يعتبر الجهاد في الدين الإسلامي من أعلى مراتب العبادة وتحظى ممارسته بهالة من القدسية والإجلال، وهذا ما عملت النصوص القرآنية والسنة النبوية على تأكيده وترسيخه في نفوس الرعيل الأول من المسلمين، ومجال الجهاد هو من المجالات التي يتقاطع فيها الديني بالدنيوي ويختلط فيها الثابت بالمتغير والنسبي بالمطلق، لأنه كمفهوم نظري يعتبر عبادة يتقرب بها إلى الله، لكنه كممارسة عملية هو سياسة وتدبير بشري يخضع للمصالح والأهواء الإنسانية التي تتغير بتغير المواقع والسياقات والرهانات .
ورغم ورود مصطلح الجهاد في القران والسنة بمضامين مختلفة ومتعددة كجهاد النفس والجهاد بالقران وجهاد طلب العلم أو إعطاءه مدلولا عاما يحيل إلى كل جهد يبذل في سبيل الله ،إلا أن التراث الفقهي الإسلامي ركز على الجهاد بمفهومه القتالي وعمل على تمجيده.
هذا النوع من الجهاد سيتم ممارسته وتوظيفه من أجل تحقيق أغراض دنيوية ومكاسب سياسية واقتصادية من طرف المسلمين، حيث سيتحول إلى غطاء ديني لتبرير وشرعنة الطموحات السلطوية وجميع التوجهات السياسية الهيمنية التي عرفتها الحضارة الإسلامية قديما وفي العصر الحديث .
أولا : الجهاد في خدمة التوسع الإمبراطوري العربي الإسلامي
مباشرة بعد وفاة الرسول(ص) بدأ مفهوم جديد للجهاد يتبلور في الفقه والثقافة الإسلاميين، أصبح يعرف بجهاد الطلب مقابل جهاد الدفع، والذي يعني عند الفقهاء إعلاء كلمة الله في الأرض وتصفية الأجواء من كل ما يحول دون انتشار دعوة الإسلام، وهذا يعني نشر دعوة الإسلام في جميع بقاع العالم وغزو الشعوب في أوطانها ولو اقتضى الأمر الإطاحة بالسلطة القائمة التي لا تدين بالإسلام . يقول "ابن القيم الجوزية" مبجلا هذا النوع من الجهاد الهجومي (وجهاد الدفع يقصده كل أحد ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعا ...وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين)[1]. وعلى نفس المنوال يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن "كل من بلغته دعوة الرسول "ص" إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب له، فانه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ". وفي موضع أخر يؤكد " أن أهل الكتاب والمجوس يقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون "[2].
هذه القراءة العدوانية التي وضعها كبار علماء المسلمين لآيات الجهاد، تلزم المسلمين بإعلان حرب مفتوحة ضد جميع الأمم غير المسلمة في جميع الظروف والأحوال، مؤسسين بذلك من حيث لا يدرون لمفهوم الحرب الكونية الشاملة أو بتعبير "توماس هوبس" حرب الجميع ضد الجميع .
كما أن المذاهب الفقهية الأربعة أجمعت على مشروعية جهاد الطلب واختلفت فقط في علته أي العلة المبيحة لقتال الكفار.
فإذا كان الأمر عند الفقهاء المسلمين على هذا النحو، فان جهاد الطلب لم يكن يعني عند السلالات الحاكمة منذ عهد بني أمية سوى طلب السلطة والجاه والنفوذ والخيرات التي تملكها الأمم غير المسلمة.
فقد عمد الحكام المسلمون إلى توظيف مفهوم جهاد الطلب الذي رسخه علماء الدين في الوعي الجمعي للمسلمين، في تعبئة جيوشهم وتجنيد المسلمين التواقين لنيل شرف الجهاد لخدمة أهدافهم التوسعية وطموحاتهم الاقتصادية، كما أنهم لم يقفوا عند إزاحة السلطة التي تعترض سبيل الدعوة كما تنص على ذلك أحكام الفقه الإسلامي، بل تعدوا ذلك إلى سبي النساء وقتل الرجال واستعباد الأطفال والاستيلاء على أموال وممتلكات الغير وثرواتهم وفعلوا ما فعل غيرهم من الشعوب بعيدا عن أخلاق الدين الإسلامي ومقاصده السمحة،فحرقوا ودمروا واهلكوا وفعلوا ما فعله غيرهم من الأمم البربرية والدول الاستعمارية كالمغول والتتار والصليبيون والرومان هذا في الوقت الذي تولى فيه الفقهاء والعلماء مهمة تعظيم هذه الانجازات وإيجاد السند الشرعي لها ووصفها بالفتوحات الإسلامية، في تناغم تام بين السلطتين الدينية والسياسية .
