في (الإنجيل) توجد قصّة (سَادٌوم).. لما قرّر الله سبحانه وتعالى معاقبة قوم (سادوم)، صار (ابراهيم) عليه السلام، يدعو ربّه أن يرحمهم ويعفو عنهم، فنزل ملاك من السّماء مبعوثا من العلي القدير إلى نبيه الكريم سيّدنا (ابراهيم الخليل) عليه الصلاة والسلام، فقال الملاك لسيدنا (إبراهيم): (ربّك يقرئك السّلام وقد سمع مطّلبك، فهو يقول لك، لو وجدت في هؤلاء القوم ولو عشرة صادقين ومؤمنين، لعفا عن الأمة كافّة وهو يملك عشرة أيام لتبحث عن هؤلاء العشرة الصّالحين).. بعد مرور عشرة أيام، نزل الملاك ليرى نتيجة بحث سيّدنا (إبراهيم) الذي أخبر مبعوث الله عزّ وجلّ بأنه لم يجد ولو واحدا من الصّادقين واستغفر ربّه العليم.. لكنّ (ابراهيم) خاف على (ابن أخيه) قال الملاك: ربك يخبرك بأنه وذرّيته سيكون من النّاجين، إلاّ زوجته فهي من الهالكين، فشكر (إبراهيم) ربّه وقد كان دوما من الشّاكرين عليه الصلاة والسّلام، وكان أمر الله مقضيا ودمّرت أمة الفاسدين..
سئل سيدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يا رسول الله، أنهلك وفينا الصّالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث)، يعني: الفساد.. فنحن في المغرب أمة مسلمة وأمير المؤمنين هو سبط النبي الكريم، وشعبنا مؤمن يذكر الله كثيرا كذكره آباءه أو أشدّ ذكرا، لكن لماذا كل مرة نصاب بمأساة مؤلمة يذهب ضحيتها فقراء.. لكن ماذا لو خطر مثلا لأمير المؤمنين أن يبحث عن عشرة صادقين من بين من هم في الحكومة أو البرلمان أو الأحزاب لإصلاح أحوال البلاد ومعالجة قضايا العباد، لو بحث عنهم لما وجد جلالته هؤلاء العشرة الصّالحين من بين من يسيّرون مؤسساتنا يدبّرون أمورنا، ويتخوّضون في أموالنا وقد خاطبهم جلالته نهارا، جهارا في البرلمان قائلا: (إتّقوا الله في الأمة)، فما اتعظوا، ولا إتقوا ولا استقاموا.
أنت تعرف أننا ابتلينا بمنافق وكذاب ومدّعي دين وورع وتقوى، فما أجرى الله خيرا على يديه، فمنذ بداية ولايته، وبعد تشكيل حكومته، تنكّر وأخلف وعده، ونكت عهده وحلّ الجفاف، ثم تمادى في غيّه، ومسّ بأقوات الفقراء، وبتقاعد الأجراء استجابة لتعليمات (البنك الدّولي)، بدعوى الإصلاح، ثم أقرّ تقاعد البرلمانيين، وهو تقاعد وصفته شيوعية من حكومته ب( جوج فرنك)، ثم رفع من الاقتطاعات وحرّر أثمان المحروقات وكسّر صندوق المقاصّة، وحاول إلغاء مجانية التعليم، واقتطع من أجور المضربين قبيل عيد الأضحى، وبدّر الملايير بدعوى محاربة الفساد، وقد سالمه بمقولة (عفا الله عمّا سلف) وأغدق على الوزراء المغادرين (70) مليون لكل وزير من أموال الأمة، ثم ( إنّ المبدّرين كانوا إخوان الشّياطين)، و(الإخوان) عرفوا بكراهيتهم للأوطان، بحيث (الوطن هو كمشة من تراب عفن)، وأن (الدّين هو وسيلة لجمع القطعان) كما قال (سيّدهم قطب)، ثم رفع (شعار رابعة)، وبعد ذلك قال إنه (غير محتاج لرضا الملك)، وبعدها مباشرة ساند (النصرة) الإرهابية، محاولة منه نسق العلاقات (المغربية الرّوسية).. والآن بعدما طرد من (جنّة الحكومة)، تراه يصرّ على ولاية ثالثة في الحزب مثله مثل (روبيرت موغابي) في (زينبابوي)، ومن سيصوّت له، سيرتكب إحدى الكبائر مرّة أخرى وكأن (بنكيران) أهم من أمة ومن حزب ومن شعب، كيف يحدث هذا؟
خلال ولاية (بنكيران) المشؤومة جرفت السّيول ضحايا، وقد كان يريد نقل جتثهم بواسطة حافلة للأزبال لولا تدخل جلالة الملك الذي أنقد سمعتنا، كما عرفت ولايته مآسي عديدة كإحراق المسحوقين لأجسادهم أو شنق أنفسهم وهو ما يشبه الفاجعة التي عرفتها ولاية خَلفه (العثماني) منذ أيام في (الصّويرة) نتيجة التدافع مما يبين أن طالعهما نحس، ولا فرق بين الخلف والسّلف، فكلاهما يكرسّان الفقر، والبطالة بدليل أن (بنكيران) رفع دعوى قضائية أعطى فيها تعليماته ضدّ المعطّلين الذين سبق وأن وعدهم، فقام بعزل القاضي الذي كان قد أنصفهم، والآن خلال مناقشة (القانون المالي) لسنة (2018) قام الخلف (العثماني) الذي قال إن قلبه يتقطّع على المعطّلين)، قام بحذف (4) الاف منصب شغل وفرض سياسة (التّقشف) التي لن تطال الأكلة مثله والانتهازيين: ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) صدق الله العظيم.. فهل نسي (بنكيران) أم تناسى أم يجهل ما قاله سيد المرسلين عليه السلام، مخاطبا عمّه (العبّاس) الذي كان يريد منصبا: ( يا عبّاس، يا عمّ محمد، إنها في الدّنيا، إمارة، وفي الآخرة خزي وندامة إلا من أخذها بحقّها، وأدّى ما عليه فيها،) ولا أعتقد أن ما تبقّى (لبنكيران) و(للعثماني) من العمر، يكفيهما للاستغفار، ولن يجري الله خيرا على يد أي منهما أبدا..