وسوريا واليمن . محاولة يائسة :
وتأتى تصريحات خامنئي وغيره من المسؤولين فى النظام الإيراني كمحاولة يائسة لرسم صورة مغايرة لواقع الاحتجاجات ضدهم، من خلال شيطنة المحتجين واتهامهم بالعمالة لجهات خارجية، ووصفهم بـ”مثيري الشغب”.
ونقلت وكالات الأنباء على مدار الأيام القليلة الماضية صور المحتجين فى الشارع خلال حرق صور خامنئي فى مشهد نادر منذ ثورة 1979.
وأكد شهود عيان وناشطون إيرانيون، ، إطلاق نار كثيف في شارع “ولي عصر” في قلب العاصمة طهران بالقرب من منزل خامنئي.
واتجهت حشود المتظاهرين نحو بيت خامنئي الواقع في شارع باستور؛ وسط انتشار كثيف لقوات الأمن والحرس الثوري في الشوارع المؤدية للمنزل، في محاولة لمنع أي متظاهر من الوصول إليه، واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي.
وفي تطور خطير أضرم المحتجون، النيران فى 4 مراقد دينية لأبناء أئمة بمدينة سواكده شمالي البلاد، بحسب وكالات أنباء إيرانية، مع مواصلة الاحتجاجات فى مدن إيرانية، وهاجم متظاهرون مركزا للشرطة فى بلدة “قهدريجان” وحاولوا الاستيلاء على أسلحة من داخله ما أسفر عن مقتل 6 منهم. ما أدى إلى ارتفاع حصيلة القتلى منذ بدء المظاهرات الاحتجاجية إلى 23 شخصا على الأقل
فيما كشف تقرير مسرب عن اجتماع المرشد الإيراني علي خامنئي مع القادة السياسيين ورؤساء قوات الأمن مؤخراً، أن الاحتجاجات أضرّت بمختلف القطاعات في البلاد، وأنها تهدد أمن النظام ذاته.
وأظهر التقرير الذي يضم خلاصة اجتماعات تمت حتى 31 ديسمبر الماضي، أن الأوضاع يمكن أن تتدهور أكثر، وأن الأمور باتت معقدة للغاية، وتختلف بشكل كبير عن أي أحداث مماثلة وقعت في السابق.
وأشار التقرير الذي وصل إلى المجلس الوطني وتُرجم من الفارسية إلى الإنجليزية، أن الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 6 أيام، أضرت بكل قطاع من قطاعات اقتصاد البلاد، وتهدد أمن النظام.
وتَحَدّث التقرير، الذي نشره موقع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، عن ضرورة إيجاد مخرج لهذا الوضع، الذي وصفه التقرير بأنه “معقد جداً ومختلف عن المناسبات السابقة”؛ حيث طلب من رجال الأمن والسياسيين منع تدهور الأمور أكثر فأكثر.
ويُظهر التقرير المسرب خشيةَ القادة الإيرانيين من تحوّل مطالب المتظاهرين من اقتصادية إلى سياسية؛ لا سيما مع رفع المتظاهرين شعارات سياسية من بينها “الموت للديكتاتور”؛ في إشارة إلى خامنئي.
ارتفاع عدد القتلى :
وفي ما يشبه الترهيب للمتظاهرين، لوحت طهران بعقوبة الإعدام في وجه المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع منذ الخميس الماضي.
وحذر رئيس المحكمة الثورية من أن المحتجين المعتقلين قد يواجهون قضايا عقوبتها الإعدام عندما يحاكمون، وفقا لتقارير إخبارية متداولة.
ونقلت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن موسى غضنفر أبادي قوله ” إن بعض المحتجين سيحاكمون قريبا بالاعدام
وقتل 23 شخصا على الاقل خلال الانتفاضة التي اندلعت شرارتها الخميس الماضي شرقي البلاد، فيما أصيب العشرات، كما اعترفت السلطات رسميا باعتقال نحو 500 شخصا لكن المعارضة تتحدث عن تقديرات أعلى بكثير.
ويعاني نحو 12 مليون من الإيرانيين من الفقر المطبق فيما يرزح 33 مليونا تحت رحمة الفقر النسبي وتصل نسبة البطالة 12% من عدد السكان البالغ 80 مليون نسمة.
تحذير :
وأطلق باحثون إيرانيون تحذيرات حول الأوضاع داخل إيران، خصوصا مع ارتفاع سقف مطالب المظاهرات المتنامية في المدن الإيرانية التي اندلعت بسبب سياسات الملالي الفاشلة في إدارة الملفات الاقتصادية، وانفاق الاموال في دعم المليشيات الأمر الذي أدى إلى وضع جموع الإيرانيين في أوضاع معيشية مزرية.