ومن الأمثلة التاريخية التي نسوقها عن همجية ما سمي بالفتوحات ما رواه "ابن كثير" في كتابه المشهور "البداية والنهاية " عن القائد الإسلامي "موسى بن نصير" حيث يكيل له المدح والثناء بسبب غزواته في بلاد الأندلس، فلندع ابن كثير يحدثنا عن انجازات هذا القائد العسكري (وكان موسى بن نصير هذا ذا رأي وتدبير وحزم وخبرة بالحرب وتولى إمرة بلاد افريقية سنة 79 فافتتح بلادا كثيرة ومدنا وأقاليم وقد ذكرنا انه افتتح بلاد الأندلس فسبى منها ومن غيرها خلقا كثيرا وغنم أموالا كثيرة جزيلة ومن الذهب والجواهر النفيسة شيئا لا يحصى ..ومن الغلمان الحسان والنساء الحسان شيئا كثيرا..).وفي موضع أخر يقول " وأمعن طارق في بلاد الأندلس فافتتح قرطبة وقتل ملكها "أدرينوق",وكتب إلى موسى بالفتح فحسده موسى على الانفراد بهذا بالفتح وكتب إلى الوليد يبشره بالفتح وينسبه لنفسه ,ثم سار إلى طارق مسرعا بجيشه فدخل الأندلس ...فأقام سنين في بلاد الأندلس ويأخذ المدن والأموال ,ويقتل الرجال ويأسر النساء والأطفال فغنم شيئا لا يحد ولا يوصف من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة"[3] . فلنتأمل كيف صار عند علماء الإسلام مقاتلة أمم مهادنة ونهب ثرواتهم وخطف أطفالهم، أعمال جهادية مقدسة وفتوحات دينية عظيمة إذا كان القصد من وراءها إعلاء كلمة الله .
وفي مقتطف من رسالة منسوبة لأمير المؤمنين هشام ابن عبد الملك احد ملوك الدولة الأموية إلى عامله في افريقية، يتجلى بوضوح الهدف الحقيقي الذي كان ينشده الحكام من وراء جهاد الطلب حيث مما جاء فيها : (وان أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى ابن نصير إلى عبد الملك بن مروان رحمه الله أراد مثله منك وعندك من الجواري البربريات المالئات للأعين ,الآخذات للقلوب..فتلطف في الانتقاء وتوخ أنيق الجمال )[4] وفي نفس السياق وفي عصر آخر من عصور التاريخ الإسلامي، يذكر المفكر السوري خالص جلبي في كتابه نقد الخطاب الديني مثالا أخر للانحراف الكبير عن منهاج الرسول (ص) والصحابة خلال الحقبة العثمانية، فيشير في قصة سقوط القسطنطينية، أن محمد "الفاتح" القائد العثماني عرض يومها على الإمبراطور "قسطنطين الحادي عشر"تسليم المدينة مقابل تهجير جماعي لسكانها وتوطينهم في اليونان، ما يذكر بفعلة "ستالين" مع التهجير الجماعي للشيشان، كما يشير إلى أن أول ما فعله الفاتح بأهالي المدينة المنكوبة أن وضع يده على أقدس مقدساتهم فدخل كنيسة "أيا صوفيا" فحولها إلى مسجد في عمل يتناقض مع ما فعله الفاروق عمر حينما دخل القدس على ظهر حمار ورفض الصلاة في كنيسة "القيامة" حتى لا يتخذها بعض صغار النفوس حجة للاستيلاء عليها وتحويلها إلى مسجد. ويخلص جلبي في النهاية إلى نتيجة مهمة وهي أن السيف الأموي في الأندلس والمدفع العثماني في البلقان يصلحان لتفسير انحسار الإسلام عن أوروبا، لأنه لم يكن على منهج النبوة بل اجتياحا عسكريا .[5]
هذه الأمثلة تعطينا فكرة عن حجم وفظاعة الجرائم التي ارتكبها المسلمون في حق الشعوب تحت ذريعة الجهاد لنشر الإسلام والتمكين للدين الحق أو الفتح الإسلامي، وهو الشعار الذي رفعته جميع السلالات الإسلامية الحاكمة من بني أمية وبنو العباس وبنو عثمان.
إلا انه ومن باب الإنصاف والأمانة العلمية ولكي نضع الأمور في سياقاتها الثقافية والتاريخية، لا بد أن نشير بعجالة إلى أن هذا الشكل من التوظيف السياسي للنص الديني لبلوغ مرام دنيوية عرفته تقريبا جميع المجتمعات والأمم على مر التاريخ، فمثلا غزو أمريكا من طرف الأوروبيين ما بين عام 1492 و1890 والذي تراوحت فيه أرقام الضحايا ما بين 15 و100 مليون[6] تم في غالب الأحيان باسم نشر المسيحية وتخليص البشر من العذاب الأخروي[7], كما أن الجرائم التي ارتكبها الأوروبيون في حق السكان الأصليين للبلدان المستعمرة سواء في إفريقيا أو أمريكا كانت بمباركة من الكنيسة [8] .
ويستشف مما سبق أن المسلمون ساروا من نفس الدرب الذي سارت منه الأمم، ولم يكن الجهاد لدى السلالات الإسلامية الحاكمة سوى أداة شحن وتعبئة اديولوجية لتحقيق طموحات توسعية بمنطق إمبراطوري، في عصر لم يكن قد نشا فيه قانون دولي ينظم العلاقات بين الدول في حالتي السلم والحرب، وكان قانون القوة السائد آنذاك يقضي بان الدول تتوسع وتتمدد في مجالها الحيوي المتاخم لها إلى أن ترتطم بقوة عسكرية ما، فيتوقف زحفها .
