أثارت افتتاحية النهار المغربية لعدد أمس تحت عنوان "قطر وسلوكها الضبابي"، ردود فعل كثيرة من بعض القراء، نحسبهم كذلك ونعتقد أنهم كتائب تخدم أجندة واضحة، واعتبرت كل هذه الردود، التي توصلنا بها أو تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الافتتاحية مجانبة للصواب ومضرة بالمغرب خصوصا مع الزيارة التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس لهذا البلد، كما أن قناة الجزيرة تتعاطى بإيجابية مع المغرب.
في هذا الكلام مغالطات خطيرة، وهي مغالطات منطقية. فالزيارة الملكية لا تنفي ما قلناه، لأن الديبلوماسية المنتصرة هي التي تطفئ الحرائق ولا تشعلها، وهي الديبلوماسية التي يقودها جلالة الملك، الذي اختار مصافحة الجميع دون أحقاد لأن الجيوبوليتيك لا ينبني على نشر السموم، والمغاربة المسؤولون يلتقون الجزائريين في أكثر من مناسبة ويتوصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتهاني عيد الثورة من جلالة الملك، والجزائر بلد يقود ضدنا حربا معلنة منذ نصف قرن.
أما نحن فنقوم بدورنا في النقد وتسليط الضوء على الزوايا المعتمة من القضايا المطروحة، والافتتاحية المذكورة تناولت موضوع الصورة المفبركة التي أظهرت جلالة الملك يحمل وشاحا يسيء إلى دول أخرى شقيقة، بينما اختار المغرب أن يكون محايدا ناصحا في الصراع بين دول المقاطعة وقطر، والوشاح المذكور حاول إظهار جلالة الملك منحازا لقطر، ومن باب الشك ولفائدته نعتبر قطر "مسؤولة"، خصوصا وأننا نشرنا مقالا عن الموضوع أدرجنا معه صورة للإعلامية الجزائرية بقناة الجزيرة خديجة بن قنة، المعروفة بعلاقاتها مع كبار القوم في الدوحة، والتي كانت أول من روج للصورة المفبركة.
أما المغالطة الثانية فهي القول بأن الجزيرة اليوم لا تعادي المغرب. قطر اليوم في حاجة إلى المغرب ولهذا أصبحت الجزيرة مع المغرب الذي كانت ضده منذ بداية الربيع العربي وتحرشت به. وهي اليوم مع الحوثيين وقد كانت مع الجهة الأخرى. أي هي مع أي انقلاب في الموقف القطري، وقصة الموضوعية مجرد خرافات تنطلي على من لا يعرف كيف نشأت ولأي غرض؟ ولصالح من يتم توظيفها؟
عندما تقوم الجزيرة بمدح بلد من البلدان أو زعيم من الزعماء فأعلم أنها موظفة لأحد سببين: إما أنها تمارس من أجل غرض يريده حكام الدوحة أو أنها تستعد لضربة قوية تحت الحزام، وهذا ديدنها.
قبل بداية الحرب في سوريا، كانت الجزيرة "ساكنة" في دمشق، تنقل أخبار الدولة السورية ورئيسها بشار الأسد، ونقلت لقاءه مع يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الإخواني، الذي وصفه بأوصاف مثالية وأحيانا خيالية، وبعدها بأشهر بدأت في شيطنته والتحريض ضده، ومثله عملت مع العقيد القذافي.
نحن لم نتجنى على قطر ولكن اعترفنا بمواهبها في الصناعة الإعلامية باعتبارها أخطر أدوات الحرب في العصر الحديث، وجهد ما قمنا به هو تحديد طبيعة التصرفات القطرية والخانة التي تدخل فيها، ومن عرفته لا تهمك تصرفاته لأنك تعرف كيف تعامله وتتعامل معها.