فاز الزعيم المحافظ الشاب سيباستيان كورتز (31 عاما) أول أمس الأحد بالانتخابات التشريعية في النمسا، حسبما أفادت أول التقديرات بعيد إقفال مكاتب الاقتراع، ما يشير إلى احتمال عودة اليمين لتسلم المستشارية. وكان كورتز قد تسبب بالدعوة لإجراء هذه الانتخابات المبكرة، واضعا بذلك حدا لعشر سنين من حكم ائتلاف عريض مع الاشتراكيين الديمقراطيين برئاسة المستشار كريستيان كيرن.
في هذه السن، كان عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يتلمس طريقه نحو العمل الدعوي ولم يفكر بعد في ولوج السياسة، وكان يناور من أجل السيطرة على الجماعة الإسلامية، التي أسسها ولم يتمكن من رئاستها لاعتبارات تتعلق بالاتهامات التي كانت موجهة إليه من قبل اليسار والإسلاميين بمن فيهم رفاقه، ولم يحظ بذلك إلا سنة 1985، أي في سن 31 سنة وهي سن سيباستيان كورتز اليوم، الذي يمكن أن يقود النمسا بسلاسة.
اليوم يبلغ بنكيران 63 سنة، أي بفارق الضعف وسنة زيادة، مثلما زاد سنة ونصفا بالتمديد فقط، عن مستشار النمسا المقبل، الذي قد يغادر خلال عشر سنوات ويعتزل السياسة ربما ويتفرغ للدراسات السياسية والاستراتيجية من خلال مراكز البحث، بينما بنكيران ما زال متشبثا بولاية ثالثة عندما ينهيها يكون قد شارف على السبعين.
من حيث ديمقراطية الأرقام والتصويت لا غبار على ديمقراطية قرار لجنة الأنظمة والمساطر بحزب العدالة والتنمية تعديل القانون ليتمكن بنكيران من ولاية ثالثة. ولكن دائما يبقى هذا فهما ميكانيكيا للديمقراطية، لا يربطها بمحيطها الاجتماعي والسياسي. لأن تغيير القانون لم يأت لحاجة تنظيمية كأن يكون بنكيران هو رئيس الحكومة وبالتالي تقتضي الضرورة الحزبية ألا يكون هناك انفصال بين رئاسة الحكومة وقيادة الحزب، ولم تَدْعُ له خيارات حزبية، وإنما رغبة شخصية لدى الأمين العام تدعمها نزعة حول خلق زعامة وهمية لدى كثير من مناضلي الحزب.
لكن في عصر يتحدث الجميع عن تجديد النخب وعن الثورة على مستوى المشهد السياسي وعن القطع مع الخطابات الشعبوية، تصبح هذه الديمقراطية ميكانيكية غير منسجمة مع التحولات التي يعيشها المغرب، حيث لا يمكن التشبث بشخص لم يتمكن من بصم تاريخ المغرب رغم توليه رئاسة الحكومة لمدة خمس سنوات، وهي أول حكومة يتوفر رئيسها على صلاحيات واسعة، كان الزعيم يتهرب منها وكأنه يقبض على جمرة.
رئيس حكومة وأمين عام حزب سياسي قضى خمس سنوات يصارع طواحين الهواء، في الوقت الذي كان أمامه كل الظروف للقيام بأشياء كثيرة وتحقيق مزيد من التقدم غير أنه تسبب في التخلف، ومع ذلك يتشبث به إخوانه، ضدا في المغاربة وفي الناخبين وكل من اعتبر أن سنواته كانت عجافا.
ربما يحقق بنكيران توازنا للحزب من خلال خطابه الشعبوي لكن لن يحقق للمغرب شيئا يذكر، وهذا ما يزكي القول إن "مناضلي" البيجيدي يخافون على حزبهم ولا يخافون على وطنهم، فهل يؤكدون مرة واحدة أنهم وطنيون وينتخبون أمينا عاما قادرا على التفاعل مع المستجدات ويرفضون تعديلا من لجنة المساطر من خلال المجلس الوطني.