ثانيا : التوظيف السياسي للجهاد في العصر الحاضر
إن عقيدة الجهاد وفق هذا المفهوم ظلت حية في الثقافة والوعي الإسلاميين، حيث وجدت في كل عصر من يعيدها إلى الوجود بنفس الحماس والقوة لتحقيق المصالح والأهداف السياسية غير المعلنة، وهكذا و في عصرنا الحاضر تقوم جماعات الإسلام السياسي بشقيها المتطرف والمعتدل بإعادة إنتاج مفاهيم الجهاد بشكل أكثر تشوها من ما فعله الفقهاء القدامى كما سنرى لاحقا، حيث تعمل هذه القوى الاجتماعية على إكساب معركتها مع الخصوم طابعا عقائديا من خلال استثمار قدسية الجهاد واستخدام مفاهيمه الروحية في طريقها نحو بلوغ هدفها الاسمي الذي تحدده في إقامة دولة الخلافة الإسلامية .وسنقتصر في هذا البحث على دراسة الحركات الإسلامية التي تؤمن بالجهاد في بعده القتالي وتتبنى العنف كوسيلة للتغيير، أما الحركات الإسلامية المسماة معتدلة والتي تطرح مفهوم الجهاد أو التغيير السياسي السلمي[9] فلن تكون موضوعا لهذا البحث.
1ــ توظيف الجهاد لمواجهة الأنظمة السياسية أو العدو القريب
يقوم الخطاب الجهادي لدى التيارات السلفية الجهادية على أساس قراءات سطحية اختزالية للنصوص الدينية والتراث الفقهي الإسلامي، وذلك من خلال استحضار بعض آيات الجهاد وفتاوى الفقهاء القدامى وإسقاطها على الواقع المعاصر في تغافل عن الشروط التاريخية والسياسية التي أدت إلى ميلادها .
ويشكل" ابن تيمية" وهو عالم دين سوري عاش في القرن 13 م أحد المراجع الأساسية للتيارات التي تؤمن بالجهاد المسلح، وقد ورد اسم ابن تيمية في أول نص جهادي وهو كتاب "الفريضة الغائبة" "لمحمد عبد السلام فرج" مؤسس جماعة الجهاد سنة 1979, ويقصد "فرج " بالفريضة الغائبة الجهاد، حيث يرى أن المسلمون أسقطوه من الفرائض الدينية وهذا هو سبب ضعفهم , ومن هنا فهو يعلن موقفه الداعي إلى إعلان الجهاد ضد كل حاكم لا يلتزم بتطبيق الشريعة، مستندا في ذلك إلى فتوى شهيرة لابن تيمية في التتار أو "أهل ماردين" نسبة إلى ماردين التي كان يحكمها بعض التتار بعد أن أسلموا ولكنهم كانوا يطبقون عليها شريعة "الواسق" وهو كتاب "لجنكيزخان"، أي أنهم رغم إسلامهم كانوا يطبقون تشريعات بعيدة عن الدين الإسلامي. وبما أن الوضعية في عهد التتار حسب عبد السلام فرج مطابقة للوضعية في عهد السادات فانه يصبح تطبيق فتوى ابن تيمية فريضة دينية ينبغي واجبة في سبيل استرجاع دولة الخلافة القائمة على شرع الله، ومن هنا أفتى بقتل الرئيس السادات معتبرا إياه كافرا لأنه خرج عن تعاليم الإسلام وتحالف مع أعداءه [10].
هذا الطرح الجهادي الجديد الموجه ضد الأنظمة الحاكمة أو (العدو القريب ) ستتبناه العديد من التيارات السلفية في العالم العربي، حيث ستنتقل فكرة كتاب "الفريضة الغائبة " من حيز الفرد إلى حيز الجماعة لتتحول إلى عقيدة رسمية وخارطة طريق لمجموعة من الجماعات الدينية يسعى معتنقوها وأتباعها إلى التمكين المادي لها، وهو نفس المسار الذي تقطعه عادة عملية تشكل المذاهب والطوائف الدينية والمذهبية [11]، إلى أن هذه التيارات الجهادية ستعاني من حصار امني وستجد صعوبة في تجسيد مشروعها الجهادي على أرض الواقع[12]، ومع الاحتلال السوفيتي لأفغانستان ستجد هذه التيارات الجهادية فرصتها السانحة لفك الحصار المضروب عليها من الأنظمة الحاكمة وتنظيم نفسها والتنسيق فيما بينها، ففي سنة 1984 أفتى الشيخ السلفي الأردني "عبد الله عزام" بأن الجهاد فرض عين على كل مسلم إذا ما احتلت أي أراض مسلمة، كما كتب مقالته الشهيرة في أحد المجلات التي كانت تصدر في أفغانستان باسم "القاعدة الصلبة " حيث دعا فيها إلى تأسيس قاعدة للمجاهدين في أفغانستان ومنها جاءت تسمية تنظيم القاعدة [13]. وللتحريض على هذا الجهاد ألف "عبد الله عزام" بعض الكتب المحفزة على الالتحاق بأفغانستان يتم فيها التعرض لفضائل الجهاد والشهادة وما أعده الله للمجاهدين والشهداء من متع وملذات حسية (كالحور العين ووصيفاتهن ) يتم في الغالب التركيز على المتع الجنسية لما يشكله هذا الجانب من أهمية في تحريك النفس البشرية وتحفيزها خاصة بالنسبة لشباب نشئ في مجتمع يعاني من الحرمان الجنسي، ومن أبرز هذه الكتب التي ألفها عزام ,الكتاب المشهور "آيات الرحمن في جهاد الأفغان " الذي بالغ فيه بوصف كرامات المجاهدين التي انكشفت لهم أثناء المعارك، أو كتاب "عشاق الحور"الذي جمع فيه قصص المجاهدين [14].
