حرص جنرالات الجزائر، طوال العقود الخمس الأخيرة، على تصدير مشاكلهم الداخلية للخارج، عبر إثارة المشاكل مع المغرب. هذا الحرص تحول مع السنين إلى كراهية مجانية، لم يتمكن قصر المرادية من نقلها إلى الشعب الجزائري الذي يكن محبة متبادلة للمغرب .
هذه الوثائق تكشف النقاب عن السبب الاستراتيجي الذي دفع النظام الجزائري، طوال 40 سنة، إلى تقديم مساعدات مالية ولوجستيكية وعسكرية تقدر بملايير الدولارات لانفصاليي البوليساريو، بهدف إنشاء دويلة تشكل بوابة قصر المرادية على المحيط الأطلسي، ويضمن لحكام الجزائر وضع اليد على ثرواتها .
الجزائر كانت طوال قرون ولاية تابعة إما للحكم الفاطمي أو التركي، أو منطقة من مناطق المغرب، لذلك فالطبقة الحاكمة فيها لم تستسغ كونها لم تكن أبدا فاعلا إقليميا طيلة أربعة عشر قرنا، وإنما كانت تابعا إما للشرق أو للمغرب .
هذه العقدة جعلت قادتها يسعون بكل ما أوتوا من قوة، طوال 5 عقود من الزمن، إلى "تقزيم" دور المغرب في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والسعي لمحاصرته .
العقدة من المغرب شعور يحمله المسؤولون الجزائريون أينما حلوا وارتحلوا، والدليل على ذلك الاجتماعات التي عقدها المسؤولون الجزائريون، وعلى رأسهم بوتفليقة، مع نظرائهم في المعسكر الغربي خلال سبعينيات القرن الماضي .
ففي أحد اجتماعاته مع مسؤولين أمريكيين، تلقى عبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية الجزائري آنذاك، صفعة قوية من نظيره الأمريكي سنة 1975 عندما طرح مبدأ تقرير المصير في الصحراء المغربية، محاولا مقارنته مع مشكل الفلسطينيين، ليجيبه كيسنجر: "لا أعلم ماذا يعني مفهوم تقرير المصير بالنسبة لمشكل الصحراء، إنني أتفهم الأمر بالنسبة للفلسطينيين، إذ الأمر مختلف نوعا ما ".
النظام الجزائري صرح مرارا أن "لا ناقة ولا جمل" لهم في مشكل الصحراء، لكن كيف يفسرون موقفهم الذي أعلنوا عنه في أواسط السبعينيات عندما قال بوتفليقة: "هناك حل وحيد، إنها مشكلة مبدأ، بالإمكان إجراء استفتاء (في إشارة إلى الصحراء المغربية) والجزائر ستقبل بنتائج هذا الاستفتاء ".
وقد حاول المسؤولون بقصر المرادية، خلال لقاءاتهم بالأمريكيين، الضغط على واشنطن من أجل التخلي عن حيادها، وهو ما كانت ترفضه أمريكا، الشيء الذي آثار حفيظة الجزائريين، إلى حد استغرب معه حتى كسينجر أثناء لقائه مع وزير الخارجية الجزائري السابق بوتفليقة، ما جعله يتساءل، حسب ما جاء في وثيقة أمريكية رسمية، بعد محاولات حثيثة لحمله على تغيير موقفه من النزاع الجزائري مع المغرب حول الصحراء: "مما يتذمر وزير الخارجية الجزائري؟ من أننا لا ندعم الجزائر؟ إذا تبنينا موقفهم فإنه سيتعين علينا أن نعكس مواقفنا كليا ".
ولم تتوقف الجزائر عند هذا الحد، فقد بدأت مناوءتها للمغرب حتى قبل انطلاق المسيرة الخضراء، إذ سعت جاهدة لتجميد هذه المبادرة، وطالبت أمريكا بالتدخل لدى الراحل الحسن الثاني من أجل حمله على التراجع عن تنظيم المسيرة الخضراء .
هذه المواقف كلها تعكس الرغبة الدفينة لدى المسؤولين الجزائريين بمعارضة أي حل من شأنه إعادة الاستقرار إلى المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي .
مصالح الجنرالات الجزائريين الشخصية فوق مصلحة الجزائر.
حرص جنرالات الجزائر، طوال العقود الخمس الأخيرة، على تصدير مشاكلهم الداخلية للخارج، عبر إثارة المشاكل والقلاقل مع جارهم المغرب. هذا الحرص تحول مع السنين إلى كراهية مجانية، لم يتمكن قصر المرادية من نقلها إلى الشعب الجزائري الذي يكن محبة متبادلة للمغرب .
ارتفعت حدة التوتر في العلاقات المغربية الجزائرية، في الآونة الأخيرة، على خلفية أحداث مخيم العيون، بعد أن توصلت السلطات الأمنية المغربية بدلائل تورط عناصر استخباراتية جزائرية في إثارة الأحداث التي أودت بحياة بعض عناصر الأمن المغربي .
اليد المغربية الممدودة.
ارتفاع حدة هذا التوتر، الذي دام لعقود، اتسم بموقفين متباينين للدبلوماسية المغربية والجزائرية. ففي الوقت الذي يحرص الديبلوماسيون الجزائريون والمسؤولون الحكوميون، إلى جانب مؤسسة الرئاسة بقصر المرادية، على إطلاق تصريحات نارية منتظمة في اتجاه الرباط، تعكس الموقف العدائي للطرف الجزائري حيال المملكة المغربية، نجد أن هذه الأخيرة فضلت لعقود اتباع سياسة دبلوماسية رزينة .
هذه السياسة الرزينة، التي تبناها المغرب، تتجلى في المواقف الشجاعة التي يتم التعبير عنها في كافة المناسبات، حتى في حالة بلوغ مستوى التوتر إلى أقصى درجاته .
إن هذه المواقف تجد صداها في خطب الملك محمد السادس، الذي أكد خلال سنة 2008 أن المغرب سيواصل "اتخاذ المبادرات الصادقة، والتجاوب مع كل الإرادات الحسنة، من أجل تطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية، وإقامة شراكة بناءة مع هذا البلد الجار الشقيق، منطلقنا الوفاء لروابط حسن الجوار بين شعبينا الشقيقين ".
ولإثبات حسن النية تجاه الطرف الجزائري، أكد الملك محمد السادس عن نيته محاولة طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة، حيث قال: "هدفنا الأسمى التجاوب مع طموحات الأجيال الصاعدة، لتسخير طاقات الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل، بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز يعود إلى القرن الماضي". لكن لا حياة لمن تنادي .
الاتجاه المعاكس
إن عبد العزيز بوتفليقة، الذي يقود كتيبة المسؤولين الجزائريين ممن يكنون حقدا كبيرا للمغرب، حرص على تقويض كافة الجهود والمبادرات الآتية من المغرب .
بوتفليقة والجنرالات الجزائريين استطاعوا الإبداع فقط في كل ما يتعلق بالدسائس والمكائد التي تمس مصالح المغرب .
إن المغرب، حسب تاج الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، شكل منذ القدم إمبراطورية بالمعنى الصحيح للكلمة، في المقابل لم تكن تتوفر في الجزائر أركان مفهوم الدولة بالمعنى المشار إليه في القانون الدستوري، فالجزائر خضعت دائما للتبعية، إما للإمبراطوريات التي توالت على حكم المغرب (المرابطين والموحدين...)، أو الإمبراطورية العثمانية، التي بعدما ضعفت أركانها ولم تعد تقدر على تأمين وجودها فتحت المجال لدخول الاستعمار الفرنسي، الذي دام أكثر من 120 سنة .
ويؤكد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات السياسية، أن هذا الجانب التاريخي سيكون مهما في فهم علاقة هذا البلد بالمغرب، مضيفا أنه وقتما توجه المغرب نحو بناء دولة تقوم على التعددية السياسية، وعلى الليبرالية في الميدان الاقتصادي، اتجهت الجزائر نحو ديكتاتورية حزب حركة التحرير الوطنية، التي ارتبطت بهيمنة جنرالات الجيش عل مقاليد الحكم .
