لماذا نقول "كلنا أيت الجيد" وليس "كلنا حامي الدين"؟ انتفض العديد من أتباع العدالة والتنمية وأحد محاميه المعروفين برفع شعار "كلنا حامي الدين" من أجل ألا تتم محاكمته من جديد في قضية مقتل أيت الجيد محمد بنعيسى، الطالب اليساري الذي اغتالته الجماعات الإسلامية بداية التسعينات من القرن الماضي، وبعد 24 سنة من الجريمة تطالب العائلة بإنصافها ومعاقبة القتلة، حيث يقضي عمر محب من العدل والإحسان عقوبة بعشر سنوات، كما تمت تبرئة أعضاء من العدالة والتنمية في وقت جرت المحاكمة أثناء تولي مصطفى الرميد القيادي في الحزب وزارة العدل.
دفاع العائلة لا يطالب بشيء غير إعادة المحاكمة. المتهم يقول إن المحكمة قضت في الملف منذ سنوات خلت أي منذ حوالي 22 سنة. طبعا هذا دفع يدمغه دفع آخر يقول إن محامي عائلة الضحية عثر على مستجد في الملف يتعلق بتمويه العدالة. يقول إن حامي الدين صرح أثناء التحقيق معه على أنه ينتمي لفصيل الطلبة القاعديين التقدميين، اي نفس المكون الطلابي الذي ينتمي إليه القتيل، لكن الحقيقة أنه كان ينتمي لفصيل إسلامي متهم بالقتل.
هذا هو الدفع الذي يتقدم به دفاع عائلة الضحية. إذن حامي الدين ليس مدانا اليوم ولكن العائلة، عن طريق محاميها تطالب بإعادة التحقيق، فلماذا كل هذه الضجة؟ لماذا لا يريد أن تتم محاكمته؟ إذا كان بريئا فليدفع ببراءته. أما رفع شعار كلنا حامي الدين وتكوين لجنة لمساندته فذلك محاولة للتأثير على القضاء في زمن يؤسس المغرب لاستقلالية هذه السلطة عن باقي السلط من خلال استقلال النيابة العامة، ودسترة المجلس الأعلى للسلطة القضائية حيث أصبح مؤسسة قائمة الأركان ومستقلة بذاتها لا بغيرها.
استماع القضاء للمواطنين، حول ما يوجه إليهم من تهم، أمر طبيعي بل هو الدليل على سيادة القانون، وعلى انتهاء عهد الحماية من أي طرف كان، فإذا لم يستمع قاضي التحقيق إلى عبد العالي حامي الدين، لأي سبب سيكون ذلك اتهاما، حتى لو لم يكن صحيحا لرئيس الحكومة بالتأثير على القضاء، وبالتالي تلويث سمعة الحكومة ورئيسها والقضاء، وضرب كل المسار الديمقراطي الذي قطعه المغرب.
إذن كل الضجة التي يريد البعض إحداثها بموازاة مطالب عائلة أيت الجيد ليست حقيقية، ولكنها تهرب من مواجهة الحقيقة نفسها. وأي تساهل في تحقيق العدالة هو ضرب لمسار المغرب الديمقراطي، وهو إهانة للدستور الذي صادق عليه المغاربة في استفتاء شعبي. كيف لا يقف شخص أمام العدالة فقط لأنه قيادي في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة؟ أليس استهتارا بالقضاء حماية شخص من التحقيق؟ لا استقلال للقضاء إلا بالتساوي في التقاضي ووقوف الناس سواسية كأسنان المشط أمام المحكمة.
هل أصبح حزب العدالة والتنمية، ومن خلال الحكومة، ملجأ يحمي الناس من الوقوف أمام العدالة وتضيع حقوق المواطنين الذين ليس لهم مظلة سياسية؟