أما من الناحية التنظيمية فقد قام رفقة "أسامة بن لادن" وآخرون بتأسيس مكتب "خدمات المجاهدين" للإشراف على تنظيم التحاق العرب والمسلمين الراغبين في الجهاد من جميع أنحاء العالم بالفصائل الأفغانية التي كانت تواجه آنذاك الاحتلال السوفيتي،هذا الحشد الجهادي سيحظى برضا ودعم دولي غربي وإقليمي عربي من أجل تحجيم نفوذ الاتحاد السوفييتي ووقف زحفه ضمن سياق الحرب الباردة، إذ ستتلقى التيارات الجهادية في الثمانينيات من طرف أمريكا ودول الخليج تسهيلات للوصول إلى أرض الجهاد الجديدة، فضلا عن الدعم المادي بالمال والسلاح. ولكن ما كاد الجهاديون العرب يصلون لأفغانستان حتى وجدوا أن الجهاد الذي جاءوا من أجله قد شارف على الانتهاء، وبعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان سنة 1989 بدأ الجهاديون يعودون إلى أوطانهم وقد تدربوا على القتال، لكنهم لا يملكون تصورا لما ينبغي عليهم القيام به، فبينما فضل بعضهم مواصلة جهادهم دفاعا عن الاسلام في مناطق أخرى كالشيشان والجمهوريات الإسلامية في منطقة القوقاز[15] ،حاول أغلبهم العودة مرة أخرى الى ممارسة "جهاد العدو القريب"، فشكلوا مجموعات مسلحة بتسميات محلية،قصد اسقاط الانظمة الكافرة وخاضوا معارك مع قوات الأمن والجيش في بلدانهم ونفذوا اغتيالات وهجمات على السياح في بداية التسعينات، حيث تأسست بالجزائر" الجماعة الإسلامية المسلحة " سنة 1991 وبليبيا" الجماعة الإسلامية المقاتلة " في 1989 وطلائع الفتح الإسلامية المقاتلة بمصر التي حوكم قادتها أواخر 1992[16] . كما وجدت بالمغرب بعض التيارات السلفية المرتبطة ايدولوجيا بالخط العام للسلفية الجهادية وتنهل من نفس مرجعيتها[17] ولكنها لم تقوى على تنفيذ مخططاتها الجهادية التخريبية التي تنطلق من فكرة قتال العدو القريب الى غاية سنة 2003 بمدينة الدار البيضاء [18]. إلا أن جميع مشاريع هذه التنظيمات السلفية فشلت في إسقاط الأنظمة الحاكمة (العدو القريب ) سواء في مصر أو الجزائر أو ليبيا أو المغرب، وإقامة دولة الخلافة المزعومة، الشيء الذي سيفرز طرحا جهاديا جديدا .
2ــ توظيف الجهاد لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية أو العدو البعيد
بعد الفشل الذريع في مواجهة الأنظمة العربية الحاكمة اضطر قادة التيار السلفي الجهادي لمراجعة خياراتهم الجهادية التي لم تؤدي بهم إلا إلى مزيد من إضعاف شعبيتهم وتضييق الخناق عليهم، حيث خلص ابن لادن وأيمن الظواهري أنه لا يمكن هزم الأنظمة العربية ما دامت تحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا يجب توجيه الجهاد ضد أمريكا بضرب استقرارها وشل حركتها الاقتصادية، وهكذا أعلن سنة 1998 عن تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود الصليبيين. فظهر توظيف جديد لعقيدة الجهاد عرف "بالجهاد العالمي للقاعدة "
وذلك بتحالف كل من المصري أيمن الظواهري مؤسس جماعة طلائع الفتح والمليونير السعودي أسامة بن لادن الداعم للجهاد الأفغاني، فصار التنظيم يسمى "بقاعدة الجهاد ".
لقد ساهم بن لادن في صوغ النظرية الجهادية لتنظيم القاعدة بتسخير فكرة الجهاد المقدس ضد العدو العام والرئيسي للأمة الإسلامية الذي هو أمريكا، والذي يحول دون إقامة دولة الخلافة بدعمه لأنظمة علمانية كافرة في البلدان الإسلامية، وبهذا التصور الجهادي الجديد، أوجد عدوا محل اتفاق بين المجاهدين حيث حقق بن لادن بحربه ضد أمريكا ما لم يستطع تحقيقه على مدى سنوات، وذلك حينما تمكن من توحيد الجهاديين في العالم تحت لواء القاعدة[19]، ينتظرون منه الإشارة فقط للبدء في تنفيذ أوامره الجهادية، وبحماسة هذه الفكرة نفذ أتباع القاعدة عدة عمليات إرهابية استهدفت بالأساس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، كان أبرزها على الإطلاق أحداث 11 شتنبر 2001 بنيويورك والتي على إثرها سيتم محاصرة التنظيم، والإطاحة بحكومة طالبان محتضنته بأفغانستان، واعتقال أبرز قادة التنظيم وصولا إلى اغتيال زعيمه ابن لادن .ليتراجع بعد ذلك الإشعاع الجهادي للقاعدة و دورها التوجيهي الجهادي لصالح تنظيم "داعش" الذي شكل ظهوره منعطفا ولحظة فارقة في المسار الجهادي للحركات السلفية المتطرفة، حيث أخذت الرقة والموصل مكان كابول في جذب الجهاديين وتنظيمهم وتدريبهم.
3ــ توظيف الجهاد لتسويغ الحروب الطائفية :
لقد خرج تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من رحم القاعدة، ويعتبر تطور طبيعي للقاعدة ونسخة منه أكثر توحشا، فكلاهما ينتميان بجذورهما الاديولوجية والدينية إلى التيارات الجهادية التي تستند إلى المذهب الوهابي[20]، كما أن كلاهما ينتميان إلى المشروع الجهادي العالمي لإقامة الدولة الإسلامية، عن طريق الجهاد المسلح .
