أمر جلالة الملك بإعادة النظر في عمليات توزيع الإحسان العمومي، بعد فاجعة الصويرة، التي ذهب ضحيتها 15 سيدة وعدد آخر من الضحايا، الناتجة عن التدافع خلال توزيع إعانات غدائية من قبل إحدى الجمعيات بمركز بولعلام نواحي الصويرة، وهي الكارثة التي أعادت سؤال العمل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية للوجود، والأمر الملكي لمن يفهم معنى القول الملكي هو دعوة لتبني نظام جديد للرعاية الاجتماعية يحفظ كرامة المواطن المغربي، الذي وجد نفسه لظرف أو آخر تحت عتبة الفقر وفي حاجة لمن يساعده.
بمعنى أن الأمر الملكي موجه لمن يعنيه الأمر. وهو هنا الحكومة باعتبارها هي التي تشرف من خلال الوزارات والمؤسسات التابعة لها على عمليات الإحسان العمومي، سواء نظمته الحكومة أو المجتمع المدني. لكن هل الحكومة قادرة على التفكير في هذا النظام الجديد وإخراجه لحيز التنفيذ أم تنتظر أن يبعث لها الملك مشروعا متكاملا؟ وهل من مهام الملك الدستورية أن ينوب عن الحكومة في شغلها؟ وسبق لجلالة الملك أن نبه الأحزاب السياسية التي تختبئ وراء القصر الملكي، وإذا كانت النتيجة إيجابية تتبناها وإذا كانت سلبية تنسحب، حيث ينطبق عليها القول المشهور "الانتصار كل أبوه والهزيمة يتيمة".
لكن هل الحكومة في مستوى التحديات المطروحة على المغرب. طبعا لا. فهي مجرد ملهاة يتسلى بها من كانوا بالأمس يتطلعون للوجود السياسي. كل الأحزاب معنية بما نقول لكن اخترنا التركيز على الحزب القائد للحكومة باعتباره الفائز بالرتبة الأولى، ولا يستشكل علينا أحد بما يسمى البلوكاج أو غيره. لأن الحزب هو الذي يقود الحكومة اليوم.
يقضي رئيس الحكومة، وهو بالمناسبة رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية، ووزراء الحزب، الاعضاء بالصفة في الأمانة العامة، وقتهم في الصراع حول الولاية الثالثة، معها أو ضدها، بينما هم يتقاضون أجورا وتعويضات وتكميلات كلها من المال العام، اي من جيوب الناخبين، وذلك مقابل أن يؤدوا عملهم بالوزارات، ويخصصوا وقتهم كاملا للتفكير في المشاريع وفي إخراج البلاد من الأزمة.
لكن الحزب الحاكم اليوم مهتم بصراعاته الداخلية، فعبد الإله بنكيران، الأمين العام، يفكر كيف يقضى على أصحابه وإخوانه بضربة مميتة، والوزراء منشغلون أيضا بتوجيه ضربة قاضية للأمين العام قصد قتله نهائيا. ليس الوزراء وحدهم من يتحمل مسؤولية انشغال أبناء الحزب بحزبهم على حساب قضايا المجتمع ولكن بنكيران هو المسؤول الأول باعتباره يسعى للانتقام لشخصه بعدما تم عزله من رئاسة الحكومة وتعيين العثماني مكانه، والوزراء يسعون لقتل بنكيران باعتباره كان أبا للجميع.
فما معنى أن يقضي أبناء الحزب وقتهم في المؤامرات الداخلية، بينما قضايا المجتمع تضيع؟ فهل يهم الناخب والمواطن عموما أن يكون بنكيران أمينا عاما أو العثماني أو رباح أو الرميد أو زيد أو عمرو من الحزب؟ المواطن يهمه المشاريع وإنتاج الثروة وانشغال الوزراء بمهامهم. لهذا فإن نظام الرعاية الاجتماعية المطلوب إحداثه يحتاج إلى هزة حكومية.
Annahar almaghribiya