وحملت التحذيرات إشارة إلى حالة الخوف التي يعيشها النظام الإيراني من المظاهرات العارمة، الأمر الذي دفع بالنظام لقطع وسائل الاتصال والإنترنت خوفا من تفشي المظاهرات بوتيرة أكثر سرعة مما هي عليه حاليا.
ويقول الباحث الأمريكي من أصل إيراني فرناز فاصحي إن المظاهرات ستبقى لفترة طويلة نسبيا نتيجة عدم استجابة الحكومة الإيرانية للمطالب الشعبية، حيث تطور الأمر إلى مطالبات بإسقاط النظام نفسه بعد يومين فقط من اندلاع المظاهرات بمدينة مشهد الإيرانية.
ويضيف فاصحي أن النظام الإيراني عمل على قطع وسائل الاتصال لضمان عدم انتشار حالة الاستياء من الحكومة بسبب السياسات الفاشلة التي وضعت الملايين من الإيرانيين في حفرة الفقر.
خوف النظام الإيراني من الشعب امتد لعقود عديدة، حسب المحلل الإيراني علي رضا إشراقي، حيث إن التركيبة الثقافية والاجتماعية الإيرانية عانت لعقود عديدة من الإجراءات الاقتصادية التقشفية والخانقة منذ تنصيب الملالي نفسه كحاكم لإيران، الأمر الذي جعل حالة السخط الشعبي متراكمة، حيث انفجرت عام 2009 وسط وعود بالإصلاح، إلا أن هذه المرة تريد الحشود إسقاط الملالي لأن الجميع يعلم أن النظام لن يفعل شيئا لهم.
ويضيف إشراقي أن الغالبية العظمى من الإيرانيين تشعر بالغضب بعدما ظهرت بوادر الثراء الفاحش على العديد من أتباع نظام الملالي، في حين أن الغالبية العظمي تعاني من شظف العيش وسوء الخدمات والبنية التحتية.
ويرى ماظيار باهاري، محلل موقع “إيران واير” أن الشعب الإيراني تعلم بعد 40 عاما تحت حكم الملالي أن يرفع صوته بشكل سلمي عن طريق المظاهرات التي تستفز النظام للتمزق داخليا، وتوجيه أصابع الاتهام لما يدعون أنه “عمل تخريبي خارجي”، إلا أن الملالي وأذرعه يعلمون جيدا أن الخطر الكامن على مناصبهم ينبع من أصوات الجماهير التي تطالب بإسقاط الملالي وعصابته.
الجدير بالذكر أن زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي طالبت جميع دول العالم باشتراط علاقاتها مع النظام الحاكم في إيران بوقف قمع المتظاهرين ورفع القيود على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
كما طالبت رجوي، في تغريدات على موقع “تويتر”، الأمم المتحدة بالعمل في أسرع وقت لوقف النظام الحاكم في إيران عن قتل المواطنين الإيرانيين في مدن إيذه وتويسركان ودورود.
العالم يندد :
وأعلن المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن بريطانيا تدعو إيران إلى بدء نقاش جدي حول القضايا التي أثارها محتجون ضد النظام.
وأضاف: “نرى أنه يجب أن يكون هناك نقاش جدي حول القضايا المشروعة والمهمة التي يثيرها المحتجون ونتطلع إلى سماح السلطات الإيرانية بذلك”.
وفى وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إن القضايا التي أثارها المتظاهرون المحتجون في إيران “مشروعة ومهمة”
وأكد جونسون ضرورة احترام حرية التعبير، والحق في التظاهر السلمي، بعد استمرار المظاهرات في شوارع المدن الإيرانية ضد فساد وديكتاتورية النظام.
ودعا رئيس مجموعة أصدقاء إيران حره في البرلمان الأوروبي جيراردبيره الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية إلى الإعراب عن تضامنهم مع الانتفاضة
وجاء فى بيان اصدره جيرار دبيره : اني نيابة عن المجموعة أحيي الشعب الإيراني الذي احتج على الغلاء وظروفه المعيشية المؤلمة.
واضاف : "نسعى أنا وزملائي في البرلمان الأوروبي جاهدين لإيران حرة".
وكتب السيناتور الاميركي ليندسي غراهام أحد الجمهوريين عن ولاية كارولينا الجنوبية في حسابه على تويتر قائلا: لقد أظهرت الاحتجاجات في إيران أن سياسة أوباما قد فشلت.
وأكد فى برنامج سي بي اس قائلا : ترامب عليه أن يعرض مواقفه على مستوى البلاد وليحدد كيفية تحسين شروط الاتفاق النووى. يظهر دونالد ترامب شعوره بالتضامن عبر تغريداته مع الشعب الإيراني. ولكن لا يمكنك فقط أن تغرد. يجب أن يكون لديك برنامج.
وكالات