لا شك أن المتتبع لما جرى مؤخرا في إقليم كاطالونيا الاسباني، من أحداث دامية سببتها الإرادة المنفصلة لحكومة الاقليم الاسباني بتنظيم استفتاء حول الانفصال، والتي رفضتها حكومة مدريد جملة وتفصيلا وأكدتها بحل سريع ولو على قساوته، جعل معظم المتابعين وخصوصا في فيسبوك اليوم يعيدون طرح عدد من الأسئلة الحارقة خصوصا فيما تعلق بمواقف عدد من الأصوات النشاز التي ما فتئت تملأ فضاءات الدول المستقلة لمساندة الأصوات الهامشية سياسيا.
أحداث كاطالونيا إذن أعادت التساؤلات عند عدد من رواد فيسبوك بخصوص عدد ممن اعتدنا سماع اسطواناتهم الموسومة بحقوق الإنسان، والذين قرروا الصمت اليوم، بدءاً بالبرلمانيين الأوروبيين الذين كانوا يستقلون الطائرات للعيون دفاعا عن “تقرير المصير”، وأفراد اليسار الاسباني والخضر الأروبي الذين لم يحركوا اليوم ساكنا مما حدث في كطالونيا.
وليس هؤلاء فقط بل حتى المنتمون لبعض هيئات المجتمع المدني الاسباني الذين ألفوا الاحتجاج على المغرب يوميا، وبابلو اغليسياس الذي رفض الاستفتاء لأنه أحادي الجانب، واليسار الموحد الإسباني ببرلمانييه الثلاثة الذين احتجوا السنة الماضية على الحكومة الإسبانية و طالبوهم بدعم تقرير المصير في المغرب بمجلس الأمن، كلهم اليوم صامتون مطبقون لا يحركون ساكنا مما يقع في إسبانيا، بحسب عدد من التعليقات التي رافقت أخبار تعنيف المصوتين في استفتاء انفصال كاطالونيا.
بل دعونا نسال أيضا أين هو رمطان المعامرة وابراهيم غالي وأمينتو حيدر وابراهيم دحان والتامك وغيرهم الكثير الذين أنفقوا جهدهم وأموال بترولهم لدعم الانفصال، مما يجري هناك، أم أن لعبة المساعدات المالية جعلتهم يضعون على أعينهم ثوبا أسودا لكي لا يروا ما يحدث؟!
نعم، قد يتفق الجميع بلا ما لا يدع مجالا للشك أننا ضد كل أشكال الانفصال، في كل الدول، فلا انفصال كطالونيا، ولا انفصال الاكراد ولا انفصال الصحراء، سيكون حلا أو خيرا على كل هذه الشعوب بقدر ما سيكون وبال شر وتمزيقا للكيانات القوية، حيث تبقى وحدة الشعوب والدول السمة الأبرز للقوة، إلا أن الصمت الذي قابل به دعاة الانفصال هؤلاء ما حدث في كاطالونيا، يفضح بالملموس أن ما نشاهده دائما هو مجرد لعبة مصالح يتداخل فيها السياسي الضيق وبالمصالح المالية.