قدم مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وإدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صورة سيئة عن الواقع الحقوقي بالمغرب، وذلك في لقاء تم تنظيمه بشراكة مع جمعية الوقاية من التعذيب، التي يوجد مقرها بجنيف، وكأن المسؤولين المغربيين لا يعرفان التحولات التي عرفتها بلادنا حقوقيا، وأساسا اليزمي الذي تحول من منفي لانتمائه لمنظمة سياسية سرية إلى رئيس مؤسسة دستورية.
فللتعاطي مع الشأن الحقوقي لا يمكن لأي مسؤول كيفما كان ولا حتى للباحثين والمدافعين عن حقوق الإنسان استعمال الكلام الإنشائي، فالرميد يستعمل التعذيب غير الممنهج وكأنه اكتشف فتحا لغويا، ناسيا أنه يقر بالتعذيب.
ولهذا نرى أنه لابد من تدقيق المفاهيم. فالتعذيب ليس مصطلحا لغويا يتضمن كل أشكال التعنيف مثلا بما فيها الأسري. فالتعذيب مفهوم في القانون الدولي.
ففي ميثاق الأمم المتحدة المناهض للتعذيب عرف التعذيب على أنه هو كل فعل مقصود يسبب ألماً، أو معاناة، سواء كانت جسدية أو نفسية لشخص ما بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منه أو معلومات عن شخص آخر، أو لفعل قام به أو مشتبه في أنه قام به هو أو شخص آخر، أو بغرض تخوضه، أو إجباره هو أو شخص آخر، أو لأي سبب آخر قائم على التميز، عندما يكون مثل هذا الألم أو المعاناة قد أوقع بإيعاز أو بموافقة من موظف رسمي أو أي شخص له صفة رسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو المعاناة الناتجة أو حدثت بالمصادفة نتيجة تطبيق العقوبات القانونية.
ويعتمد التعذيب على الإيلام الجسدي المباشر والتخويف وتغطية الرأس والحرمان من النوم والطعام والشراب والشبح والهز واستخدام المواد الكيميائية والسلخ والإنهاك التام والوقوف بجوار الحائط والتعريض للضوضاء والتعريض للبرودة الشديدة أو الحرارة الشديدة والصدمات الكهربائية وإدخال مواد إلى الأعضاء التناسلية.
لا نناقش اليرزمي اليوم بالتخصيص لأننا نعرف موقفه، وقد سبقه له أن أدان المؤسسة الأمنية في تقريره عن حراك الريف، واتهمها بالتعذيب الممنهج، وسرب التقرير قبل أن يصل مداه، وقبل أن يكتمل وقبل الاستماع للطرف المعني، وتم إرساله لوزير العدل الذي تخلص منه بسرعة البرق وأرسله إلى الوكيل العام للملك.
لكن نسأل مصطفى الرميد صاحب المصطلح الإنشائي، التعذيب غير الممنهج. وهو في مقابل التعذيب الممنهج. لكن يبقى بالنتيجة هناك تعذيب حسب الرميد.
وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عليه اليوم أن يوضح لنا من هو المسؤول الذي أوعز بالتعذيب في الحالات غير الممنهجة؟ ومن هو الموظف الرسمي الذي تمت بموافقته حالات التعذيب غير الممنهجة؟ وما هي الوسائل التي تم اعتمادها في حالات التعذيب غير الممنهجة؟
لا نعرف هل اختلطت الأمور على وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان ولم يميز بين التعذيب الممنهج وغير الممنهج وبين ما ذكره ميثاق المنظمة الأممية "لا يتضمن ذلك الألم أو المعاناة الناتجة أو حدثت بالمصادفة نتيجة تطبيق العقوبات القانونية".
Annahar almaghribiya