ويشير المتحدث ذاته إلى أن كل الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكم في الجزائر يقومون بدور شكلي في مقابل الهيمنة الحقيقية التي تمارسها المؤسسة العسكرية، مضيفا أنه بالإمكان في الظرفية الحالية، وصف الحكم في الجزائر بأنه نوع من التحالف بين قيادات جبهة التحرير والمؤسسة العسكرية، التي تأخذ بيد من حديد مقاليد الأمور، لذا يجوز القول إن نزاعها مع المغرب هو تصدير للمشاكل الداخلية بهدف اختلاق توتر خارجي يغطي على ما يجري داخل التراب الجزائري .
ويفيد الحسيني بأن الجزائر تعرف كثيرا من المشاكل، سواء في علاقة المؤسسة المركزية بالشمال أو الجنوب، أو علاقاتها مع الأحزاب الموجودة بالساحة، وبالخصوص "جبهة الإنقاذ" الإسلامية، التي فازت في الانتخابات في أوائل التسعينيات، وتم إلغاء فوزها، لتدخل البلاد بسبب ذلك في حرب أهلية تحاول تجاوزها من خلال افتعال مشاكل مع الجوار، وخاصة المغرب .
العقدة الجزائرية
هناك مجموعة من العوامل تقف وراء العداء الجزائري للمغرب، يقول المحلل السياسي ماء العينين محمد الغيث، الذي أكد، في تصريح ل"مغرب اليوم"، أن هذه العوامل ترتبط ب"افتقار الجزائر لمفهوم الدولة، فهي فقط صنيعة الاستعمار الفرنسي"، وحتى الأمير عبد القادر، الذي يعتبر أهم الرموز التاريخية للثورة الجزائرية، في حروبها الأولى كان مبايعا للسلطان مولاي سليمان. وقال ماء العينين إن الجزائر دائما تفتقد إلى الثقة في هويتها وتاريخها، مضيفا: "على هذا الأساس فالجزائر تعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوحد شعبها هو عداؤها للمغرب، انطلاقا من قناعاتها أنه لا يمكنها أن تكون قوية بدون مغرب ضعيف ".
ويعتبر تاج الدين الحسيني أن بإمكان المغرب لعب دور أساسي في مساعدة الجزائر على الخروج من أزماتها، لكن المدخل الأساسي سيكون سلوكها سياسة غير عدوانية، وفتح الحدود، وتطبيع العلاقات، ورفع نسبة التبادل التجاري والإنساني بين الطرفين .
ويؤكد الباحث أن تزايد الضغوط من كافة الجهات يدعو إلى البحث عن الصيغة المثلى لبناء المغرب العربي فالعلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر لن تكون في أفضل صورها .
ويوضح الحسيني أنه عندما يسعى كل من المغرب والجزائر وتونس إلى الحصول على وضع متقدم وتطوير شراكات مع أوربا بشكل منفرد، فإن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يحقق مكاسب مع كل دولة على حدة، عكس لو كانت هذه البلدان مجتمعة .
الوجه الخفي لبوتفليقة
حرصت الحكومات الجزائرية المتعاقبة، إلى جانب المؤسسة العسكرية بهذا البلد، على تقديم دعم مادي ومعنوي لا محدود لانفصاليي البوليساريو منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي .
هذا الحرص ربطته الجزائر ما تسميه "نصرة حق تقرير المصير" لمغاربة الصحراء كسبب ظاهر، لكن في الباطن تقف عوامل أخرى كشف حقيقتها موقع "ويكيليكس"، الذي سرب مجموعة من الوثائق من أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية، والمتعلقة بهذا الملف الشائك .
فموقع "ويكيليكس" الشهير، المتخصص في تسريب الوثائق الاستخباراتية، كشف عن وثيقة من "الأرشيف الأمريكي حملت مستجدات مدهشة تهم النزاع في الصحراء المغربية". هذه الوثيقة هي بمثابة توثيق لمجريات اللقاء الذي جمع بباريس بين وزير الخارجية الجزائري آنذاك عبد العزيز بوتفليقة ونظيره الأمريكي هنري كسنجر. اللقاء، الذي عقد سنة 1975، تناول عددا من القضايا، من ضمنها ملف الصحراء .
وحسب هذه الوثيقة، فإن بوتفليقة أكد للمسؤول الأمريكي أن هذه المنطقة، في إشارة إلى الصحراء المغربية، يمكن أن تتحول إلى منطقة غنية شبيهة بالكويت. بوتفليقة، وفي إطار تبادله أطراف الحديث مع كيسنجر، أكد أن "هناك ثروات هائلة في الصحراء، في غضون 10 أو 12 سنة ستغدو كويت المنطقة"، وهو مؤشر صريح على الأطماع الحقيقية للجزائر في هذه المنطقة الجغرافية .
خلال هذا اللقاء، اعتبر كسنجر أن الولايات المتحدة الأمريكية غير مستعدة لممارسة أي ضغوط على الجانب المغربي، وهو ما أثار حفيظة بوتفليقة. وعندما حاول المسؤول الجزائري إقناع نظيره الأمريكي بوجهة نظر الجزائر فيما يخص دعمها ل"حق تقرير المصير" لمغاربة الصحراء، بادره كسنجر بالقول إنه لا يعلم ماذا يعني مفهوم تقرير المصير بالنسبة لمشكل الصحراء، "إننا نتفهم الأمر بالنسبة للفلسطينيين، لكن الأمر مختلف نوعا ما ".
وانتقد المسؤول الجزائري، خلال هذا اللقاء، موقف أمريكا من المسيرة الخضراء، وعدم سعيها ل"إعاقتها"، وهو ما دفع المسؤول الأمريكي إلى التصريح لعبد العزيز بوتفليقة بأن "إعاقة" المسيرة الخضراء كان سيعني تقويض العلاقات بشكل كامل مع المغرب. كان سيعني فعليا وقف العلاقات ".
هؤلاء يسيؤون للجزائر والمغرب.
"عقدة التاريخ" هي أبرز تفسير لمواقف القادة الجزائريين من المغرب، فجلهم لا يفوت الفرصة لضرب مصالحه وسيادته بتقديم ملايير الدولارات لأنصار البوليساريو في مختلف بقاع العالم، حتى وإن كان الشعب الجزائري يعيش على الكفاف، وهم يعتقدون، في قرارة أنفسهم، أن ما يصرف لضرب مصالح المغرب ربح، لأنه سيقوي الجزائر وهيمنتها على دول المنطقة .
ورغم صراعاتهم وحروبهم الداخلية، فهم موحدون في هدف وحيد هو إضعاف المغرب .
رأس الحربة: عبد العزيز بزتفليقة.
لم ولن تكن "فرقة المرابطين" (خلية عسكرية شكلت لتصدير الذبح والتخريب إلى المغرب بعد تدريبها على حرب المدن) آخر ما جادت به قريحته، إذا التزم أمام جنرالات بلده، حين عينوه رئيسا سنة 1999، بدفتر تحملات يقضي بزرع الفتنة بالمغرب (ولد بمدينة وجدة سنة 1937)، إذ لم يتوان في دعم كل ما يساهم في نشوب حرب، خاصة بعدما فشلت حربه "الدونكشوطية" عندما كان وزيرا للخارجية. الجميع لازال يتذكر الجهود التي بذلها لسحب رئاسة مجموعة عدم الانحياز من المغرب، وكذا عمله الدؤوب على الساحة الإفريقية للاعتراف بالجمهورية المزعومة .
عداء بوتفليقة للمغرب وصلت شظاياه إلى عالم الرياضة، إذ كان خصص مكافآت هامة للجزائرين شريطة فوزهم على المغاربة .
السفير الأمني: يزيد الزرهوني
عندما تم تعيين زرهوني، البالغ من العمر 72 سنة، نائبا للوزير الأول سنة 2010 لم يفهم الكثيرون سر تعيينه، وهو الذي تنقل من أكثر من عاصمة سفيرا مفوضا لبلده، لكن العارفين بالخبايا يعرفون أن خبرته الأمنية التي اكتسبها على رأس المديرية المركزية لأمن الدولة، التي عين بها سنة 1979، ستستغل لا محالة في تقويض كل ما هو مغربي، بدءا من عمله على الساحة الإفريقية لضرب المغرب، وكان ذلك واضحا عندما كلف بتنظيم الدورة 36 لمؤتمر منظمة الوحدة الإفريقي، كما أن ترقيته لمنصب نائب الرئيس ساهمت في بسط نفوذه وسلطته، وخصوصا في ملف العلاقات المغربية / الجزائرية، والصراع حول الصحراء .