فإذا كانت إديولوجية القاعدة القائمة على الجهاد ضد "العدو البعيد" بدأ تشكلها في الساحة الأفغانية، فإن إديولوجية "داعش" تبلورت في الساحة العراقية،إذ سيظهر بعد سقوط بغداد في يد الاحتلال الأمريكي سنة 2003 مفهوما جديدا للجهاد عند فرع تنظيم القاعدة بالعراق الذي كان يتزعمه "أبو مصعب الزرقاوي "، فمع احتلال العدو البعيد للعراق سيصبح عدوا قريبا من الناحية الجغرافية، وقد اعتبر "الزرقاوي" آنذاك أن العدو البعيد لم يكن ليحقق انتصاره السريع في العراق لولا تحالفاته مع العدو القريب المتمثل في إيران وشيعتها بالعراق وبعض الأنظمة العربية في الخليج [21]، وبسبب ذلك خرجوا عن الإسلام وأصبحوا مرتدين عن الدين، والمرتد عقوبته القتل عند جميع الجهاديين من أتباع المذهب الوهابي [22]، وبتفجير مرقد الإمام العسكري الشيعي في سامراء سنة 2006 من طرف أتباع الزرقاوي، ستبدأ أولى فصول الجهاد الطائفي.
إن هذا الطرح الجهادي الجديد الذي عاد فيه ا"لعدو القريب" أو الكافر المرتد متمثلا في الشيعة كهدف حربي للجهاديين، سيشكل خارطة طريق جديدة لجماعة الزرقاوي الجهادية بالعراق والتي ستتطور بعد ذلك إلى حركة محلية مستقلة عن القاعدة بسبب بعض الخلافات التي ظهرت ما بين الظواهري والزرقاوي[23]، وبعد مقتل هذا الأخير ستتحول إلى الدولة الإسلامية في العراق تحت قيادة أبو عمر البغدادي ما بين 2006 و2010 وخلفه "أبوبكر البغدادي" الذي ستتحول معه الحركة إلى تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام[24] والتي ستكتسح مناطق شاسعة من العراق وسوريا وستعلن قيام دولة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين، مما سيشكل منعطفا هاما في المسار الجهادي لهذه الحركات، إذ سيتسنى للعالم فرصة معاينة نموذج الحكم الإسلامي الذي يبشر به الجهاديون، واكتشاف مدى فظاعة ووحشية بعض الأحكام الفقهية والفتاوى التراثية حينما تتحول إلى أفعال وإجراءات مادية ملموسة .
وبناء عليه سيقوم تنظيم الدولة في إطار خطة تمدده الجغرافي بتقسيم العالم إلى دار كفر ودار إسلام، وسيخوض معارك كثيرة ضد عدوه القريب من الشيعة والأكراد والأزيديين بعد تصنيفهم ضمن دار الكفر، مرتكبا في حقهم مجازر ومآسي إنسانية من ذبح للرجال وسبي للنساء واستعباد للأطفال وتدمير للمدن ومآثرها التاريخية[25]، معتقدا أن ما يفعله هو جهاد يماثل ما كان يفعله الرسول (ص) في غزواته والصحابة والتابعين في فتوحاتهم.
وبما أن هذه الأعمال الحربية لم تحظى بالموافقة من طرف العلماء المسلمين سيلجأ التنظيم إلى فقهاء من خارج المنظومة الفقهية من أجل إنتاج فتاوى جهادية وكتابات في فقه الجهاد تشرعن هذه الأعمال العسكرية ضد المسلمين، حيث يعمل هؤلاء المنظرين الجهاديين على إسقاط صفة الإسلام عن مخالفيهم بالاستناد إلى حشد من فتاوى ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب والتي تشكل منظومة تكفير متكاملة تخرج عموم المسلمين و جميع الطوائف الإسلامية كالصوفية والشيعة بجميع مذاهبها من دائرة الإسلام .وبالتالي تصبح دار حرب تستوجب الجهاد، من اجل تطهير أرض الخلافة الإسلامية منهم وإقامة شرع الله .
ومن أمثال هؤلاء المنظرين الذين يستشهد بهم تنظيم الدولة كثيرا، نجد مصطفى الفارس وهو أحد رجال الدين الذي كثيرا ما ينهل من فقه بن تيمية، والذي كتب مقتبسا جملة شهيرة لابن تيمية : "أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة ومن انضوى إليهم وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام إنما كانت من جهتهم ". كما يعتبر "عبد الله المهاجر" و"أبوبكر ناجي" من أبرز المراجع الفقهية التي يعتمدها التنظيم، فكلاهما يزعمان أن الإجماع منعقد على إباحة دم الكافر إباحة مطلقة كما أن كلاهما يبرران قطع رؤوس الكافرين والمرتدين لأن الله ورسوله أوصيا بذلك [26]. وبطبيعة الحال يستنبط المهاجر هذا الحكم أيضا من فتوى لابن تيمية يعتبر فيها الرافضة (الشيعة) مرتدون وأن كفرهم أغلظ من الكفار الأصليون[27].
