أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرارا بترسيم السنة الأمازيغية، وإلى القراء الحقائق مستمدة من كتب التاريخ :
لم توجد في التاريخ السنة الأمازيغية، وإنما ابتكرت في الربيع البربري بتيزي وزو سنة 1980 ، هم يزعمون “أن الملك ششنق الأول الأمازيغي الأصل هو الذي أوقف وهزم رمسيس الثالث في معركة حاسمة بمنطقة الرمشي، قرب مدينة تلمسان بغرب القطر الجزائري الحالي طبعا،. وأن عاصمة ششنق هي تافرسة على مسافة 60 كيلو متر من تلمسان طبعا..” ومعنى هذا أن رمسيس غزا المغرب العربي ووصل تلمسان، فتصدى له ششنق وساقه بعصاه على مسافة أكثر من 4000 كيلو متر حتى مصر الفرعونية حيث سيطر عليها وجلس على عرشها. والحقيقة تقول أن رمسيس سبق ششنق بأكثر من قرنين، فقد حكم رمسيس الثالث سنة 1183 قبل الميلاد، بينما حكم ششنق الأول سنة 950 ق. م . ويقولون “بأن السنة الأمازيغية أقدم من التقويم الميلادي ومن التقويم الهجري ، وتحمل السنة الجارية ـــ وفقهم ــ تاريخ 2967 ، أي أنها تبدأ سنة 950 قبل الميلاد السنة التي جلس فيها الفرعون ششنق الأول على عرش مصر. وإذا قمنا بعملية حسابية وجدنا ما يلي: 950+2017 =2967، وهم يلحون على اعتمادها رسميا كعيد يعطل فيه العمل، وقد اعتمدت فعلا السنة الجارية 2017 . ووفقا لهذا التقويم فإن تاريخ ميلاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليس سنة 1937 ميلادي وإنما سنة 2887 أمازيغي.
قصة ششنق الفرعون الحقيقية كما يلي:
هو ينتمي إلى قبيلة الشواش التي كانت مقيمة على شط (أي البُحيرة) الجريد بالقطر التونسي الحالي، وعندما عم الجفاف هاجرت إلى دلتا النيل واستوطنت هناك، وبعد عقود ظهر قائد عسكري منها اسمه ششنق مولود بمصر، ولنترك المؤرخ المصري رشيد الناضوري يفصل ذلك فيقول: “وقد تمكنت العناصر الليبية البربرية المستقرة في أهناسيا بالفيوم في مصر والتي تسميهم النصوص المصرية بالتّحنو ، من تقلد وظائف هامة في هذا الإقليم حتى ظهرت شخصية قوية فيها هو شخصية ششنق الأول، الذي تمكن من الوصول إلى عرش مصر، وتأسيس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين وذلك سنة 950 قبل الميلاد. وكان قبل وصوله للعرش يحمل لقب رئيس المشاوش العظيم وهي تسمية ترجع في أصلها إلى منطقة شط الجريد جنوبي تونس. وقد دعم ششنق مركزه في حكم البلاد بتزويج ابنه من ابنة آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين المصرية في تانيس، وبهذه الطريقة أوجد لأسرته حقا شرعيا في الوصول إلى عرش الفراعنة، ولم تكن كل من الأسرتين الليبيتين في تاريخ مصر القديم الثانية والعشرين والثالثة والعشرين أجنبية بمعنى الكلمة، بل لقد تأثرت هذه العناصر البربرية بالحضارة المصرية المتفوقة في ذلك الوقت بالنسبة إليهم، مع الاحتفاظ ببعض العادات البربرية”[1]
واستمرت أسرة ششنق تحكم مصر الفرعونية أكثر من قرنين على رأس الأسرتين 22 و 23 ، وبعض المؤرخين يذهب إلى الأسرة الرابعة والعشرين أيضا. يقول المؤرخ الأمريكي وليام لانغر: “شوشنق أحد رؤساء الليبيين الذين قاموا بدور هام منذ زمن في الدلتا. أسس أسرة ليبية 22 وعاصتها بوبسطة،
أصبح الأمراء الليبيون كهنة لأمون بطيبة”[2]
وقصة ششنق تؤكد وجود حوض حضاري وليس عرقيا يمتد من المحيط الهندي بسواحل سلطنة عُمان، وحتى شواطئ الأطلسي بموريتانيا، وكان تداخل بشري بتم بصورة دائمة بين سكان هذا الحوض. وهذا يؤكد أن التجمع البشري الذي يقيم في هذا الحوض ينتمي إلى أصل حضاري واحد منذ ما قبل التاريخ. فسلاح الفرسان للجيش الفرعوني كان يتألف من الفرسان الأمازيغ. وتنقلت عبر القرون قبائل أمازيغية التي كانت تسمى اللوبية أو الليبية فأقامت بدلتا النيل.