الرجل القوي: علي التونسي
في حربه على الإرهاب، التي أفقدت المؤسسة العسكرية والأمنية الجزائرية هيبتها، وهي التي تعمل ما في وسعها للريادة والهيمنة على نظيراتها في بلدان المغرب العربي، حاول الضابط في جهاز المخابرات الجزائرية، المعروف بصرامته الشديدة ومواقفه المتعصبة تجاه قضايا المغرب، وعلى رأسها ملف قضية الصحراء المغربية، أن يعيد لجهاز الأمن الوطني الجزائري هيبته التي تضررت بشدة بسبب حوادث الإرهاب، لكن لم يكن يعتقد أن نهايته ستكون على يد مقربيه، إذ توفي مغتالا ومتأثرا بجراحه بعد أن تم نقله إلى المستشفى. تاريخ الرجل مليء بحوادث كرهه للمغرب، لأسباب مرتبطة بالعقيدة العسكرية حتى الآن هزيمته النكراء في كل الحروب التي حاول خوضها ضد المغرب .
لغة الخشب: محمد الشريف عباس
يبلغ من العمر 74 سنة، ويشغل منصب وزير المجاهدين منذ 1999 بعدما شغل منذ 1966 منصب الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين .
مواقفه من المغرب واضحة، فهو من مناصري مخطط "بيكر"، ويعتبره الإطار القانوني الوحيد الذي قبلت به المجموعة الدولية واعتمدته، في مقابل مناهضته ورفضه لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، ويصفه بأنه "مجرد نوايا رامية إلى فرض نظرة أحادية" بعيدة عن "الاستقامة الأخلاقية" و"الشرعية الدولية"، لهذا فهو لا يكف عن التصريح بأن مآل المقترح المغربي سيكون الفشل والخسران .
يحرص على حضور المهرجانات المخلدة لإعلان الجمهورية المزعومة، في الوقت الذي يصر على اعتبار المغرب دولة استعمارية .
جوكير الرئيس: عبد العزيز بلخادم
يرى المتتبعون أن بلخادم، وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس، يشغل مهمة أخرى، إلى جانب مهامه الرسمية، إذ يعتبرونه ناطقا غير رسمي في شؤون الجزائر وعلاقاتها مع جيرانها المغاربيين، وعلى الخصوص المغرب .
لا يفوت بلخادم أية فرصة دون أن يضيف جرعة توتر بخصوص القضايا الشائكة بين المغرب والجزائر، سواء في ملف الصحراء المغربية، أو الحدود المغربية الجزائرية، ويشدد على أن لن تفتح الحدود إلا بعد أن يقبل المغرب بمبدأ تقرير المصير في الصحراء. وعموما لا تخلو تصريحات بلخادم من التناقض، وهو الذي يعلم حجم التدخل الجزائري في قرار الانفصاليين، حين يؤاخذ على المغرب اتهام الجزائر بعرقلة التسوية في المنطقة، وبأنها من تحرك انفصاليي البوليساريو .
حقوقي من محيط العسكر ادريس الجزائري
لا يكف إدريس الجزائري، الذي يشغل منصب ممثل الجزائر الدائم في منظمة الأمم المتحدة بجنيف، عن رفع الورقة الحقوقية في وجه المغرب، بدعوى أن سياسة الجزائر الخارجية تتمثل في دعم الشعوب الواقعة تهت الهيمنة الاستعمارية أو الأجنبية. بدون شك كل هذه المزاعم مجرد در للرماد في العيون، فالجميع يعلم حقيقة الوضع الجزائري، واهتمامه بقضايا حقوق الإنسان مجرد محاولات يائسة لضرب المكاسب المهمة في هذا المجال مقارنة بجيرانه "المغاربيين"، خاصة الجزائر التي يسيرها العسكر .
الأكيد أن عيون هذا الشيخ، الذي بلغ من العمر ثمانين سنة، لا ترى ما يجري في منطقة "القبايل" من تجاوزات، مما يجعل صدق ادعاءاته الحقوقية على المحك .
