الحجامة من الأساليب العلاجية الموجودة منذ القدم، لكن الحديث عنها ارتفع في الآونة الأخيرة مع ظهور عيادات متخصصة بموازاة معالجين عشوائيين. الدكتور إلياس ايت حميدة، الاختصاصي في الطب الفيزيائي، يسلط الضوء حول هذه الطريقة العلاجية، ويفند بعض المغالطات التي يعتبرها البعض من المسلمات في علاج الحجامة. ويشير الدكتور ايت حميدة أيضا لأنواع الحجامة التي لا يعرفها الكثير من الناس، كما يبين الحالات التي تمنع فيها الحجامة على المريض.
«ظل الاعتقاد السائد حول الحجامة باعتبارها سحبا للدم الفاسد من الجسم المحمل بمجموعة من الشوائب وكريات الدم الهرمة والأخلاط، التي لا يستفيد منها الجسد، رائجا في تعريف الحجامة»، يقول الدكتور إلياس ايت حميدة، الذي استدل بالدراسات العلمية التي أثبتت أن كريات الدم لا تتعرض للهرم، وأن الهدف الأساسي من الحجامة ليس إزالة الدم، بل تحفيز الجسم من خلال نقاط معينة لها ارتباط بالأعضاء المريضة، من أجل تحفيز المخ على إفراز هرمون الاندروفين وهو مسكن ألم يفرزه الجسم طبيعيا، من خلال إرسال سيالة للمخ عن طريق الجرح، أو ما يصطلح عليه في مجال الحجامة “الشرطة ” المحدثة بخفة على سطح الجلد، فتعيد التوازن للجسم، ويشعر المريض بزوال الألم، تم يبدأ الجسم في ترميم نفسه بالتدريج. ويقول الدكتور آيت حميدة بأن الحجامة لا تعالج جميع الأمراض كما يدعي البعض، لكنها تنقسم إلى قسمين جزء له القدرة العلاجية، وجزء يعد علاجا تكميليا، يساهم في تسريع الخطة العلاجية، من خلال تخليص المريض من العديد من الأعراض المؤلمة والمزعجة، التي ترافق العديد من الأمراض المزمنة. وقد عمل اختصاصيو الحجامة على تطوير الكؤوس التي تستخدم من أجل شفط الدم، «لكن يجب التنويه أن أكثر الكؤوس أمانا هي الكؤوس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد، والتي يتم التخلص منها مباشرة بعد الاستعمال، على عكس الزجاجية، والتي تهدد بنقل الأمراض، رغم تعقيمها» يقول الدكتور. وعلى عكس الصورة الدموية التي يتخيلها البعض عن الحجامة، تجب الإشارة إلى أن الحجامة تضم العديد من الأنواع، عكس ما يعتقد البعض من أنها ترتبط دائما بالتشريح، والدم، كما يسوق له العشابة، والحجامة التقليدية التي تربط بين الحجامة والدم، وهو ما يعرف بالحجامة الدموية.
أنواع الحجامة يستعرض الدكتور آيت حميدة أنواعا من الحجامة غير المعروفة قائلا: هناك الحجامة الجافة، التي لا يلجأ فيها للمبضع أو ما يعرف “بالتشراط” لسطح الجلد، بل يكتفي المعالج بوضع الكأس على جسم المريض من أجل تنشيط الدورة الدموية. هناك أيضا الحجامة المتزحلقة والتي يتم من خلالها الاستعانة ببعض أنواع الزيوت من أجل تحفيز المنطقة المعالجة وتنشيطها، كما هو الحال في تيبس الرقبة، التي تعطي نتائج من أول حصة، حيث يمكن للشخص أن يحرك رقبته ويشعر بتراجع في الألم بعد مدة تتراوح ما بين 8 و10 دقائق. هناك أيضا الحجامة المائية، من أجل تلخيص الشخص من ضربة شمس. ثم هناك الحجامة الدموية، وهي النوع الذي يعرفه الناس، ويتم من خلاله إحداث خدوش بسيطة، تخرج معها كميات قليلة من الدم، والهدف منها ليس هو تخليص الجسد من كميات الدم كما يعتقد البعض، بل الهدف هو ذلك الجرح الذي يحفز المخ على علاج المنطقة بطريقة ذاتية، دون اللجوء لدواء خارجي. كما أن الخدوش التي تحدث على الجسم يمكنها أن تزول في أسبوع، على عكس الجروح التي يحدثها العشاب، والتي تستمر لسنوات، وذلك راجع لممارسته العشوائية، وعدم معرفته بعلم التشريح، الذي يعتبر إحدى ركائز العلاج بالحجامة، من أجل تحديد نقاط العلاج على ظهر المريض، وتقابلات تلك النقاط على بطنه وصدره. لذا نجد أن العشاب يقصد الأماكن التعبيرية فقط، أي مناطق الألم التي يحددها المريض، بينما علاج المختص يشمل النقاط المقابلة. موانع الحجامة هناك بعض الحالات التي يمنع فيها الشخص من التعرض للحجامة، مثل حالات الخوف الشديد، إذ يجب على الإنسان أن يكون مستعدا للأمر وغير مفروض عليه. كما تمنع الحجامة في حالة ضغط الدم المنخفض، والحمل، عدم انتظام ضربات القلب، ومرض الكلى، والتعب الشديد، وسيولة الدم، والأنيميا الشديدة، وكذا بالنسبة لمرضى السرطان، لأن الجسم يبدأ في محاربة نفسه، لذا لن يتعرف على تلك المحفزات التي تحدثها الحجامة.
