رفع 400 مليونير وملياردير أمريكي مذكرة إلى الكونغرس قصد الرفع من الضرائب المفروضة عليهم وفي أحسن الأحوال عدم تخفيضها. خبر غريب لكنه واقعي. وقد تحدث القرآن الكريم عن "الذين يكنزون الذهب والفضة"، أي مراكمة الثروات، والكنز هو المال الذي لا تؤدى منه الحقوق. الكنز بهذا المعنى هو الربح ومراكمة الثروة في حسابات قليلة تتضاعف معها أزمة البلاد التي تنعكس سلبا على المواطنين.
اكشتف الغرب أن مراكمة الثروة شيء سلبي ينعكس تأثيره على الجميع بمن فيهم الكانز. وفي كثير من الدول الغربية ينظرون للشركات ويتم تصنيفها. فالشركات التي تربح بسرعة وبسهولة تفرض عليها الدولة، عن طريق التشريعات طبعا، ضرائب مرتفعة، حتى لا تتراكم الثروات بشكل بشع، بينما الشركات التي تتعب من أجل الربح تفرض عليها ضرائب أقل وأحيانا يتم إعفاؤها قصد الاستمرار وتشغيل الناس.
هذا شكل من أشكال التوزيع العادل للثروة، فأصحاب الشركات ذات الامتياز الذين يربحون الملايير دون جهد جهيد، تقتسم معهم الخزينة الأرباح وأحيانا لا يتركون لأصحابها إلا القليل. يعني الذي يربح بسهولة يصرف على الذي يربح بصعوبة، كي يستمر المجتمع وتستمر الدولة، اما إذا تراكمت الثروات في جانب واحد فيعني انهيار الاقتصاد الوطني.
في التاريخ انهارت المجتمعات والدول وحتى الحضارات نتيجة الكنز دون الإنفاق. ولا يعني به هنا مفهومه الأخلاقي ولكن الاقتصادي أي المفروض قانونا، فالأخذ من الغني من أجل الفقير نظام عالمي تواضع عليه الجميع، لكن عندما تنعكس الآية ويصبح الفقراء هم من يصرف على الأثرياء فتلك علامات الساعة. أي قيامة البلد وموته.
في أمريكا يسعى الكونغرس لتخفيض أشكال من الضرائب إرضاء لبعض اللوبيات، لكن هاته المجموعة من الأثرياء لا ترغب في ذلك، تسعى للضغط من أجل رفع الضرائب.
لا نريد في المغرب نموذجا مثل النموذج الأمريكي يطالب برفع الضرائب. لكن نريد فقط الالتزام بأداء الضرائب دون استغلال النفوذ والتهرب من مستحقات البلد، فأغلب الشركات الكبرى تتحايل قانونا كما تلجأ بعض اللوبيات إلى البرلمان لإسقاط بعض النقط من قانون المالية.
في المغرب أثرياء كثيرون وتطور عددهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبدل أن ينعكس ذلك على الجو الاقتصادي العام بشكل إيجابي تضرر منه الاقتصاد الوطني، لأن الثروات تتراكم في اتجاه واحد، دون أن يكون الأثرياء قادرين على اقتسام منتوجهم مع الآخرين، ولا يعني بالاقتسام الصدقة ولكن الالتزام بأداء الضرائب من جهة، ومن جهة ثانية أن يكون البرلمان قادرا على وضع تشريعات تضمن التوزيع العادل للثروة.