تحدث محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن إعادة فتح الحوار مع المعتقلين السلفيين الجهاديين، الذي اعتبره ضرورة لحل ملف السلفية الجهادية. ظهرت لنا أسئلة كثيرة حول الموضوع: ما دخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الملف؟ بأي آليات سيدخل المجلس الحوار؟ وهل ذمته بريئة في اعتماد الموضوعية خصوصا وأن التقارير التي أنجزها حول معتقلي الحسيمة ونواحيها كانت مخدومة؟ هل يمتلك القدرة على محاورة الجهاديين؟
هذا يسمى عند المغاربة "دخول الصحة". أي أن المجلس يحاول دخول موضوع ليس من اهتماماته ولا من اختصاصه ولا من أجله تم خلقه ولا دسترته. من اختصاصات المجلس رعاية تنفيذ القانون بما يحفظ الحقوق للمدانين، لكن لا دخل له في القوانين ولا فيما يصدر من أحكام، وله الحق في إبداء رأيه أثناء المناقشات، لكن مهمته الرئيسية هو حماية حقوق المدانين أثناء تنفيذ محكوميتهم.
أقصى ما يمكن أن يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ملف السلفية الجهادية، هو التدخل لضمان عيشهم في المؤسسات السجنية وفق المعايير القانونية ومراقبة مدى مطابقتها لما هو متوفر دوليا في هذا المجال، والنظر في تظلمات السجناء الجهاديين حول أوضاعهم في السجون.
لدينا سؤال نطرحه على الصبار: ما الفرق بين سجين سلفي جهادي وسجين يمضي عقوبة تتعلق بالمخدرات؟ ما الفرق بين سجين تكفيري وسجين قاتل؟ داخل السجن الكل يقضي عقوبات حبسية لأنهم ارتكبوا جرائم في حق المجتمع والأفراد. فلماذا لا يتدخل الصبار للحوار مع سجناء الحشيش؟ أليسوا أصحاب أموال ويمكن أن يتوبوا ويستثمروا أموالهم في مشاريع مدرة للدخل؟ أليس في تخصيص الإرهابيين بالحوار منحهم امتيازا ليس لغيرهم؟
منطقيا يمكن أن يكون الحوار مع جماعة الحشيش أهون ومجزيا من الحوار مع جماعة الإرهاب. بيع المخدرات مأزق اجتماعي بينما الإرهاب مأزق عقائدي. لكن الصبار يريد دخول بـ"الصباط".
إن الحوار العقائدي ينبغي أن يكون في المجتمع وعلى طول الأيام، ويقوم بذلك متخصصون ويشرف عليه المجلس العلمي الأعلى، في غياب الرابطة المحمدية للعلماء المهتمة بالندوات وإصدار المجلات التي لا تجد طريقها إلى القراء. أما السلفي الجهادي مثله مثل السجين من أجل جرائم أخرى.
هناك مسطرة العفو، التي تتم وفق ملفات تشرف عليها المندوبية العامة لإدارة السجون. لما تفتح حوارات مع السلفية الجهادية بخصوص ملفهم لا بخصوص أوضاعهم السجنية فأنت تمنحهم صفة المعتقل المتميز. مثل المعتقل السياسي مثلا. وهم ليسوا كذلك لأنهم اعتقلوا في إطار جرائم إرهابية وفق القوانين الجاري بها العمل.
بالإضافة إلى فقدان مصداقية المجلس نتيجة تقريره الملغوم حول الريف هناك قضية أخرى تجعل مما قاله الصبار مجرد مزايدة ومحاولة لدخول غير منطقي في ملف ملغوم لا يعرف عنه شيئا، وهذه القضية تتعلق بحالات العود، التي لم ينجز المجلس أي دراسة عنها، ولا نظن أنه يجهل أن عددا ممن خرجوا في إطار ما يسمى المصالحة أو أنهوا عقوباتهم ذهبوا إلى سوريا والعراق وهناك فجروا الآمنين. والقانون المغربي فريد في هذه النقطة حيث يعاقب العائدين.