يناير هو عيد للفلاحة بالمغرب:
مناسبة يناير هو عيد للفلاحة بالمغرب العربي كله، يحتفل به المغاربيون تفاؤلا بمجيء سنة زراعية جيدة، يحتفل به العرب والناطقون بالأمازيغية على حد سواء، وهذا لا ينكره أحد. لكن ربطه بالسنة الخاصة بالأمازيغ وبهزم الأمازيغ لرمسيس ولجيشه هذا هو الكذب بعينه.
وإلى القراء المعلومات التالية حول عيد يناير الفلاحي من مصادرها التاريخية:
فحتى بمنطقة القبائل ،وقبل ما يسمى بالربيع البربري سنة 1980، كان الاحتفال بها خاليا من أي صفة عرقية قبائلية، فالأب داليه J.M.Dallet صاحب أهم قاموس للقبائلية يورد في مادة [يناير Yennayer ] ما يلي : ” أول شهر من التقويم الفلاحي الشمسي، تقويم جوليان ، أول يوم من هذا الشهر يقوم فيه الناس بتناول شربة يناير على لحم قرابين الديوك أو الأرانب. ويدخل هذا اليوم ضمن ما يسمى بأيام العواشير، التي تعتبر قبل كل شيء أياما دينية إسلامية، من التقاليد المتداولة مقولة قبائلية تقول: إن الماء الذي ينزل في يناير ينغرز في وهج حرارة غشت، أي أوت ــ أغسطس [ 3 ]
ولم يذكر داليه أية إشارة أمازيغية. فقذ سألتُ سيدة من مدينة البيّض سيدي الشيخ الجزائرية وهي عربية ـــ تقول أنها من سلالة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ـــ فقالت لي بأنهم يعدّون الشرشم أي القمح المطبوخ ويأكلونه حتى تأتي السنة بالصّابة، أي بمحصول قمح جيد،. كما تُقسَم رمانة على أعضاء الأسرة. والرمانة عادة عروبية كنعانية فينيقية رمز للخصوبة الزراعية، فرونيه باسيه R.Basset يقول “لقد علّم القرطاجيون البربر الزراعة، فالبربر يكسرون الرمانة على مقبض المحراث، أو يدفنونها في أول خط للحرث، تفاؤلا بأن سنابل الحبة المبذورة ستأتي كثيرة بعدد حبات الرمانة، وهي عادة مستمدة من ثقافة قرطاج، فالرمانة عندها رمز للخصوبة”[4]
كل هذا يشير أن يناّير عادة مغاربية بعيدة عن العرقية. مرتبطة بالأرض والزراعة وبخاصة زراعة القمح. تستبشر بشهر ينار الذي يأتي بالماء من خلال ثلوجه وأمطاره، فينبت الزرع ويدرّ الضرع، فتأتي الغلال وفيرة ويعيش الناس في رخاء. هذا هو يناير الحقيقي لا يناير الربيع البربري.
كتب بتفصيل المستشرق الفرنسي Ed.Destaing في بداية القرن الماضي مقالا طويلا عنوانه “ينّاير عند بني سنوس″ وهم مجموعة من الأمازيغ جنوب غربي تلمسان. نشرها في المجلة الإفريقية R.A، واستهلها بخمس صفحات تروي بلهجة بني سنوس البربرية وبالخط العربي احتفالات يناير، خلاصتها كما ثبتها الكاتب في جمل عربية كتبها بنص المقال الفرنسي ، نورده بنصها فيما يلي:
“يوم نفقة اللحم.. يوم نفقة الكرموس.. إنهم يجمعون في مساء بداية اليوم ورق الشجر الأخضر على أنواعها حتى الريحان والبرواق وبوقرعون والخرّوب والسانوج والكروش والدرياس والعرعار، وينشرونه على سطوح المنازل حتى تأتي السنة خضراء.. في ندرومة يأكلون في اليوم الثاني رؤوس الغنم ويقولون: من ياكل في ينّاير راس يبقى راس، أي يبقى إنسان عال.. في تلمسان يعدّون شربة لحريرة بالكروية وهم يقولون: شهّد يا الكروية ما تموت شي يهودية..وتعد النساء الشرشم أي القمح المطبوخ وهن يتغنين بالبيتين:
كل الشرشم لا تتحشّم* ربي عالم ما دسّينا شيْ
قم تسلّف لا تتهوْرف * قاع الحلّه ما فيها شيْ
ويتردد طلبة القرآن على البيوت طالبين الأكل في هذا اليوم وهم يرددون لا إله إلا الله، والبيتين:
هذا الدار دار الله * والطلَبة عْبيد الله
عمروها وثمّروها * بجاهك يا رسول الله
وإذا لم يتلق الطلبة شيئا يرددون: المسمار في اللوح، مول الدار مذبوح، شبرية معلقه، مولاة الدار مطلقه.. وتكتحل النساء عيونهن بالكحل.. وإدا سقط سن صبي في هذا اليوم تردد أمه: يا سنينه يابنينه، تخرج لوليدي سنينه، بجاه مكة ومدينه، ورجال الله كاملين” [5]
ويلاحظ أن الأقوال التي تردد في هذا اليوم ، كما أوردها هذا المؤرخ الفرنسي مطبوعة بالطابع الإسلامي.
