تعتبر القرارات التي اتخذها جلالة الملك في حق عدد من الوزراء الحاليين والسابقين ثورة على الفساد السياسي والإداري، وهي إحدى معاني "الزلزال السياسي"، الذي تحدث عنه جلالة الملك في خطاب افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان يوم 13 من الشهر الجاري، لأن من خصائص الزلزال تغيير البنيات وقلب التربة الراكدة والأحجار المتراكمة، ومن معالم الزلزال السياسي تعديل أفق الأحزاب السياسية التي تحولت إلى مشتل لتفريخ الوصوليين والمتطلعين للمسؤوليات دون التوفر على المؤهلات الضرورية إلا مؤهل الخدمة التي يقدمونها للزعيم.
ولما نقول إن الإعفاءات إحدى معاني الزلزال فإن ذلك يعني أن له معاني أخرى، عبارة عن إجراءات متتالية ستعصف بكل من يفرط في المسؤولية التي تحملها، والقوانين كفيلة بالحد من التسيب الذي تعرفه الحياة السياسية، حيث أضحت الوظيفة الحكومية مستسهلة من قبل كل مناضل قطر به السقف، مع العلم أنها من اصعب المهام، وتتطلب أن يكون من يتولاها ماكينة لإنتاج الأفكار والسياسات وتتبع المشاريع الواقعة تحت عاتقه.
طبعا ستتسع دائرة الحركات الارتدادية للمعنى الأول للزلزال وستصيب كثيرا من المسؤولين السياسيين، خصوصا من أوردوا أحزابهم موارد الهلاك وأتوا على ما تبقى له من حظوظ للمشاركة في الحياة العامة، ولن يقف حتى يأتي على كل من تورط في تعطيل مشاريع التنمية وتسبب في الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية.