بقلم: محمد البريني
هل يلبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دعوة حزب العدالة والتنمية، الفائز في الانتخابات التشريعية، وينضم إلى الحكومة التي سيشكلها عبد الإله بنكيران؟ الأصداء التي تصل من صفوف مكتبه السياسي ومجلسه الوطني توحي بأن حزب القوات الشعبية فهم الرسالة العقابية التي تلقاها من الناخبين، وأن موقعه يوجد في المعارضة. اللهم إلا إذا تغير اتجاه الرياح بفعل ضغوط الطامعين في احتلال كراسي في الحكومة.
إذا حدث هذا فلن يكون مستغربا؛ لقد سبق للاتحاد الاشتراكي أن أصدر بيانا عقب تعيين ادريس جطو، انتقد فيه غياب المنهجية الديموقراطية، وفهم الجميع، آنذاك، أنه سوف يعبر عن غضبه بالاصطفاف في المعارضة، لكن المفاجأة كانت كبيرة عندما تراجع وقبل المشاركة في الحكومة، وتنكر، بذلك، للمسؤولية التي أناطه بها الناخبون عندما منحوه أصواتهم ومكنوه من المرتبة الأولى في الانتخابات.
لعل الأصوات الرافضة الاستمرار في الحكومة تأتي من الشرائح الاتحادية التي تتذكر أن حزبها كان في عهود سابقة حزبا عتيدا، وكان يشكل قوة اقتراحية مؤثرة في الحياة السياسية المغربية. وعندما تقوم الشرائح بالمقارنة بين ما كان عليه حزبها في السابق وما أصبح عليه اليوم، تندهش من هول التدهور الذي أصابه. كان له إشعاع كبير مكنه من انتزاع الانتصار على الأجهزة الإدارية المعادية له في العديد من المحطات الانتخابية، فقد وصل إلى تسيير جل المدن المغربية الكبرى، لكنه فقدها كلها باستثناء مدينة أكدير، وتمكن في إحدى الولايات البرلمانية من أن يحصل على أغلبية مقاعد الدار البيضاء، فأصبح اليوم لا يتوفر حتى على مقعد واحد في مدينة الاقتصاد والمال والطبقة العاملة، وكانت تمثيليته كبيرة وسط المهندسين والاقتصاديين والكتاب، والمثقفين، والمفكرين، والأطر العليا…الخ، لكنه تخلى عن هذه الفئات التي كانت تغذي حيوية انتاج الأفكار داخله وداخل المجتمع. كان قريبا من المواطن، فأصبحت أغلب مقراته مغلقة طيلة السنة… ولا شك أن منهم من يخشى أن يصبح مصير حزبهم شبيها بمصير بعض الأحزاب التركية التي تحولت إلى أشباح.
فهل يسمع الاتحاد الاشتراكي أصوات هذه الشرائح التي لم تفقد ذاكرتها، ولا الهوية الأصلية لحزبها؟ الجواب لن يطول انتظاره كثيرا.