شكيب خليل العلبة السوداء
أسقطت فضيحة الاختلاسات التي شهدتها شركة "سوناطراك" النفطية الجزائرية ورقة التوت عن وزير الطاقة والمعادن شكيب خليل، المزداد بمدينة وجدة 1939. أوجه الشبه بينه وبين الرئيس بوتفليقة كثيرة، فإلى جانب ازديادهما بالمغرب، يتقاسمان كرههما له، وكذا عملهما إلى جانب هواري بومدين .
مسؤولية خليل في مناهضة قضايا المغرب واضحة، إذ قضى فترة طويلة على رأس "سوناطراك"، الممول الأساسي للجيش الجزائري، بالإضافة إلى تحركاته عندما كان وزيرا للطاقة، إذ سافر إلى باريس بهدف التباحث حول إمكانية التعاون في المجال النووي المدني في نونبر 2007 بعد إعلان ساركوزي أن بلاده ستساعد الرباط على بناء قطاع للطاقة النووية للاستخدامات المدنية لدعم التنمية .
بوعبد الله غلام الله سياسي في جبة فقيه
لا يستحضر غلام الله، وزير الشؤون الدينية، النصوص التي تحث على حسن الجوار بين المسلمين، بدليل أنه قرر مقاضاة الشيخ علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ على خلفية خطبة أدان فيها موقف الجزائر من أحداث العيون. ورغم أن موقفه ليس بجديد، بحكم أن النزاع بين البلدين اكتسى، في السنوات الماضية، طابعا دينيا، منها محاولاته لاستقطاب شيوخ الزوايا الدينية، خاصة "الطريقة الصوفية التيجانية"، بسبب الثقل الديني الذي تتمتع به أفريقيا والعالم، حيث ولد مؤسسها وشيخها أحمد التيجاني بالجزائر، ثم تعلم واستقر وتوفي بالمغرب، ولعل هذا ما دفع غلام الله استضافة مريدي هذه الزاوية بمدينة "الأغواط" الجزائرية هو الرد على الرباط التي نظمت ملتقى دوليا لأتباع الطريقة "التيجانية ".
عبد المالك قنايزية :عقدة حرب الرمال
في ظل بحثه عن الهيمنة على بلدان المنطقة، لا يكف الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الجزائري عن توجيه أصابع الاتهام إلى المغرب، فحسب إحدى وثائق "ويكيليكس" زعم قنايزية أن "المغرب بوابة وملتقى مهربي وتجار المخدرات الكولومبيين، والتي تذهب عائداتها إلى تسليح القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ".
وبحكم أن الرجل بدأ عقده السابع فهو لم ينس بعد عقدة النقص التي خلفتها حرب الرمال لدى القادة الجزائريين، ولعل قبوله بإقامة قاعدة "أفريكوم" على التراب الجزائري، بعد سلسلة لقاءاته مع قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا، تفسر التغير في مواقف الرجل من مساندة حق تقرير مصير الصحراويين إلى مساندته لمقترح قدمته الجزائر للأمريكيين لإنهاء ملف الصحراء، عبر تقاسم النفوذ عليها مع المغرب .
دحو ولد قابلية: نكران الجميل
رغم أنه مغربي المولد، لأنه من مواليد 1933 بمدينة طنجة، فإن كره المغرب يسري في دمه، ففي محاضرة ألقاها في صيف 2008 بجامعة بوزريعة، وتناول فيها دور الدول العربية في دعم الثورة الجزائرية، أعلن أن، الثورة الجزائرية تعرضت للمقايضات من طرف المغرب، وأن جيش التحرير اضطر إلى اقتسام حمولة سفينة معبأة بالأسلحة قادمة من ألمانيا مع الجيش المغربي، مقابل السماح بتمريرها عبر التراب المغربي إلى مقر قيادة جيش التحرير، الواقعة آنذاك في مدينة وجدة المغربية، وهذا أكبر تجن على الدعم الكبير الذي قدمه المغرب للمقاومة الجزائرية، وقد أنكر ولد قابلية ذلك الدعم لأنه يرغب في كتابة التاريخ على مقاس أهواء الجنرالات المتحكمين في تسيير دواليب الحكم بالجزائر .