سيظل يوم الاثنين 11 دجنبر 2017، محفورا في تاريخ المغرب بمداد من ذهب، بعد الحدثين المتميزين اللذين وقع عليهما جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، والمتعلقين بإطلاق 26 مشروعا استثماريا ضخما لصناعة السيارات بالمغرب، واتخاذ التدابير اللازمة في حق وال وست عمال، إضافة إلى أزيد من 100 مسؤول في السلطة، بمختلف الرتب، ومن جميع المدن المغربية تقريبا.
هذين الحدثين، وإن كانا شبه متباعدين من حيث الموضوع، إلا أن الإعلان عنهما في نفس اليوم من طرف الديوان الملكي، يحمل دلالات عميقة، بالنظر إلى أن الحرص المولوي على تنمية الاقتصاد الوطني، وتوفير مناصب الشغل لليد العاملة من أجل تحسين سبل العيش الكريم للمواطنين المغاربة، لا يضاهيه، إلا حرص جلالته، على تطبيق واحد من أهم بنود الدستور المغربي، وهو تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعدم التردد في معاقبة كل من تثبت علاقته بأخطاء أو تجاوزات تمس بالصالح العام، وتؤثر سلبا على المسار التنموي الذي يحرص صاحب الجلالة على النهوض به والإشراف عليه.
وبالنسبة إلى قرارات الإعفاء والإحالة على المجلس التأديبي أو النظر في الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها في حق رجال السلطة رفيعي المستوى، الذين ثبت تورطهم في التقصير المؤدي إلى عرقلة مشاريع تنموية أو اقتصادية كانت ستجلب النفع العميم للبلد، فإن المبادرة الملكية، سيكون لها بالغ الأثر مستقبلا على كل من يتولى مسؤولية تدبير الشأن العام، ودرسا لباقي المسؤولين، الحاليين أو القادمين.
رسالة الملك كانت واضحة، وهي عدم التفريط في تطبيق القانون والكشف عن المتلاعبين أو المقصرين في التجاوب مع الثقة المولوية مهما كانت مناصبهم وأوضاعهم الاعتبارية.
كما أن التركيز على وزارة الداخلية وأطرها بالذات، يتضمن إشارة قوية، خاصة وأن مصالح هذه الوزارة، هي المشرفة على أهم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، بما لرجالاتها من سلطات كبيرة ونفوذ شبه مطلق في هذه المجالات.
الإشارة الثانية، تجلت في المشاريع الكبرى التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس والمتمثلة في 26 مشروعا استثماريا ضخما تعكس الديناميكية التي تميز فترة حكم الملك محمد السادس، وتركيز جلالته الدائم على التنمية وتطوير الاقتصاد كمدخل لترقية الأحوال المعيشية للمواطن، وتحسين صورة ومكانة المغرب في العالم.
هذه الإنجازات تعكس في الواقع إرادة راسخة لدى الملك محمد السادس في الارتقاء بالمغرب إلى مكانة لائقة بين الأمم التي حققت التقدم والتطور، بما سيمكن الأجيال القادمة من العيش في ظروف جيدة بفعل البناء الصلب والمتين للدولة في عدد من المجالات، وتحصين مكتسباتها واتخاذ بعض القرارات الحاسمة في مجالات شديدة الارتباط بانتظارات ومطالب المواطن.
ولعل المتتبع لمسيرة الملك محمد السادس في الحكم، سيقف على منجزاته التي تتحدث عنها الأرقام والمؤشرات التي حققها المغرب في أقل من عقدين ومكنته من ارتقاء سلم التنمية البشرية، وتحسين وضعه الترتيبي في عدد من القطاعات، كما ساهمت في تصحيح بعض الاختلالات وتقوية التنافس الاقتصادي، وتعزيز جاذبية البلاد في مجال استقطاب الاستثمار، وإدخال إصلاحات عميقة في مجال محاربة الرشوة والفساد، وتعزيز التنافسية، وتحقيق التقدم في مجال الحقوق الاجتماعية خاصة مقاربة النوع بعد التنصيص على المناصفة كمبدأ دستوري.
هذه المنجزات الملكية المتعددة واللافتة، تعتبر مكسبا للمغاربة اليوم، وهي بالتأكيد صمام أمان للأجيال القادمة.
محمد البودالي