درس علماء النفس والاجتماع موضوع مصادر "الحكمة الحياتية" ومن الذي يتميز فيها بين شرائح المجتمع المختلفة.
ووجد فريق من الباحثين الكنديين من جامعة واترلو أن "الحكمة الحياتية" لا تأتي مع مرور الوقت ولا حتى من "الفكر المجرد" بل من المركز الاجتماعي للشخص، فهذه الحكمة تظهر في كثير من الأحيان لدى ممثلي الطبقة الاجتماعية الوسطى والدنيا من المجتمع أكثر من أصحاب الطبقة العليا.
وقد اعتبر الفريق العلماء بقيادة إيغور غروسمان، أن مؤشر "الحكمة الحياتية" مرتبط بقدرة الناس على عدم الانحياز في حل أي مشكلة يواجهونها وإمكانية النظر إليها من مختلف زواياها.
وأجرى أصحاب هذه الدراسة بحثا إحصائيا نفسيا لـ 2145 شخصا من سكان الولايات المتحدة عبر الإنترنت، طلبوا منهم تذكر الخلافات الأخيرة التي حصلت معهم في البيت والعمل ومع الأصدقاء، مجيبين على 20 سؤالا ينطبق على هذه الحالات النزاعية، بما فيها سؤال: هل حاولت النظر من وجهة نظر الخصم؟ وهل كنت تعترف بأخطائك إذا وجدت نفسك مخطئا؟.
واستنادا إلى نتائج الاستبيان، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين بحسب المعيارين التاليين: حكمة المنطق والوضع الاجتماعي (يحدد حسب مستوى التعليم والحالة المادية).
وبعد دراسة الأجوبة، اتضح أن المشاركين الأكثر فقرا كانوا أقرب بكثير من الحكمة المنطقية، لأنهم نظروا إلى المشاكل ليس من وجهة نظرهم فحسب، بل وضعوا أنفسهم مكان الشخص المقابل (الخصم).
وخلص الباحثون بعد تحليل الإجابات إلى تميز ممثلي الطبقات الاجتماعية الدنيا في المجتمع بحكمة حياتية أكبر من ممثلي الطبقتين الوسطى والغنية، وليس لمستوى الذكاء العام أي علاقة بـ (الحكمة الحياتية).
وأشار إيغور غروسمان إلى أن هذه النتائج ليست مستغربة لأن من يملك مستوى عال من الذكاء لا يهتم عادة في حل المشكلات الحياتية، فالأغنياء وممثلوا الطبقة الوسطى يركزون في أغلب الأحيان على أنفسهم ونجاحاتهم الخاصة لأنهم (أنانيون). أما الناس الأفقر أو كما يسمونهم بذوي الدخل المحدود، فيكونون أكثر انفتاحا على المجتمع ويولون الآخرين اهتماما أكبر، لأنهم عندما يواجهون مشكلة يحاولون حلها بأكثر الطرق سلمية وودية، فهم لا يستطيعون السماح لأنفسهم حتى بتحمل تبعيات الخسائر مهما كان نوعها.