بدأتْ مشاكلُ [روسيا] القيصرية مع الفساد بمظاهرة ترأّسها القسّ [غابُّوني]، وكانت سِلميةً، لكنّ المجرمين الشيوعيين حوّلوها إلى مذبحة سُمّيت [الأحد الدامي] وذلك بتاريخ [الأحد 22 يناير 1905] تلتها بعد ذلك عملية اغتيال [الدوق سيرج] في [18 فبراير 1905]؛ ثم أعقبتها مجزرةٌ على ظهر البارجة [بوتومكين] في البحر الأسود، بين البحّارة والضبّاط، بسبب لحوم فاسدة، وكان ذلك يوم [28 يونيو 1905]؛ ثم أتت الكارثةُ العظمى بهزيمة الأسطول الروسي في مضيق [تسوشيما] أمام الأسطول [الياباني] بقيادة الأميرال [توغو]؛ ومن بين [26] بارجة روسية، أُغرقَت [17] بارجة، وخمس منها تم حجزُها، وسُجن الأميرال الروسي [روديسفانسكي]، كان كل ذلك نتيجة فساد استشرى في دواليب الدولة، وصارت [روسيا] في تراجعٍ لا تخطِئُه العيـنُ.. وفي سنة [1911]، وبعد تشكيل حكومات فاشلة، اهتدى [القيصر نيكولا الثاني] إلى رجل وطني صارم، وحازم، ومصلح ما كان الشعب الروسي ليحلم بأفضل منه، كما أجمع على ذلك المؤرّخون؛ كان رئيس الحكومة هذا يسمى [إسْطُولبين]..
بدأ [إسطولبّين] بإصلاحاته الجذرية، وأزال الامتيازات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومنح الحقوقَ المدنية للفلاحين، وأعاد كافة الحقوق المهضومة للمواطنين، فكان بذلك من المصلحين الكبار الذين ما عرفتهم [روسيا] في تاريخها.. قال لينين: [يجب إيقاف هذه الإصلاحات بأي ثمن، لأنها ستجعل (ثورتنا) غير ذات أهمية].. وفي ليلة مظلمة من ليالي [شتنبر عام 1911] اغْتِيلَ أكبرُ وزير مصلح عرفتْه [روسيا]؛ هكذا قال المؤرّخون؛ وكان [إسطولبّين] يحضر عرضا مسرحيا في مسرح [كييڤ]، وكان القاتلُ محاميا صهيونيا يدعى: [مُورْدَخاي بورْغوف].. فالشيوعيون والاشتراكيون هدفُهم هو الاستيلاء على السلطة، ولم تكن تهمّهم يوما الإصلاحاتُ في شيء.. لقد حوّل القيصر الملكية الروسية المطلقة إلى حكم دستوري، وبدأ [مجلس الدوما] بالعمل، ومع ذلك استمرّ أعداءُ الملكية بالدسائس لأن الشيوعيين والاشتراكيين هم أعداءُ الملكية، ولا يؤمَن جانبُهم، ولا ثقة فيهم، ولا أخلاقَ لهم إطلاقا؛ وقد قال نبيُّ عقيدتهم [لنين]: [لا يجود شيء في السياسة اسمه أخلاق] فهم الذين جعلوا خيانة الأوطان سياسةً، والإرهابَ وسيلةً، والكذبَ إيديولوجية، والتجويع طريقة في الحكم..
واليوم، بعد الإفراج عن الوثائق التاريخية، أدرك الروس الحقيقةَ، وقد اجتهد المؤرّخون في تحليلها، وأُعيدت كتابةُ تاريخ [روسيا] الشيوعية، وتحقّقَ الشعبُ، واقتنع من براءة القيصر [نيكولا الثاني]، وأنه لم يكن كما صوّره لهم الكذبةُ الشيوعيون، وأنه لم يرتكب ما اتهمه به الصهاينةُ.. كان [نيكولا الثاني] ذا مظهر استبدادي، ولكنه لم يكن في سياسته لا مجرما، ولا استبداديا إطلاقا.. كان يريد الإصلاح، ولكنّ الحاشية المحيطة به من خونة، وعملاء، وانتهازيين، لم تكن تريد إصلاحات قد تؤدي إلى رضا الشعب، على حساب مصالحها، ولا أدلّ على ذلك، اغتيالُ رئيس الحكومة، والمصلح العظيم [إسْطولبّين].. اليوم، عرف الروسُ حقيقةَ هؤلاء الحُمْر، والاشتراكيين الماسون.. اليوم، عرف الشعبُ أن خلال تظاهرات [فبراير 1917] وفوضى: [08 مارس 1917] حيث احتشد الآلاف من العاطلين، والنساء، بإيعاز من زُمَر الأشرار هنا وهناك، لم يكن القيصر في قصره، ولم يكن له علمٌ بما حصل، لأنه كان في الجبهة يزور الجنود.. وفي تقاطُع [نيفسكي بروسبِكت، وقنال كاترين] قام رجال الشرطة بتفريق المتظاهرين بدون أي إصابة تُذْكَر، وبدا أن الأوامر كانت قد أُعطيت للشرطة لتجنّب التورط مرة ثانية في حادثة مماثلة لحادثة يوم [الأحد الدامي عام 1905].. قد يبدو وكأني أحكي عن أحداث [الحسيمة]، ولكنّي أذكر أحداثا مرّ عليها قرنٌ من الزمن، ومع ذلك تعود كل مرة..
كان الفاسدون قد أطلقوا النار على الجماهير من أماكنهم السرية؛ وهاج الرعاعُ، وهاجموا الشرطة متهمين إياها بالبدء في إطلاق النار، وذبحوا عددا من رجال الأمن [اكديم إيزيك]؛ وأُطلق سراحُ المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام، ليشتركوا في حملة الدم؛ وهكذا خلقوا الظروفَ الملائمة لحكم الإرهاب الأحمر.. فالشيوعيون، والاشتراكيون، ومعهم (الإخوان) لا يؤمَن جانبُهم، ولن يُجري الله خيرًا على أيديهم، كما أنهم أعداء الأوطان، وبذلك عُرفوا، وأعداءُ الملكية رغم نفاقهم، وتاريخُهم الدامي شاهدٌ عليهم، وهو ما يجعل الشعوبَ تتخلّص منهم، وتهجر مقرّاتِهم.. ونحن في المغرب، نعرف ما فعلوه منذ استقلال الوطن، وما سقوه للشعب كلّما تولّوا تدبيرَ أمور البلاد، وكيف باعوا أملاكَها عبر الخوصصة التي كانوا ضدّها ويندّدون بمن ينادي بها.. ورغم نفاقهم، فإن زلاّت لسانهم تفضحهم وإنْ حرصوا.. فاحذروهم يا معشر المغاربة الأحرار، وذودوا عن ملكِيتكم؛ ففيها خيركم، وسلامكم، ووحدتكم، واهجروا هؤلاء وأعرضوا عنهم..
فارس محمد