وفي نفس الاتجاه يوظف التنظيم بعض الأحداث والقصص الشاذة في التاريخ الإسلامي للاستدلال على شرعية أعماله الجهادية الدموية، وغالبا ما تكون هذه القصص مقتبسة من عصر حروب الردة أو عصر الفتوحات الإسلامية، ولهذا فهو يعيد إنتاج مشاهد القتل والذبح التي وقعت في تلك المعارك ضد خصومه من مختلف المذاهب الإسلامية، والذين يعتبرهم التنظيم مسلمين بالاسم فقط .فمن الأمثلة التي يسوقها التنظيم في هذا الإطار قصة الصحابي "خالد ابن الوليد" التي وردت عند المؤرخين المسلمين وأبرزهم "ابن كثير" حيث ذكر في البداية والنهاية أن خالدا قتل في معركة" أليس"آلاف الأسرى بعد أن أقسم قائلا اللهم إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدماءهم " وعندما لم يتمكن من العثور على العدد الكافي من الأشخاص لصنع هذا النهر قتل الأسرى وأمر بفتح أحد السدود بجانب النهر على جثثهم لكي تسيل دماءها مع الماء، ويشير التنظيم أن الخليفة أبي بكر أثنى على ابن الوليد حينما وصله فعله،وأهدى له جارية من السبي [28].
بعد كل المعارك والجرائم التي ارتكبها "داعش" باسم الجهاد الإسلامي سيكتشف الجهاديون الدواعش الذين قدموا من جميع أنحاء العالم مع نساءهم وأطفالهم، أن فكرة الجهاد مجرد اديولوجية جذابة تم توظيفها من اجل استقطابهم خدمة لمشاريع دولية وإقليمية متصارعة حول النفوذ، بنفس الشكل الذي تم توظيفها في الماضي من طرف الحكام المسلمين في حروبهم التوسعية. إلا أنه اليوم فهي تستخدم بشكل عكسي من طرف الغرب في حروبه وتوسعاته ضد السوفيات في بلاد المسلمين سواء في أفغانستان أو في العراق وسوريا... فبعيد التسويات والتفاهمات السياسية بين اللاعبين الكبار في نواديهم الفاخرة ومؤتمراتهم المدبرة، سيتم الاتفاق على وضع نهاية مأساوية لحلم دولة الخلافة أو دار الإسلام، ليسقط مشروع الخلافة أمام الواقع الجيوسياسي الجديد الذي ترسم ملامحه الدول الكبرى .
فبعد أقل من أربع سنوات وفي أعقاب معارك طويلة ستنهار الدولة الإسلامية وستخسر بسرعة هائلة عاصمتها الرقة ومدينة الموصل وكل مدنها التي كانت تحت سيطرتها، فقتل الكثير من الجهاديين، واستسلم الكثيرون، وشرع البعض في رحلة العودة إلى أوطانهم، وظل تواجده مقتصرا على الوديان والبوادي والصحاري الواقعة على طول الحدود السورية بعدما كان تنظيم الدولة يسيطر على أراض تتجاوز مساحتها مساحة ايطاليا .وكما نشأ "داعش" من أطلال القاعدة وتغذى من أفكاره الجهادية، بدأت تتشكل الآن نواة تنظيم جديد من بقايا آخر الجهاديين الدواعش هو" أنصار الفرقان " بزعامة حمزة بن لادن ابن الزعيم التاريخي للقاعدة أسامة بن لادن وتتواجد نواته الصلبة في جبال "أدلب".
أما "كريم البيطار" الخبير في شؤون الشرق الأوسط للشؤون الدولية والإستراتيجية في باريس فيرجح أن تعود الشبكة الجهادية العالمية إلى إستراتيجيتها الأولى بعدم الارتباط المكاني وتفضيل توجيه ضربات مجددا إلى (العدو البعيد ) من خلال استهداف الغرب أو روسيا[29] ليبقى الجهاد خدمة مؤدى عنها تحظى بطلب مرتفع من طرف القوى الدولية والإقليمية المستعدة دائما لدفع المال إلى سماسرة الجهاد، ورموز التيارات الجهادية، وعيا منها وإدراكا بأنها لن تجد أداة اديولوجية أٌكثر تأثيرا وأهمية من فكرة الجهاد لتسخير المتطوعين للقتال وحشدهم من جميع بقاع العالم.
إن التعبير عن الطموحات السياسة والمصالح الاقتصادية باستعمال لغة الجهاد، فرغ فكرة الجهاد من محتواها النبيل والمتمثل في الدفاع عن النفس والأرض، وحولها إلى أداة إديولوجية فتاكة خاضعة للفعل السياسي وتابعة لأهواءه المتغيرة ,ويكفي أن نعلم انه تم توظيفها في الحروب الأهلية بالعراق وسوريا وليبيا من جميع الأطراف المتصارعة بما فيهم الشيعة[30] لندرك إلى أي حد وصل التلاعب بالنصوص الدينية في عصرنا الحاضر مما يجعل من مراجعة التراث الإسلامي الفقهي المتعلق بالجهاد ضرورة قصوى واجتهاد واجب.
هوامش:
[1] ابن القيم الجوزية (691ـ751) كتاب الفروسية المحمدية ,تحقيق زائد بن محمد النشيري ,دار النشر عالم الفوائد ,الطبعة الأولى 2007 ص 124 .
[2] ابن تيمية ،فقه الجهاد، تعليق الشيخ زهير شفيق الكبي ,دار الفكر العربي بيروت,الطبعة الأولى ,ص 71و75
[3] إسماعيل بن كثير (701ـ774) البداية والنهاية, تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي ,دار عالم الكتب ,2003 ص 625و437
[4] من كتاب الدولة الأغلبية 909ـ 800 التاريخ السياسي محمد الطالبين دار الغرب الإسلامي ص 39
[5] خالص جلبي "نقد الفكر الديني النقد التاريخي ".منشورات المركز الثقافي العربي ,الطبعة الأولى 2014 ص 313
[6] هذا الرقم هو تقدير الكاتب "ديفيد شاندر" في كتابه الهلوكست الأمريكي من مطبوعات جامعة أكسفورد 1992 ص 150
[7] انظر كتاب خالص جلبي, فصل " التدمير المروع لحضارات أمريكا ( الوجه الأخر لاكتشاف أمريكا ),نفس المرجع سابقا.