هذا الكلام برهان على أن الأمازيغ ينتمون إلى أصل واحد هو الأصل العروبي القديم الذي سمي خطأ يالسامي. معنى هذا أن الأمازيغ حكموا مصر الفرعونية قرنين كاملين، ساهموا في الحضارة المصرية القديمة وصاروا شركاء فيها، اندمجوا فيها وصار منهم كهنتها. ومعبد الكرنك بمصر شاهد على ذلك فهو يضم أكثر من عشر مسلات تمثل هاتين الأسرتين الأمازيغيتين، أسوة بالتقليد الملكي الذي يلزم كل أسرة حكمت مصر تخليد ذكرى أمرائها بنصب مسلات تمثلهم في معبد الكرنك.
معنى هذا الكلام أن خريطة الوطن العربي كانت تمثل وحدة جغرافية وبشرية منذ آلاف السنين، وأن الأمازيغ قد ساهموا في بناء الحضارة الفرعونية الراقية بواسطة ششنق وأعقابه، متجاوزين ما وصفهم به المؤرخون اليونان والرومان بأنهم كانوا مجرد قادة جيوش وحروب بعيدين عن البناء الحضاري. وأن تبادل الهجرات كان يتم بهذا الحوض الحضاري من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق بشكل طبيعي. جاءت هجرات قحطانية عرب عاربة من اليمن السعيد قبل آلآف السنين وكوّنوا التجمع الأمازيغي بشمال إفريقيا والصحراء بعد أن ذاب عنه الجليد، وزحف الجفاف على الجزيرة العربية. وتحركت القبائل الأمازيغية في الألف الثانية قبل الميلاد من الغرب إلى الشرق وسكنت دلتا مصر وحكمت مصر الفرعونية وساهمت في حضارتها بالقرن العاشر قبل الميلاد. وجاء الفينيقيون العرب من بلاد الشام بالألف الثانية قبل الميلاد وساعدوا إخوانهم الأمازيغ في الخروج من العصور الحجرية، وأدخلوهم التاريخ. “ونقلوا لهم أساليب زراعية وصناعية كانت سائدة بالمشرق، كصناعة الزيت من الزيتونة التي كانت شجرة برية غير مستأنسة بالمغرب قبل مجيئهم، وكذلك غرس شجرة التين” كما أورد روني باسيه [6]
وفي القرن السابع الميلادي جاء من المشرق العرب المستعربة بالرسالة الإسلامية واندمجوا بإخوانهم الأمازيغ العرب العاربة. وفي القرن العاشر الميلادي توجه جيش فاطمي يتكون من مائة ألف جندي من قبيلة كتامة الأمازيغية ففتحوا مصر ، وساهموا في بناء القاهرة والأزهر الشريف، وتزوجوا بمصريات وساهموا في تكوين المجتمع القاهري. وهاجرت قبائل بني هلال من اليمن وتنقلوا على امتداد عشرات السنين حتى وصلوا صعيد مصر، ومنه هاجروا إلى المغرب العربي بالقرن الحادي عشر الميلادي واستقروا فيه ، وكونوا مع إخوانهم الأمازيغ القحطانيين النسيج الاجتماعي العربي المسلم.
إذن فقد كان دور ششنق الأول وأعقابه وحدويا يجسد وحدة الوطن العربي مشرقا ومغربا، هاجرت قبيلته الشواش من الجريد بتونس هروبا من الجفاف واستقرت بدلتا النيل حول بحيرة قارون، وبعد عقود ظهر قائد عسكري منها مولود بالدلتا المصرية اسمه ششنق دعمه كهنة مصر فصار فروعن مصر سنة 950 قبل الميلاد وأنقذ مصر من سقوطها بين أيدي الأحباش. ويأتي البربريون ليجعلوا تاريخ علوّه عرش مصر بداية ما يسمى عندهم يالسنة الأمازيغية. أي أنهم حولوا المناسبة من عنصر وحدوي إلى عنصر انفصالي عدواني. ولم تكن هذه السنة معروفة قبل ما يسمى عندهم بالربيع البربري في سنة1980 .
الخلاصة: نحن لا ندري هل ترسم السنة كسنة فلاحية، أو كسنة أمازيغية تبدأ سنة 950 قبل الميلاد؟؟؟
الدكتور عثمان سعدي