في حوار جرى بين [عمر بن الخطّاب] رضي الله عنه وثلّةٌ من الصحابة الكرام في مقر الخلافة، وتمحور هذا الحوارُ حول التحرش والمفاسد الآتية من الفُرس إلى بلاد الإسلام، ناهيك من الأكاذيب، والأضاليل، وقسْ على ذلك، وقد ضاق المسلمون ذِرعا بهذه الممارسات، فقال [عمر] رضي الله عنه قولتَه الشهيرة: [وددتُ لو كان بيننا وبينهم جدار]؛ وهذا يدلّل على ما عاناه المسلمون من جيرانهم الفرس.. ونحن في المغرب، كم وددنا لو كان بيننا وبين الجزائر جدار يكفينا شرور حكومة العسكر هناك.. فطيلة خمسين سنة، ما فتئت الجزائر تؤذينا، ولا أدل على ذلك موقفُها من وحدتنا الترابية، ودعْمها للانفصاليين الذين خلقتْهم ودعّمتْهم بالمال والسلاح بدعوى مساندة شعب في تقرير مصيره؛ وكم أخلصت الجزائرُ في ذلك إلى أقصى الحدود وأبعدها، وهو ما لا تفعله في قضية [فلسطين] السليبة..
فما رأينا [الجزائر] يوما تشارك في معركة كرامة إلى جانب العرب في حروبهم ضد العدو الإسرائيلي، فيما قبور جنودنا تملأ الرحبَ في [الجولان السورية].. ما سمعنا مبعوثَ [الجزائر] يُصَلْصل صوتُه في ردهات [الأمم المتحدة] لفضح وإدانة الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المغتصبة.. ما رأينا [الجزائر] تدفع للشعب الفلسطيني ولو خُمُسَ ما تدفعه لمرتزقة [البوليساريو] كما يساند [المغربُ] دائما ماديا وسياسيا هذا الشعب مهضوم الحقوق.. فلو ظلت مؤتمرات [منظمة التحرير الفلسطينية] تُقام في [الجزائر]، لما كان للفلسطينيين موقع على الخريطة كما هو الشأن اليوم على الأقل.. كانت [الجزائر] توظّف هذه المؤتمرات لتقحم فيها مرتزقة [البوليساريو]، وتنادي بتقرير المصير؛ فلماذا لم نسمعْها تساند انفصاليي إقليم [كتالونيا] لو كانت صادقة؟ لماذا لا تساند إقليميْ [لومباريا وڤنيتو] في [إيطاليا]؟ لماذا لا تساند انفصاليي [كورسيكا] في [فرنسا]، وهذا يدلّل على نفاق [الجزائر] وكَذِبها.. فلن يكون هناك سلامٌ ولا وئامٌ مما يروّج له المنبطحون وسماسرة إعلام الذل والاستسلام؛ والرأي الصائب هو قطْع العلاقة مرة واحدة وإلى الأبد مع [الجزائر] وهذا هو رأي الشعب..
إن [الجزائر] تستعملنا كستار، لإخفاء إخفاقاتها الاجتماعية، والاقتصادية، وسرقات جنيرالاتها، ضبّاط [فرنسا] الاستعمارية الذين اندسّوا في [جبهة التحرير]، وكانوا هم قتلة الشعب بالأمس، وهم الذين يختارون الرئيس عبر انتخابات صورية مغشوشة، حتى أصبحت [الجزائر] أضحوكة زمانها، والعالم يُقَهْقه، ويضرب كفّا بكف، ويستلقي على ظهره من وطأة الضحك.. لكنْ كم يكفي [الجزائر] من الوقت وكم يكفيها من [مغرب] لتحجب واقعَها المتردي، وتشغل شعبَها المقموع عن ظروفه العسيرة؟ فذاك لن يجدي نفعا لأن الزمن يؤدي بطبعه إلى نهاية، وسلامة [المغرب] تتمثل في قطع علاقاته، وسدِّ حدوده مع العدو الجزائري، ولا حاجة له بخير يأتيه من هذا البلد المحتل الذي سبق وأن حكمه حكّامٌ من أصل فارسي، ومن أصل تركي، ومن أصل فرنسي، حتى تغلغلت فيه الأحقاد والضغائن وكافة شرور المعمور.. دعْك من معزوفات [التسامح]، ومن عَيْطات [الإيخاء]، ومن شِعْر [الأشقّاء] التي يروّج لها إعلامُ المذلة والخنوع، وذاك هو ما جعل [الجزائر] تتجرّأ علينا كل مرة..
إن وضعية [الجزائر] من الداخل، تشبه تماما وضعيةَ أحزاب المذلة عندنا في [المغرب].. و[الجزائر] تعرف وضعية حكومتنا الحالية، وتعرف أن بها وزراء فاشلين، يتقاضون شهريا الملايين مقابل فشلِهم؛ وتعرف أن إعلامنا الضعيف يديره موظّفون انتهازيون لا خبراء، ولا أدل على ذلك، ردود فعْله الباهت على اتهامات الإعلام الجزائري البغيض في حق بلادنا.. إعلامٌ ليس منّا، ولا يعنينا، فهو يهتم بأحزاب الرّدة، وتناحُرِها؛ وبجلسات الحكومة الأربعينية وكذِبها؛ ونفاق البرلمان بغرفتيه وقد اكتظّتا بأعجاز نخْل خاوية.. كان ردُّ البرلمان باهتًا، وخجولا لغياب الوطنيين الصادقين فيه.. برلمانٌ ما حُلّت عقدةٌ من ألسنة الشعراء الكذبة فيه؛ فهم أقوياء فقط في ضرب تقاعُد المواطنين، وأقواتهم؛ وأقوياء في الدفاع عن تقاعدهم بلا استحياء؛ وأقوياء في رفْع الأصابع ضد حقوق شعب لم يصوّت عليهم، ولم يمنحْهم ثقتَه، ومع ذلك يمثّلونه رغما عنه؛ فهم أضعف من أن يواجِهوا بصرامة العدوَّ التقليدي يعني [الجزائر]؛ وكيف يواجِهون [الجزائر] وهم من أشباهها.. لقد سفّههم وزيرُ التعليم، ولم يُعِرْهم أية أهمية عند نشره قوائم بأسماء المتغيّبين، لعِلمِه المسْبق بضعف هذا البرلمان وحكومته، وهو منهم أصلا ويعرف حقيقتَهم، بالإضافة إلى إعلام التفاهات، والسخافات، وأنا لا أعني الصحفَ الوطنية المستقلة التي صارت تلعب دور المعارضة في بلادنا، وتكشف ما تتستّر عنه تفلزة الذّل، والهوان، والخيبات، ولا أحد يصدّقها..