تعيش جنوب إفريقيا، التي يعاني اقتصادها ترهلا خلال الأشهر الماضية، على وقع تفاقم أزمة البطالة، ما يقوض السلم الاجتماعي في بلد يعاني فوارق صارخة.
وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الجنوب الإفريقي أن معدل البطالة بلغ 27،7 بالمائة من الساكنة النشيطة للربع الثالث على التوالي.
ويعكس هذا الرقم فشل جنوب إفريقيا، التي تقدم على أنها من بين أكثر دول القارة تصنيعا، في خلق فرص شغل خلال تسعة أشهر.
ويرى المحللون ضرورة التعامل بحذر شديد مع رقم 27،7 بالمائة، بالنظر إلى أن البطالة متفشية بشكل أكبر وسط الشباب في المناطق المهمشة حيث تعيش الأغلبية من ذوي البشرة السوداء، في حين تعتير عدة دراسات مستقلة أن 60 بالمائة من الشباب على الأقل غير قادرون على إيجاد عمل.
وفي هذا الصدد، أوضح جوهانيس كوسا، خبير بأحد أهم البنوك بجنوب إفريقيا "ندبانك"، أن "هذه الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء تعطي دليلا إضافيا على تقهقر الظروف الاقتصادية العامة في البلد وضعف قدرة الاقتصاد على خلق فرص شغل".
وعلى المدى المتوسط، يتوقع المحللون تفاقم أزمة سوق الشغل نظرا للغموض السياسي الذي يخيم على البلد واحتمال تخفيض تصنيفه الائتماني السيادي من قبل الوكالات الدولية.
وحسب ما أوردته الصحافة المحلية، تعتزم وكالات التصنيف الدولية تخفيض ائتمان جنوب إفريقيا خاصة بعد خطاب وزير المالية، مالوسي جيكابا، الأسبوع الماضي أمام البرلمان.
في هذا الخطاب، أشار الوزير إلى أن بلاده ستحقق نموا ضئيلا جدا لا يتجاوز 0،7 بالمائة في 2017، مضيفا أن حكومته تتوقع ارتفاع العجز في الميزانية وراتفاعا في المديونية العمومية.
وتعتبر نسبة 0،7 بالمائة غير كافية لتحقيق الأهداف المسطرة في استراتيجية النمو التي وضعتها الحكومة، إذ تحتاج جنوب افريقيا لنسبة نمو سنوي لا تقل عن 5 بالمائة لتقليص البطالة المنتشرة.
وتوضح التحليلات الاقتصادية أن تخفيض تصنيف الائتمان السيادي لجنوب إفريقيا، الذي يقبع في أدنى مستوى له منذ 30 سنة، سيزيد من إضعاف ثقة المستثمرين بالبلد.
وقد سبق للقسم المختص بالاستثمارات بوكالة "موديز" أن أوضح أن تخفيض تصنيف جنوب إفريقيا، المستقر حاليا على نقطة واحدة، أمر لا محيد عنه نظرا لعدم قدرة حكومة بيرتوريا على تنفيذ الإصلاحات الضريبية للنهوض بالاقتصاد.
ويرى مدير استراتيجيات الاستثمار ببنك (أي بي إس أي) أن ضعف النمو وعدم الاستقرار السياسي وارتفاع نسب البطالة واتساع الفوارق كلها عوامل تؤشر عل أن البلد في مسار سلبي.
ويعتبر المحللون أن أزمة اجتماعية تبرز على خلفية الصورة القاتمة للاقتصاد، مشيرين إلى أن البطالة قد ترتفع إلى 30 بالمائة من الساكنة النشيطة خلال الأشهر القليلة القادمة.
وفي هذا السياق، قال توني هايلي، المحلل المختص في قضايا البطالة أن تخفيض التصنيف الائتماني لجنوب افريقيا يعني أن البلد لن يبقى وجهة للاستثمارات.
ونشرت وسائل إعلام جنوب افريقية، الاثنين الماضي، تحاليل تتوقع هروب رؤوس أموال إلى الخارج تقدر بأكثر من 14 مليار دولار في حال تخفيض التصنيف الائتماني.
ويسود سخط في الأوساط النقابية حيث تم تحميل الحزب الحاكم، المتربع على الحكم منذ 1994، المسؤولية في هذا الفشل الاقتصادي.
بن موسى الجزائر تايمز.