[8] ـ يقول احد رجال الدين المسمى "لويس بران دون " ردا على سؤال حول حكم استرقاق السود "تقول في خطابك انك تود معرفة ما إذا كان اسر الزنوج الذين يتم إرسالهم إليكم شرعيا .وعن هذه القضية أقول أنني اعتقد انه يجب أن ألا يكون لديك أدنى شك في ذلك لان هذا الأمر قد تمت مناقشته من قبل في مجلس الضمير في لشبونة وكل أعضاء هذا المجلس من أهل العلم والإخلاص . كما أحيطكم علما الأساقفة..لا يرون أي خطا في ذلك ...وبالتالي فإننا وآباء آخرين في البرازيل نقتني هؤلاء العبيد لخدمتنا دون تردد أو حيرة. "هواد زن "ترجمة شعبان مكاوي التاريخ الشعبي للولايات م ا ج 1 القاهرة 2005 ص67 .
[9] إن الحركات الإسلامية التي تتبنى منهاج التغيير السلمي عبر العمل السياسي والمدني "كالإخوان المسلمين "في مصر و"جبهة الإنقاذ "في الجزائر أو "جماعة العدل والإحسان "بالمغرب تقوم بدورها باستحضار الجهاد كمفهوم مركزي في اديولوجيتها وتوظفه بكثافة في خطابها السياسي من اجل تعبئة أتباعها أو كسب أصوات انتخابية أو من أجل إلباس معركتها لبوسا عقائديا ,كما أنها لا تختلف عن الجماعات السلفية الجهادية في الغاية الأسمى والمتمثلة في إقامة دولة الخلافة ,فالخلاف منحصر في الوسائل المعتمدة من طرفها للوصول إلى هذا الهدف وهي الوسائل السياسية السلمية بدلا من الأعمال العنيفة. فمثلا يتحدث "حسن البنا "مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في كتاب "رسالة التعليم مني" إلى إخوان الكتائب ,عن 3 مراحل لا بد أن تجتازها الحركة ويذكر في المرحلة الثالثة وهي مرحلة التنفيذ "حيث أن الدعوة في هذه المرحلة جهاد بلا هوادة."أما عبد السلام ياسين مؤسس جماعة العدل والإحسان فيميز بين نوعين من الجهاد جهاد على المستوى الفردي ويقصد به جهاد النفس لتزكيتها وتربيتها من أجل تحقيق الغاية الإحسانية ,وجهاد جماعي ويقصد به العمل السياسي المنظم لتحقيق الغاية الاستخلافية المتمثلة في دولة الخلافة على منهاج النبوة .كما يعتبر أن هذه الغاية العظمى لا بد وان يكون لها ثمن يبدأ بالإنفاق في سبيل الله ويصل إلى الموت في سبيل الله . راجع في هذا الإطار كتاب عبد السلام ياسين من "سلسلة المنهاج النبوي الثمن" بدون ناشر 1998 , ص 26
[10] حسن قرنفل المجتمع المدني والنخبة السياسية إقصاء أم تكامل ، منشورات إفريقيا الشرق .الطبعة الأولى 2000 ص 104.
[11] يشير المفكر الدكتور "عبد الإلاه بلقزيز" إلى عملية قيام المذهب الفكرية والسياسية والتربوية في التاريخ الإسلامي ...بتحول فكرة فردية المنشأ إلى فكرة جمعية ثم إلى عقيدة رسمية داخل جماعة ما,حيث بين على سبيل المثال كيف يتحول رأي اجتهادي فردي في الفقه إلى رأي جمهرة الفقهاء ثم يتحول مع الزمن إلى رأي جماعة كبيرة (مذهب )، انظر دراسة لعبد الالاه بلقزيز في مجلة المستقبل العربي العدد 455 يناير 2017 . ص 34و35
[12] فمثلا في الجزائر فشل مجاهدو حركة مصطفى بويعلي في الحركة الإسلامية المسلحة في محاولتهم لقلب نظام الحكم بدءا من سنة 1982 وتم القضاء على هذه الحركة بمقتل زعيمها وسجن قادتها سنة 1987 .وفي سوريا قمع النظام البعثي انتفاضة الإخوان والطليعة المقاتلة في بداية الثمانينات . وفي ليبيا خاض الجهاد يون مواجهات مع الأمن سنة 1987 خاصة في منطقة الشرق الليبي فاعتقلت السلطات الآلاف منهم وفر من بقي منهم إلى الجهاد الأفغاني .
[13] كميل الطويل "القاعدة وأخواتها "مطبوعات دار الساقي الطبعة الأولى 2007 ص 15 .
[14] عبد الوهاب رفيقي الجنة في المخيال الإسلامي الجهادي ,مجلة زمان العدد 48 لشهر أكتوبر 2017 ص 45.
[15] محمد ضريف، الدين والسياسة في المغرب من سؤال العلاقة إلى سؤال الاستتباع ، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي الدار البيضاء الطبعة الأولى نونبر2000 ص 116.
[16] راجع كميل الطويل مرجع سابق, من ص 14 إلى 25
[17] محمد ضريف ،الدين والسياسة في المغرب، مرجع سابق، ص 117و 118 .
