يحتفل الشعب المغربي، يومه الاثنين 6 نونبر 2017، بفخر واعتزاز، بالذكرى الثانية والاربعين لإعلان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة . وتعتبر هذه الذكرى ، التي بصمت تاريخ المغرب الحديث، مناسبة لاستحضار حقبة من تاريخ المغرب الحديث ذات دلالات عميقة تؤرخ لصفحات مشرقة من نضال الشعب المغربي من أجل الوحدة الوطنية.
ففي يوم 16 أكتوبر 1975، أعلن المغفور له الملك الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء التي مكنت الشعب المغربي من استرجاع أقاليمه الجنوبية ، وذلك بعد تأكيد محكمة العدل الدولية بلاهاي، في رأيها الاستشاري، أن الصحراء لم تكن يوما "أرضا خلاء"، وأنه كانت هناك روابط قانونية وأواصر بيعة بين سلاطين المغرب وبين الصحراء.هذا وجسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر عام 1975، مدى عمق تشبث المغاربة بكل فئاتهم وشرائحهم بمغربية الصحراء وبالعرش العلوي المجيد، حيث سار تلبية لنداء جلالة المغفور له الحسن الثاني 350 ألف مغربي ومغربية، بنظام وانتظام في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني.
ودخلت الأقاليم الجنوبية منذ تنظيم المسيرة الخضراء عهدا من الانجازات الهامة والنوعية ،و مكنت هذه الدينامية، التي تم إطلاقها برعاية من جلالة الملك، من ضخ استثمارات هائلة بهذه المنطقة من المملكة منذ استرجاعها، كما وجهت الجهود المبذولة في مجال توسيع وتعزيز البنيات التحتية، ووضع وتطوير الخدمات الاجتماعية ومكافحة الفقر.
وقد تأكد بالملموس ان الزيارة الاخيرة لجلالة الملك نصره الله للأقاليم الصحراوية قد حققت المبتغى في اطار استراتيجية طموحة للتهيئة الترابية والتنمية الاقتصادية للمملكة، كافة الوسائل من اجل جعلها نموذجا للتنمية الواعدة بالتقدم الاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي، لفائدة كافة السكان بمختلف اجيالهم. كما ان جلالة الملك برهن مرة اخرى ،من خلال برنامج استثنائي لتطوير الصناعة والسياحة ، وتحقيق التنمية المستدامة، والنهوض بالتربية والبحث،عبر مشاريع ضخمة مثل القطب التكنولوجي لفم الواد، وميناء بوجدور، على رؤيته الطموحة لفائدة الشعب المغربي.
ويرى المتتبعون انه إذا كانت الجهود قد تركزت خلال 42 سنة الماضية على ضخ استثمارات في مجال تشييد وتعزيز البنيات التحتية الأساسية، وتوسعة نطاق الولوج إلى الخدمات الاجتماعية ومكافحة الفقر، فإن "السنوات المقبلة ستشهد تجسيد تطلعات السكان بما يتماشى وروح الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي وإحداث فرص الشغل وخلق الثروة، وهدا ما نلمسه في الخطاب التاريخي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة، قال جلالته .. "كما نؤكد التزامنا بتفعيل الجهوية المتقدمة، وجعل أقاليمنا الجنوبية في صدارتها، لما تتيحه من مشاركة السكان في تدبير شؤونهم المحلية، ومساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة، ولما توفره من أجواء تعبوية، تقوم على حركية مجتمعية واعدة، تفرز نخبا جديدة، لاسيما من النساء والشباب، في إطار تداول ديمقراطي مفتوح على السلطة".وهذا الخيار من شأنه ان ينسجم كذلك مع مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية الذي تقدمت به المملكة كتسوية جدية وذات مصداقية للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
وضدا عن كل الحاقدين فالأقاليم الجنوبية للمغرب تعيش حاليا على وقع "تحول حقيقي على أرض الواقع" بفضل دينامية الإصلاحات على جميع الأصعدة، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، واكيد ان تفعيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية والرامي إلى ضمان اندماج نهائي لهذه الأقاليم في الوطن الموحد، سيعزز ريادته كأول بلد في محيطه يوسع من صلاحيات الساكنة المحلية في تدبير شؤونها، وبالتالي المساهمة في تعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي وصلة وصل بين المغرب وعمقه الأفريقي.