لم يكن أحد يشك يوما ما، وهو يطّلع على نسبة الجدل السياسي الشعبوي الذي خلقه رئيس الحكومة المعفى والأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المنتهية ولايته عبد الإله بن كيران، أن “الرجل” وخلال تجربته الحكومية التي امتدت خمس سنوات عِجاف، كان يستغل وسائل الإعلام ومعها موجة المواقع الإلكترونية، لصناعة الهالات حوله بما يضمن تقوية أسلوبه الشعبوي، الذي بدوره صار مكشوف الخيوط قبل أن يقوده ذلك إلى النهاية السياسية مؤخرا.
فالعارفون بأساليب “رجل البيجيدي” المنتهي، يعلمون جيدا كيف كان بن كيران معتادا على أسلوب لم يسبقه فيه ربما أحد من المسؤولين السياسيين، الذين مروا في تاريخ المشهد السياسي المغربي، حيث كان دائم الاتصال بعدد من الصحفيين المعروفين في المنابر المؤثرة، الذين يراودهم حول إمكانية نشر أخبار عنه “بالوكالة”، بشرط حضورهم لمنزله بحي الليمون بالرباط، من أجل تمرير رسائله الخاصة للتأثير في الرأي العام، مع اشتراطه عدم ذكر اسمه فيما ينشر من أخبار، وهو الأمر الذي لم يكن كل الصحفيين يقبلونه منه، بل إن بعضهم هدد بن كيران بإفشاء مثل هذا العرض للعموم، إن لم يكف عن مراودته.
في سياق أسلوب بن كيران هذا، تروي مصادر موثوقة لـ”برلمان.كوم” أنه وقبيل إخراجه من قيادة حزب “المصباح” مؤخرا، اتصل بصحفي يشتغل في أسبوعية بيضاوية، حيث دعاه لمنزله من أجل نفس الغرض الذي اعتاده، وهي الدعوة التي قبلها الصحفي على أمل أن يسرق من فم بن كيران بعض الأخبار المتعلقة بأحد التقارير، وهو ما قام به الصحفي الذي استمع لمدة مطولة لحديث بن كيران الذي كان يشدد عليه في كل مرة على عدم ذكر اسمه في الخبر والاكتفاء بعبارة “معلومة مؤكدة” فيما سينشره لاحقا بصفحات الأسبوعية التي يشتغل لصالحها.
وتنقل المصادر أن بن كيران وخلال حديثه للصحفي تفطن لشيء ما غير طبيعي، قبل أن يختطف وفي رمشة عين هاتف الصحفي الذي كان قد عمد إلى تسجيل حديثه، ليرمي بنكيران بالهاتف لبعض رجالاته الذين كانوا يجالسونه رفقة الصحفي، ليتأكدوا فعلا من قيام الصحفي بتسجيل حديث ابن كيران خلسة.
وتضيف المصادر أن ابن كيران تأثر كثيرا بالواقعة، واحتج غاضبا على الصحفي متهما إياه ببعض النعوت، قبل أن ينقل احتجاجه في مكالمة عاجلة لمدير تحرير الأسبوعية، وبأن هذا الفعل مناقض تماما لما تم الاتفاق عليه مسبقا، ليخلص الطرفان في النهاية إلى مسح ما سجله الصحفي في هاتفه مع إلغاء الاتفاق الخبري من أساسه، الذي كان سيسقط فيه بن كيران بما سيكشف للعموم حقائقه ودسائسه.
هذه القصة تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن بن كيران الذي كان يستعمل مراوغاته تلك، مضيفا إليها مراوغاته السياسية الكثيرة، خرج من دائرة الاهتمام السياسي فقط لأنه عُرف واشتُهر بانسلاخه من كل الأخبار التي كان يوزعها على إعلامييه المرضيين، ويتبرأ منها عندما تكون نتائجها سلبية بالنسبة له، في مقابل ادعائه للبطولة إذا ما وصلت تلك الأخبار أهدافه التي رسمها أو حققت شيئا من مصالحه، بمنطق يشبه رمي الحجر في النهر والتبرؤ من ارتدادات موجاته، فهل سيستمر بن كيران في مثل هذه التلاعبات رغم انتهاء صلاحيته السياسية؟؟!
برلمان.كوم