[18] وكانت سلسلة من الهجمات المتزامنة بالأحزمة الناسفة استهدفت مواقع ذات طابع سياحي تجاري وراح ضحيتها 45 شخص، وقد أشارت أصابع الاتهام إلى ضلوع تيار السلفية الجهادية في هذه الأحداث وتم اعتقال العديد من المنتسبين إليه رغم عدم تبني أي جهة لها .
[19] قبل الإعلان عن هذا التأسيس كان ابن لادن في أوائل 1998 قد استصدر فتوى من أربعين فقيها أفغانيا وباكستانيا تطالب بطرد القوات الأمريكية من شبه الجزيرة العربية من أجل شرعنة مشروعه الجهادي ,حول هذا الموضوع راجع على الخصوص "عبد الباري عطوان" كتاب "القاعدة التنظيم السري "دار النشر دار الساقي، الطبعة الأولى 2007 .
[20] يعتبر المذهب الوهابي المرجعية الأساسية لجميع التيارات السلفية ويعتبر مؤسسه محمد بن عبد الوهاب ( 1703 ــ 1791) من طرف أتباعه من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث ارتكزت دعوته على محاربة البدع والخرافات وتوحيد الله ونبذ بعض الطقوس التي تفشت في عصره كان يعتبرها شركا كالتبرك بالأضرحة والقبور والبناء عليها .
[21] شفيق شقير الجذور الاديولوجية لتنظيم الدولة الإسلامية ,دراسة منشورة بمركز الجزيرة للدراسات بتاريخ 23 نونبر 2014
[22] يعتبر محمد بن عبد الوهاب وهو عالم دين سني يعتبره أتباعه من أن التحالف مع الكفار والمشركين ومظاهرتهم ينقض الإسلام, مستشهدا بالآية الكريمة من سورة "المائدة" (ومن يتوله منكم فانه منهم) . عبد الله المهاجر، مسائل من فقه الجهاد المسألة 15" الاستعانة في القتال بالكفار والمرتدين والطوائف الضالة"،,كتاب يمكن تصفحه بموقع منبر التوحيد والجهاد .
[23] إن السبب المباشر الذي أدى إلى إعلان القطيعة بين القاعدة وتنظيم الدولة هو موقف الظواهري من الخلاف بين أبي محمد الجولاني وأبي بكر البغدادي حيث أقر الجولاني على إمارة جبهة النصرة في الشام وحصر صلاحية عمل تنظيم الدولة في العراق ,مما نتج عنه خلافات عميقة وصلت إلى حد اتهام القاعدة للتنظيم بأنهم خوارج وأحفاد بن ملجم في حين اتهم تنظيم الدولة بأنهم غيروا وأن التنظيم لم يتغير وتم على أثرها إعلان البغدادي خليفة ومرجعا لكل المسلمين وكل التيارات الجهادية في خطوة لسحب البساط من تحت قدمي القاعدة والظواهري (انظر شفيق شقير ,مرجع سابق ).
[24] انظر حسن حسن، طائفية تنظيم الدولة الإسلامية الجذور الاديولوجية والسياق السياسي ,دراسة منشورة بالموقع الالكتروني لمعهد "كارينغي للشرق الأوسط 13" يونيو 2016 .
[25] من مثال جرائم داعش : العبودية الجنسية :صدر تقرير للأمم المتحدة يوم 2 أكتوبر 2014 استناد إلى شهود عيان بان داعش أخذت 450 إلى 500 من النساء والفتيات في منطقة نينوى في العراق وغالبيتهن من الطائفة اليزيدية والمسيحية يتم بيعهن كرقيق للجنس .
إعدام المدنيين : تم بعد مرور أقل من عام عل إعلان الخلافة الداعشية تم إعدام حوالي 2618 شخص بينهم 1500 من المدنيين وطرق الإعدام تتوزع ما بين الرجم حتى الموت ,والصلب ’قطع الرؤوس ,حرق الناس أحياء ,رمي الناس من البنايات الشاهقة .تدمير المساجد الإسلامية والمعابد الدينية : تم تدمير مرقدي النبي يونس والنبي شيت وعد كبير من المراقد الدينية ...تدمير المآثر التاريخية : كتدمير الآثار الأشورية والكلدانية الموجودة في متحف الموصل .ويكيبيديا الموسوعة الحرة ،مقالة تنظيم الدولة الإسلامية ــ انتهاكات حقوق الإنسان .
[26] ا نظر حسن حسن طائفية الدولة الإسلامية مرجع سابق .
[27] فقرة لابن تيمية يستشهد بها عبد الله المهاجر في كتاب مسائل في فقه الجهاد ص 362 م.س.
[28] اسماعيل ابن كثير البداية والنهاية ,الجزء السادس، "وقعة أليس" مرجع سابق .
[29] - جريدة أخبار اليوم, الدولة الإسلامية ونهاية حلم التمكين .خارج الحدود عدد 2446 بتاريخ 2017 .11.20 ص9.
[30] في كلمة لنائب الأمين العام لحزب الله الشيعي "نعيم قاسم ألقاها "بمناسبة ذكرى مقتل محمد مهدي الفتى المراهق الذي لقي مصرعه بسوريا مقاتلا في صفوف حزب الله في قال : أيها الشهيد محمد مهدي أنت علم ورمز ترقيت من رتبة مجاهد على هذه الأرض إلى أمير عند الله تعالى في جنة الخلد ..الموقع الالكتروني لجريدة النهار اللبنانية ,الصفحة السياسية ،حزب الله مبررا إرسال ابن 17 عاما وحيد لوالديه إلى الجهاد، 16 تموز 2017-12-1