أولاً ينبغي أن أشير إلى أن [البهائية] في بلادنا سابقة على [القَدْيانية] بسنوات عديدة، وعملتِ السلطاتُ على محاربة من يروّجون لها في العلن، ومَن كان منهم يعمل في أسلاك الوظيفة العمومية، فُصِلوا من عملهم، وقُدِّموا للمحاكمة؛ ومن ثمّة لجؤوا إلى السرية، ولم يظهروا منذ ذلكم الحين، إلا هذه الأيام، عندما كانت المحاولات على قَدم وساق، لعقد [مؤتمر الأقليات الدينية]، إلا أن هذا المؤتمر أُجْهِض ولم يُعْقَدْ لحسن حظ بلادنا.. ولكنْ ما مصدر [البهائية] في البروز والنشأة؟ [البابية والبهائية] حركةٌ نبعتْ من المذهب الشيعي الشّيخي سنة [1844] تحت رعاية الاستعمار الروسي، والاستعمار الإنجليزي، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية، وتفكيك وحدة المسلمين، وصرفِهم عن قضاياهم الأساسية، وهي سياسة ما زالت تمارس إلى اليوم بشتى الطرق والأساليب..
من أسّسها؟ أسّسها [الميرْزا علي محمّد رضا الشيرازي: 1819 ــ 1850].. ففي السادسة من عمره، تلقّى تعليمَه الأوّلي على يد دعاة الشيخية من الشيعة، ثمّ انقطع عن الدراسة، ومارس التجارةَ.. وفي [17] من عمره، عاد للدراسة، واشتغل بدراسة كتب الصوفية، والرّياضة الرومانية، وخاصّة كتب الحُروفيين، وممارسة الأعمال الباطنية المتعِبة.. بعدها سافر إلى [بغداد]، وبدأ يختلف إلى حلقات دروس إمام شيخية زمانه [كاظم الرّشتي]، ويدرس أفكاره؛ وفي مجالس [الرّشْتي] تعرَّف عليه الجاسوس الروسي [كينازد الغُورْكي]، والمدّعي الإسلامَ تحت اسم [عيسى النكراني]، الذي بدأ يلقي في روْع الناس أنّ [الميرْزا محمد الشيرازي] هو [المهدي المنتظر]، والباب الموصل إلى الحقيقة الإلاهية.. وبعد وفاة [الرشتي] ادّعى أنه رسول كموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام؛ فآمن به تلاميذُ [الرّشتي]، وانخدعت به العامّةُ، واختار [18] مبشّرًا لدعوته؛ لكنْ في سنة [1261] هجرية، أُلقِيَ عليه القبضُ، فأعلن توبتَه بعد أن عاث وأتباعُه في الأرض فسادًا، وتقتيلا، وتكفيرا للمسلمين..
وفي عام [1266] ادّعى حلول الإلاه في شخصه، وهو ما يذكِّرنا [بالحلاّج] الذي كان يقول عن نفسه: [ما في الجُبّة إلا الله]، وحاشا ذلك.. وهذا ادّعى أن الله قد حلّ في شخصه، حلولاً مادّيا وجسمانيا؛ ولكنْ بعد أن ناقشه العلماءُ، حاول التظاهر بالثوبة، فلم يصدّقوه، وحُكِم عليه بالإعدام، فتبرأ من [البابية]، فأُفرج عنه في [27 شعبان سنة 1266] هجرية موافق [08 يوليوز 1850]..
لكنْ ظهرت شخصية أخرى، وهي [قرّة العين]، واسمُها الحقيقي [أمُّ سلْمى] وُلدت في [قزوين] سنة [1235] هجرية، للمُلاّ [محمد صالح القزويني]، ودرست عليه العلومَ، ثم رافقت (الباب) عند [كاظم الرُّشتي] في [كربلاء]، حتى قيل إنّها مهندسة أفكاره، إذ كانت خطيبة مفوَّهة، وأديبَة فصيحة اللسان، فضلاً عن كونها جميلة، إلا أنها إباحية، فاجرة، طلّقها زوجُها وتبرأ من أولادها.. وفي [رجب 1264] هجرية، اجتمعت بزعماء [البابية] في [بيدشت]، وفي هذا المؤتمر أعلنتْ نسْخ الشريعة الإسلامية.. اشتركتْ في مؤامرة قتْل [الشاه ناصر الدّين القَجاري]، فقُبِض عليها، وحُكِم بأنّ تُحرق حيّة؛ لكنّ الجلاّدَ خنقها قبل أن تُحرقَ في [01 ذي القعدة 1268]، موافق [1852] ميلادية.. يلاحظ القارئُ طبيعة الفاسقين المؤسِّسين..
ومن بين الأعلام الأوائل لهذا المذهب المنحرف، نذكر [الميرْزا يحيى علي] أخَا [البهاء] الملقّب بـ[صُبْح أَزل]؛ أوصى له [البابُ] بخلافته، فنازعه أخوه [الميرزا حسين البهاء]، وحاول كلٌّ منهما دسّ السُّم للآخر، فتم نفيُهما إلى [أدرنة] (بتركيا)، عام [1863]، ولاستمرار الخلافات بين أتباعهما، نفى السلطانُ العثماني مرة أخرى [البهاء] وأخاه [الميرْزا حسين البهاء]؛ الأول نُفِي إلى [عكّا]، والثاني إلى [قبرص] حيث مات، وبها دُفن في [29 أبريل 1912] عن عمر ناهز [82] عاما مخلّفا كتابا أسماه [الألواح]، وأوصى لابنه بخلافته الذي تنصّر، وانفضّ من حوله الأتباعُ.. خلَفَه [الميرْزا حسين علي] الملقّب بـ[بهاء الله]، المولود سنة [1817]؛ نازعه أخوه في [بغداد] أمام مريديه، وادّعى أنه رسول الله، الذي حلّت فيه الروح الإلاهية، وأن دعوتَه هي المرحلة الثانية في الدورة العقائدية.. حاول قتْل أخيه في [سالونيك] التي يطلق عليها [البهائيون] (أرضَ السِّر). فقُتِل من أتباع [صُبْح أزل] الكثير؛ وفي سنة [1892] قُتِل هو نفسُه، ودُفِن في [البهجة] (بعكّا)، وكانت كتبه كلُّها تدعو إلى تجميع الصهاينة في أرض [فلسطين]؛ وبعد [عبّاس أفندي]، وهو المؤسّس الفعلي [للبهائية] ومن (مفاخره) أنه حضر مؤتمر [بال] سنة [1911]، وأيّد الصهيونية، ولما مات خلَفه [شوقي أفندي]؛ وفي [1963] تولّى (09) من البهائيين شؤون البهائية على رأسهم [ميسون] الصُّهيوأمريكي.