قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المعزول في لقاء بإخوانه في مدينة تمارة، "إن الدولة لم تكن تريد حزبه، لكنها قبلت به مضطرة في ساعة الشدة". من يقرأ هذا الكلام يعتقد أن حزب العدالة والتنمية جاء من كوكب آخر. لكن الزعيم الإسلامي وكعادته يستهدف محو الذاكرة وبناء معطيات جديدة مزورة وكتابة تاريخ كله كذب لأنه لا يخاطب المواطنين الذين عايشوا تجربته ولكن يخاطب الشباب الذين عمرهم هو نفسه عمر حزبه.
فهل فعلا الدولة لا تريد حزب العدالة والتنمية؟
لقد تفطن بنكيران منذ وقت طويل إلى ضرورة كتابة ذاكرة جديدة للحركة الإسلامية، فبدأ يروج لحركته التي كانت ثورية وأصبحت ملكية، تم اليوم يروج لحزبه الذي تكرهه الدولة كرها شديدا ولم تقربه إلا عند الشدة. ذاكرة الحركة الإسلامية ملأها بنكيران بكافة المغالطات، ولم يشارك فيها هو شخصيا، خوفا على تاريخه غير الحقيقي، الذي يروجه وسط الشباب الذين لا يعرفون مساره الطبيعي.
الدولة أعطت بنكيران الشيء الكثير. هو اليوم انتفخ طاووسيا ويريد أن يقدم نفسه على أنه متمرد منذ البداية.
يوم كان المناضلون موزعين بين منفي ومسجون ومقتول، في إطار ما يسمى سنوات الرصاص، كان بنكيران ينعم بكامل حريته. قصارى تضحياته شهر ونصف في الكوميسارية يقول كثيرون إنه كان في إطار مهمة. أي استقطاب ما تبقى من الشبيبة الإسلامية، وكل من وقع معه على القطيعة مع عبد الكريم مطيع تم إطلاق سراحهم.
وحتى لو صدقنا أن بنكيران من قيادات الشبيبة الإسلامية. فهل كانت الشبيبة ثورية؟ ألم تكن تنسق مع الخطيب رجل القصر؟ لم يتحول مطيع لخطاب الجهاد إلا بعد أن تم اغتيال المناضل الاتحادي عمر بنجلون. أما الشبيبة فكانت طيعة وكانت مهمتها محاربة اليسار بدعوى أنه ينشر الإلحاد وسط الشباب.
ويوم كان الناس يعيشون ضيقا وضنكا كان بنكيران ومن معه يتوفرون على جمعية، حتى لو لم تكن مرخصة كانت تقوم بأنشطتها كاملة دون مضايقة. كيف تكره الدولة حزبا قبل أن يكون كان زعماءه يتوددون لوزير الداخلية إدريس البصري كي يتعاونوا معه؟
الدولة لا يمكن أن تكره حزبا خرج من تحت رحم وزارة الداخلية ورعاية الدكتور الخطيب. لا ينبغي أن ينسى بنكيران أن هذه الدولة منحته حزبا قائما، يوم كان نظراءه في المشرق في السجون ومطاردين في بقاع العالم.
أعطت الدولة الكثير للحزب الإسلامي. منحته الرعاية. هي التي حددت له الخطوات الأولى، وهي التي حددت له عدد البرلمانيين في كل مرحلة ليس خوفا منه ولكن خوفا عليه.
يوم جاء ترامب إلى الإدارة الأمريكية أعلن أنه لا يرغب في حكومات الإخوان المسلمين بما فيها حكومة العدالة والتنمية، وسقط الجميع، لكن جلالة الملك راعي الديمقراطية بالمغرب رفض الانصياع لهذا الطلب، رغم الكوارث التي تسببت فيها حكومة بنكيران.
هذا ما منحته الدولة للعدالة والتنمية ولا نعتقد أنها منحته لأحد غيره.