مصطفى النادي.*
هناك أناس (مثل السيدين النقيبين) يضعون نظارات سوداء على عيونهم...فيرون كل شيئ اسودا.
وهؤلاء لا ينظرون إلى ما تحقق في المغرب من تطور حقوقي.. هم سجناءُ مخيلاتهم التي توقّف بها السير عند مغرب السبعينات.. ولا يحسنون صياغة خطاب آخر غير خطاب البؤس والشؤم..
ضاقت بهم السبل في صناعة خطاب حديث يتماشى مع العصر، وفي وضع الأصابع على أخطاء حقيقية ( وهي موجودة بلا شك).. ولذلك فهم يجترون خطاب عهد مضى وولى.
- ومن جهة أخرى فهم يروجون لنظرة تشاؤمية.. ويحاولون دفع الناس لفقد الثقة في المؤسسات بحثا عن أمجاد مفقودة ولن ينالوها بمثل هذه الممارسات الخاطئة.. وإنما بالنضال الحقيقي.
فسبحان الله..
لماذا لا يجتهد النقيبان في تحرير مذكرات دفاعية قوية لإقناع القضاء بصحة طروحاتهما؟
لماذا لا يستغلان أسلوبهما الخطابي (الجميل) لتوضيح وجهة نظرهما لقاضي التحقيق الذي اعتقل موكليهما او للمحكمة التي تتولى منذ حين محاكمتهم..؟
غريب...لعل السيدين النقيبين نسيا أن الاعتقال قد وقعه قاضي التحقيق.. وان السراح لا يمكن لغير المحكمة منحه... نقول "نسيا" لأننا لا نعتقد أن نقيبين كبيرين يجهلان ذلك ولا يعرفان المسطرة الجنائية.. ويخاطبان رئيس النيابة العامة كأن مفاتيح السجن بيده!!!
نقول ذلك بحسرة.. إذ ضاقت السبل المسطرية بالنقيبين ( رغم شساعتها) فلم يجدا مبررات قانونية أو واقعية للدفاع عن موكليهما أمام المحاكم، فاختارا إثارة عواطف رئيس النيابة العامة وتحريك أحاسيس النخوة في قلبه ليتبنى طروحاتهما ويطالب بالإفراج عن موكليهما نيابة عنهما.. بأغرائه بركوب بطولات وهمية ليتخلى عن واجبه في حماية المجتمع وينحاز لطروحات النقيبين المرتبطة بمصالح موكليهما فقط.. ( وطز في الوطن..!! ياحسرة) ..
وياريث أن النقيبين الجليلين اختارا الوقت المناسب.. والأسلوب القانوني الصحيح!!.
فكيف يتم توجيه الرسالة للوكيل العام وهو لم يستلم السلطات على النيابة العامة بعد... ألا يعلمون أن ذلك مقرر بمقتضى القانون ليوم سابع أكتوبر ؟
ألم يكن من المناسب أن توجه المناشدة لوزير العدل المسؤول عن النيابة العامة حاليا والذي ( قد) يمكنه الاستجابة لطلب النقيبين؟... بناء على استدرار نخوته..؟
أم أن الأمر مقصود للإساءة للسلطة الجديدة قبل شروعها في ممارسة مهامها على رأي النيابة العامة واستباق الحكم عليها قبل ان تولد ( غير حتى يزيد ونسميه سعيد..).. ويعلم الرأي العام الحقوقي والقانوني أن هذه الحملة قائمة منذ حين لوأد رئاسة النيابة العامة قبل ميلادها.. او لإضعافها والعودة إلى خطاب الماضي بأن حالها في عهد وزراء العدل كان أحسن..وذلك خدمة لأجندات معلومة..
لك الله يا استقلال القضاء إذا كان الدفاع عنك يتم بهذا الاسلوب..
باحث قانوني. لندن*