القرارات التي اتخذها جلالة الملك محمد السادس، بناء على التقرير المرفوع لجلالته من قبل رئيس المجلس الأعلى للحسابات، بخصوص منارة المتوسط، والتي تتعلق بإعفاء بعض الوزراء والمسؤولين وتوبيخ وزراء سابقين، يمكن اعتبارها من عناوين الزلزال السياسي، الذي أعلن عنه جلالة الملك في الخطاب الافتتاحي للدورة البرلمانية الخريفية، لكن لا يمكن اعتباره إجمالا هو الزلزال السياسي، الذي يكون بقوة مرتفعة، لكن في انتظار هزاته الارتدادية فإننا نعتبره بداية لتفكيك الكيان الموازي، الذي تلاعب بمؤسسات الدولة، ووظفها لصالحه قصد تحقيق أغراض سياسية.
بالنظر للوضع السياسي الذي يعيشه المغرب يمكن اعتبار ما حدث، من قبل المسامحة اللغوية زلزالا، لكن من يعرف جيدا الأمور يعرف أن زلازل وبراكين ستحل على من فرط في المسؤولية وفي الثقة الملكية.
جلالة الملك لم يخرج قيد أنملة عن مقتضيات الدستور. فماذا أنتم فاعلون يا حكومة ويا مسؤولين؟ اتخذ قرارات الإعفاء بمشاورة رئيس الحكومة كما ينص على ذلك الدستور، وترك للحكومة اتخاذ القرارات اللازمة في حق باقي المتورطين. نعم نعتبر التفريط تورطا. وبنى قراراته وفق تكييفات المجلس الأعلى للحسابات الذي توصل إلى خلاصات ونتائج من خلال عملية التحقيق.
غير أننا نعتبر التقرير ناقصا. ونعتقد أن نقصان التقرير ينتمي لبنيته باعتباره اقتصر على منارة المتوسط، وشمل المتورطين المباشرين، لكن لم يشمل المسؤوليات السياسية. وتضمن هو نفسه فقرة مهمة تؤكد ما ذهبنا إليه. جاء في التقرير: تبين من دراسة مكونات هذا البرنامج أنه لم ينبثق عن رؤية استراتيجية مندمجة تتقاسمها جميع الأطراف، إذ تبين أن إعداد المشاريع المكونة لهذا البرنامج لم يتم بالدقة المطلوبة، حيث إن الجدول الزمني التوقعي لإنجازها اكتفى بتحديد المساهمات السنوية للأطراف المشاركة، إذ إنه في غياب المبالغ المرصودة لكل مشروع على حدة، تبقى هذه المساهمات ذات طابع تقديري.
واضح من الفقرة السابقة أن هناك غيابا للرؤية الاستراتيجية. من يتحمل مسؤولية ذلك؟ لماذا لا يوجد ذكر لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران؟ ألم تكن له مسؤولية تنسيق أعمال الوزراء؟ رغم أن وزير الداخلية السابق، الذي تم إعفاؤه ضمن القرارات المذكورة، بسبب تفريطه في المسؤولية وعلى رأسها عدم عقد لجنة التتبع المركزية لمدة سنة وأربعة أشهر، مسؤول مباشر، لكن هو مرؤوس لرئيس الحكومة. فما هي مسؤولية الرئيس الأول؟ لماذا لم يذكره التقرير؟ بنكيران حاول الابتعاد عن مثل هاته المشاريع حتى لا يتحمل مسؤوليتها. وهذه بدورها تدخل ضمن عناوين التفريط في المسؤوليات. حصاد لم يكن ينتمي لحكومة غير حكومة بنكيران وبالتالي ينبغي تحميل زعيم الحزب الإسلامي المسؤولية السياسية.
قد تفرض الشروط الموضوعية نوعا من التريث في اتخاذ القرارات، لكن الزلزال قادم لتدمير كل البنيات المتعفنة، حيث لم يعد لدى المغرب الوقت ليضيعه، وكثير من المسؤولين والمنتخبين يتسببون في ضياع الوقت.