ذ.عبد الكريم القلالي*
بسم الله الرحمن الرحيم
أستهل مقالي هذا بقول الشاعر:
شكوت وما الشكوى لمثلي عادة *** ولكن فيضان الكأس عند امتلائها
أبدأ القول بتقرير حقيقة هي: التيار الأمازيغي لا يمثل إلا نفسه، ولا يملك حق الحديث باسم الأمازيغ، ولم ينصبه أحد لينطق باسمنا أو يدافع عن حقوقنا؛ وحركاته وتصرفاته واحتجاجاته ينمي بها أرصدته الخارجية، واللهجة التصعيدية التي ينطق بها، تملى عليه من الخارج ولا تمثل حقيقة الأمازيغ أبدا ولا مواقفهم، وشعاراته النكدة التي يرفعها تأتي استجابة لنفسياته المنهزمة، ورغباته الحاطمة، وجشعه الطافح.
وكم يحز في نفس كل حر أبي في نفسه ذرة من حب الدين والوطن ما يتلفظ به بعض من يسخرهم التيار الأمازيغي من شعارات معادية لله ورسوله والمومنين، وإني باعتباري أحد أبناء هاته المنطقة التي يصدر منها هذا الجهر بالفحش من القول، أنكر كما ينكر عامة وخاصة أبناء البلد مثل هاته الممارسات الشنيعة لأناس لا هم لهم سوى مصالحهم الشخصية التي تملى عليهم من الخارج، ولو كان ذلك على حساب الدين والوطن، وهم شرذمة قليلة؛ كما هو ظاهر في التسجيلات الموثقة لحركاتهم، وأهل الريف الأحرار براء من الشعارات المعادية التي ترفع براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.
والتيار الأمازيغي لطالما رفع شعار العداء لله بتنكره لقيم الدين الإسلامي وطعنه المباشر في لغة القرآن لغة أهل الدين، وحاول بكل ما أوتي من قوة إقصاءها عن المشهد ولو أدى الأمر إلى أن يحل محلها أي لغة أجنبية أخرى كيفما كانت، الأمر الذي يعني أن القضية ليست حبا في الأمازيغية بقدر ما هي ولاء لجهات خارجية لها مصالحها في الحفاظ على لغاتها.
وعلاوة على هذا العداء المعلن المسبق نسمع في هاته الأيام شعارات ترفع، ونرى رايات تلوح في سماء البسيطة التي يتجمهر عليها هؤلاء، وليس بغريب أن ترى مثل تلك المشاهد؛ فمن رفع راية من أمطرنا بالغازات السامة ويلهجون بذكره بكرة وعشيا تلقاء فتات مادي ومعنوي يتلقونه منه؛ ليس بمستغرب أن يصدر منهم كل شيء.
وإذا كان الحس الديني الذي يمكن أن يخاطب به مقترفوا هاته الأفعال غائبا؛ فإننا نخاطبهم بما تبقى فيهم من حبة خردل من إنسانية؛ على الأقل لا تسيئوا للآباء والأجداد الذين قضوا نحبهم في الدفاع عن الأرض التي تقفون اليوم فوقها وترفعون شعارات مسبحة بحمد الذي ناصبوه العداء وطاردهم في بلدانهم وأهلك حرثهم وأصاب نسلهم بالآثار والغازات التي بقيت إلى اليوم تحرقنا وتقتلنا قتلا بطيئا بمرأى ومسمع من العالم أجمع؛ من كان منكم فيه ذرة من إيمان فليكف عن عداء الدين، ومن كانت فيه حبة خردل من وطنية فليكف عن عداء الوطن، ومن كانت فيه حبة خردل من إنسانية فليكف عن الإساءة لآبائنا الأموات وإخواننا الأحياء، ومن لم يكن فيه شيء من ذلك فليكف عنا شره.
قد نتفق على المطالب الاجتماعية التي ترفع؛ لكننا نعلم يقينا أنه حق أريد به باطل، وإذا اتفقنا معكم في المطالب؛ فلن نتفق معكم في الوسائل والشعارات التي ترفعونها؛ فالوسائل كما الغايات يجب أن تكون مشروعة؛ والغاية لا تبرر الوسيلة-عند المسلمين-، وعند الصهاينة: "الغاية تبرر الوسيلة" اللهم إلا إن كان من يرفع الشعارات من طينة عملاء التيار الأمازيغي المعروف بولائه للصهاينة وعدائه للعرب والمسلمين، وغير بعيد صرح كبيرهم رئيس الكنفدرالية الدمقراطية الأمازيغية أن التطبيع مع إسرائيل من "وسائل الدفاع عن النفس، ضد الاستهداف الذي يتعرض له أمازيغ المنطقة المغاربية من القوميين العرب ومن بعض المتطرفين الإسلاميين". فتأمل قول كبيرهم هذا!.
وقد فشل هذا التيار في تسويق ترهاته في الداخل لأنها خرافات وادعاءات تحكمها مصالح وأهواء؛ فاستقوى بالخارج لتسويق الخطاب، بربكم: لمصلحة من تعملون وبأي عقل تفكرون، وأي مصير تريدون أن تقررون؟.
وصورة المجاهد محمد بن عبدالكريم الخطابي التي ترفعونها هي منكم أيضا براء؛ لأن الخطابي كان فقيها عالما بالشربعة متضلعا في الإسلام، وليس معاديا، وكان ضابطا للعربية نحوا وصرفا، وقد تلقى تعليمه باللسان العربي المبين، ولما يكن يسمي العربية لغة استعمار كما تسمونها أنتم، وحفظ القرآن الكريم الذي نزل بهذا اللسان، ولم يكن له متنكرا وفيه طاعنا، كما تفعلون، وكان وطنيا حتى النخاع وبذل الغالي والنفيس من أجله وضحى بوقته وماله، ولو رأى اليوم هذا التنكر فيكم للدين والوطن؛ فإني أقسم غير حانث لكنتم أول من يقاتل ويحارب.
وإن كنتم حقا محبون له فنشئوا أبناءكم على ما نشأ هو عليه أبناءه وأولاده؛ فقد حرص على تعليم أبنائه الدين الإسلامي وأدخلهم المسجد ليحفظوا القرآن وعلمهم قواعد العربية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لفهم الكتاب والسنة.
وعلى الإخوان الأمازيغ تسفيه هذا السفه، وبيان تاريخهم المجيد للناس أجمعين والتزامهم بدين رب العالمين، وبذلك نقطع الطريق على الأدعياء، ونكشفهم، ونعمل بجد وإخلاص على سد الثغرات التي يتسلل منها هؤلاء، ولا ننخدع بالمطالب التي ترفع والحقيقة المرادة شيء آخر غير ذلك؛ فإن ما يرفعه التيار الأمازيغي هاته الأيام من تقرير المصير وغيرها من الشعارات إفك صراح وزعم خيالي لا يمكن تحقيقه، لأن أوامرهم من الخارج، ومكايد مدبرة للوطن بألوان وأشكال جديدة. وليعلم هؤلاء أن الأمازيغ موجودون في كل زمان ومكان لنصرة دينهم ووطنهم ومستعدون للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل دينهم ووطنهم.
Karim_kallali@hotmail.com