توفيق عمور
المرض العضال الذي يعاني منه القطاع الفني المغربي هو الكبرياء والنرجسية الزائدة التي ابثُلِيَ بها البعض ، وعدم الاهتمام بالآخر في نجاحاته كما في انتكاساته ، الكل يأخذ لنفسه طريقا لوحده ، وكأننا غرباء عن بعضنا أو كأننا أعداء تتقاطع مصالحنا لا تلتقي ... ، تختلف أهذافنا لا تتوحد ، تتضارب آمالنا لا تنسجم . كل منا يحاول من جهته جر السفينة التي نركبها جميعا للوجهة التي يراها في نظره صحيحة ... مع أن هذه السفينة نركبها جميعا ومصيرها من مصيرنا ...
إذا ما تصفحنا فقط بعضا من صفحات هذا الفضاء الأزرق سنتحقق من هذه المعضلة وهذا الداء الذي استشرى في جسد الفن لينخره ويُسقِطه صريعا ، هذا الداء الذي اسمه " التعالي والكبرياء " الذي يشتث كل الجهود والنوايا الحسنة ليجعلها باهثة في ظهورها للعيان ، كالفقاعات الهوائية التي كلما انتفخت كلما اقتربت من نهايتها لتسقط أرضا وتنذثر للأبد :
- مبادرة إنسانية اجتماعية حركتها أيادي نظيفة بالدار البيضاء ...
- مبادرة موازية نبيلة لأحد الفنانين من أجل المطالبة بإنشاء مؤسسة اجتماعية للفنانين ...
- نقابة خلقت لنفسها صفحة رسمية تدافع عن حقوق الفنانين وتفضح من يلعب بحقوقهم المختلفة ويزدريها
- لقاءات وأيام تواصلية وتوصيات هامة رُفعت للمسؤولين ولا أحد تابع أو اهتم أو تفاعل ...
- فنان متدمر يصرخ ويطالب بزلزال فني يعيد ترتيب الأوراق وإعادة الاعتبار للرواد .. .
- " كلها يلغي بلغاه " ، وكل يبكي منفردا بطريقته على أطلاله ...
= هي مطالب هامة وكبرى وأساسية ... ولكن يُعبِّر عنها الفنانون وهم فرادى ، فلا تصل إلى من بأيديهم الحل والعقد ...
* الكلُّ يراقب الكلَّ في صمت ، في تحركاته وفي إبداعاته ومجهوداته ... ينتظر إما النجاح ليركب عليه أو السقوط المدوي للآخر ليشمث فيه !
* الكل يعتبر بأن أية مبادرة مهما كانت أهميتها وفائدتها للمجال ، لا تهمه ولا يجب التعامل معها أو دعمها ما دام أنها ليست صادرة عنه وليس هو صاحبها ...
* الكل يعتبر نفسه أحسن وأذكى وأعلم وأحق وأسبق من غيره في كل شيء وأي شيء ...
* نقابات مقربة من مصدر القرار تدعي الدفاع عن الحقوق وهي في الحقيقة متاجر مفتوحة تُذِرُّ على القائمين عليها دعومات وامتيازات لا تعد ولا تحصى ...
٠ وآخرُ هناك يدعي المعرفة والوصاية على غيره ... يغني ... لا يغني ... يغرد ... فعلا هو يغرد خارج السرب !
كل هذا بسبب ذلك الداء الخبيث الذي تَمَكَّن منا وسرى في عروقنا ... فاستسلمنا لمضاعفاته ونحن نترقب وننتظر ساعة الاحتضار لتقطير العسل في فم ذاك الذي سيودعنا ...
- فمتى نتجرد من كبريائنا وتعالينا ؟
- متى نفهم بأننا نركب نفس السفينة التي تتخبطها الأمواج ؟
- متى نستمع لبعضنا البعض ، ونحاول فهم بعضنا ؟
- متى تذوب الأنا في الكل ؟
- متى نتوقف عن التغريد خارج السرب ؟
- متى يكون صوتنا واحدا ومنسجما وقويا نصل به للمنابر والجهات التي لا تستمع للعزف المنفرد مهما كان بديعا ؟
ملاحظة لها علاقة بما سبق :
من أعراض الداء المستشري الذي تكلمت عنه أعلاه هو المرور الصامت على هذه التدوينة دون مشاركة أو ملاحظة أو إبداء رأي ...