بعد انتهاء الحلقة الأولى من بداية الزلزال السياسي بإعفاء أربعة وزراء ومسؤول كبير، وتأنيب خمسة وزراء سابقين وتبليغهم الغضب الملكي وحرمانهم من تولي المسؤوليات السامية، ينتظر المواطنون الحلقة الثانية من بداية الزلزال، الذي لن يقتصر على هذا الحد بل سيمتد لكل يد تحملت مسؤولية وفرطت فيها، وشكلت عقبات في وجه التنمية وعرقلت تنفيذ المشاريع.
لقد كان القرار هو إعفاء الوزراء والمسؤولين، واقتصر الحكم على هذا المستوى، لكن ممكن أن يمتد إلى مستويات أخرى، غير أن أكبر عقاب هو أن يتم منعك من تولي مسؤوليات سامية في المستقبل. لنفترض أن وزيرا أو مسؤولا غير متورط في اختلاسات مالية، لكنه فرط في مسؤولياته فهو بالنسبة إلينا مثله مثل طبيب غير مرتش لكنه ترك المريض يواجه مصيره لوحده فتسبب له إما في الوفاة أو في إعاقة أو مرض مزمن. فهل يعاقب أم لا؟
لهذا نعتقد أن الإعفاء مجرد رسالة ولكن العقوبات قد تتحول إلى مستويات أخرى، وفق استجابة وتجاوب المسؤولين مع القرارات الحالية، والقطع مع ثقافة الاستهانة بالمسؤولية، التي أصبحت أقل قيمة من أي وظيفة أخرى.
اليوم هناك انتظارات أخرى من المواطنين الذين سئموا وملوا من هذه الممارسات التي تقتل روح الانتماء للوطن، حيث أصبحت معها البلاد مجرد مكان لاستحلاب الأموال بدل تقديم الخدمات، وأصبحت المسؤولية، خصوصا السياسية، مجرد ريع يغتني معه من كان لا يلوي على شيء.
إذن الحلقة الثانية من الزلزال هي انتظار شعبي قبل أي شيء. ولا نريد الظلم لأحد علا شأنه أو دنا. ولكن لابد من المحاسبة وترتيب العقوبات على خلاصاتها. لقد تم إعفاء وزراء من مهامهم بقرار اتخذه جلالة الملك وفق ما يخوله له الدستور.
لكن الدور اليوم على رئيس الحكومة باعتباره هو من يمتلك الحق الدستوري في اتخاذ إجراءات في حق عدد من المسؤولين، الذين يقعون تحت مسؤوليته، فلا يمكن معاقبة الوزير لوحده وكأنه هو المسؤول المنفرد في القضية، فلا بد من محاسبة الكتاب العامين، ومعرفة مدى تقصيرهم في المهام المنوطة بهم، وكذلك المدراء وغيرهم، ونعتقد أن رقم 14 مسؤولا يمكن أن يتسع ليشمل دائرة أخرى من المتورطين في "جريمة" خيانة العهد ومحاولة حرق الوطن.
فكل فعل غير معقول يقاس بمدى تأثيره على المحيط والواقع. فالتفريط في المسؤولية هنا أدى إلى كارثة لولا الإدارة الذكية لها لكنا في قضية أخرى. التفريط في المسؤولية عطل مشاريع كثيرة. وتعطيل المشاريع أدى إلى أزمة اجتماعية بالحسيمة ونواحيها. والأزمة الاجتماعية أخرجت المواطنين للاحتجاج. والاحتجاج حق مشروع ودستوري. لكن الحركة الاحتجاجية ركبها أصحاب الأجندات من السياسيين وزعماء كارتيلات المخدرات وصولا إلى محاولة استجلاب التدخل الأجنبي وتدويل القضية.
لهذا نرى أن العقوبات ينبغي أن تصل كل واحد من المتورطين وتكون من جنس الفعل الذي استهدف وطنا بأكمله.
Annahar almaghribiya