علاجات الحجامة وكيفية عملها بالنسبة للحالات التي تتمكن الحجامة من علاجها بطريقة نهائية، نجد الشقيقة لأنها ترتبط بغياب التوازن داخل الجسم، وبما أن الحجامة في جوهرها تعمل على إعادة توازن الطاقة، وتوازن الهرمونات داخل الجسم، وتقوية المناعة، من خلال تنشيط الدورة الدموية، والدورة الشريانية، والدورة اللمفاوية، إضافة إلى تنشيط مراكز الحركة، مما يعزز مبدأ الشفاء الذاتي. لكن بالنسبة لباقي الأمراض يشير الدكتور أنه لا يمكن الادعاء أن الحجامة تشفي منها، بينما تعمل على التخفيف أو القضاء نهائيا على أعراضها، مثال ذلك أعراض الضغط، وأعراض السكري، الفيروس الكبدي، التوتر، الأرق، أمراض المعدة، مشاكل الارتجاع والأمعاء، تنظيم الدورة الشهرية والدوالي في بداية تكونها أما في الحالات المتأخرة، فإنه لا بديل عن الجراحة. هناك أيضا مضاعفات السمنة مثل الضغط، السكري، التليف الكبدي. كما تنقص من حدة أعراض الإكزيما، والحكة، وبعض أنواع الطفوح الجلدية المرتبطة بالتوتر. وفي الكثير من الحالات لا يتم اللجوء للحجامة الدموية، بل يتم الاكتفاء بالحجامة الجافة، مثل حالات آلام الظهر.
خطوات مهمة لنجاح الحجامة الحجامة كما تمت الإشارة ليست علاجا مستقلا بذاته، بقدر ما تعتبر علاجا مكملا، مثلا بالنسبة لمرضى الضغط لا يمكنهم إيقاف العلاج، بل يتوجب عليهم تناول الدواء أثناء الاستفادة من حصص العلاج، لأن دور الحجامة هو تخليص المريض من الأعراض مثل طنين الأذن، ألم الرأس، التثاقل، الدوخة، الرعاف. ولتكون نتائج الحجامة ناجعة يجب احترام حصص العلاج، التي تكون في الغالب ما بين 5 و 6حصص متباعدة، ما بين 15 يوم وشهر، حسب الحالة. أما الشخص المعافى الذي يرغب في تجديد نشاطه وطاقته فقط، يمكنه الخضوع للحجامة مرة في السنة، من أجل تنشيط المناعة. حجامة الأطفال يمكن للأطفال أيضا الخضوع للحجامة، خاصة الحجامة الجافة التي لا يعتمد فيها على التشريط بالمبضع، ذلك أن الطفل الصغير يمكنه أن يتخوف من فكرة الحجامة الدموية، كما أن خوفه قد يحدث رد فعل يربك المعالج. ويمكن علاج حالات التبول اللإرادي للأطفال، مع تتبع بعض النصائح، مثل الامتناع عن السوائل، ومشاهدة أفلام الرعب، والخوف الشديد. بعد الحجامة يشعر الشخص باسترخاء، وتكون النتائج فورية في حالات الألم، وينصح بأخذ يوم راحة، ولا مشكل في أن يستحم الشخص، أو أن يتناول ما يشاء، على الرغم من بعض الأشخاص الذين يشيرون على المريض بعدم تناول الحليب ومشتقاته، واللحوم البيضاء، لكن هذا نوع من المغالطة لأن الحجامة ليس لها أي مضاعفات.
الحجامة بالعلقات العلقات أنواع من الدود الذي يستعمل في الحجامة، وذلك من خلال إحداثها لثقب بالجلد و شفط كميات من الدم، وذلك بمساعدة من المختص الذي يستعين بها بدل الكؤوس، لكن هذه الوسيلة لا يتم اللجوء لها إلا في حالات نادرة، نظرا لشكل الدودة الذي يثير التقزز في نفوس الناس.