كشف تقرير الدورة الواحدة والعشرون للمجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان عن انحسار الجماعة داخل أطروحاتها القديمة، حيث لم تأت بجديد، ومن يقرأ التقرير المذكور يكتشف لعبة "نسخ لصق"، إذ لا يوجد تفاعل مع الواقع ولا فهم مخرجاته، كما لا توجد تصورات للمستقبل، ولكن انتقاد للجميع، وتناقضات صارخة من قبيل اتهام كافة الأحزاب السياسية بالخضوع والتبعية وفي الوقت ذاته الدعوة للنضال الجماعي من أجل تحقيق الأهداف، دون تحديد مفهوم المجموع المفروض فيه النضال وهل يشمل الأحزاب السياسية أم لا؟
وقالت الجماعة في تقريرها إن "الملك لا يزال مركز السلط، بل سلطة فوق السلط. والعمل الحكومي غارق في العجز والمحدودية ولا يتجاوز في أحسن الأحوال مهمات تصريف الأعمال وتبييض اختيارات المخزن. أما المشهد الحزبي في عمومه فعنوانه العريض هو الخضوع للإرادة المخزنية وارتهان القرار الحزبي لها؛ حيث لم يفلح في استعادة ثقة المواطن المغربي الذي عبر عن عدم الرضا بخيار المقاطعة الواسعة للعملية الانتخابية برمتها".
وفي الحديث عن المقاطعة مغالطات كثيرة لأن الجماعة تعتقد أن الذين لم يذهبوا لصناديق الاقتراع لاعتبارات متعددة، قد استجابوا لنداء المقاطعة الذي أطلقته قبيل الانتخابات.
وأضاف التقرير "نكتفي في هذا التقرير بالتركيز على الخطب الأخيرة للملك التي أصبحت تستعمِل خطابا منتقدا سواء للإدارة العمومية أو الطبقة السياسية، وكأن الملك معارض وليس المسؤول الأول عن السياسيات العمومية".
هذه الفقرة بينت أن الجماعة لا ترغب في فهم المشهد السياسي في المغرب، حيث غاب عنها مفهوم "ثورة الملك والشعب"، وأن النقد الملكي للإدارة والأحزاب يندرج في هذا السياق المتجدد، وهو نفسه السياق الذي جاءت فيه الاستجابة الملكية لحراك الشارع، الذي لم تستوعبه الجماعة أيضا.