بوحدو التودغي*
تمثل الجائرة التي منحها "التحالف العالمي من أجل الأمل" بنيويورك لجلالة الملك محمد السادس، تتويجا لمجهود جبار في نشر قيم التسامح، وتحمل الجائزة عنوان "الاعتراف الخاص للريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات"، وذلك "للقيادة السديدة لجلالته في تعزيز الانسجام بين مختلف الثقافات سواء في المغرب أو على الساحة الدولية".
يكتسي هذا التتويج رمزية خاصة وكبيرة، خصوصا وأن الجهة المانحة تضم جهات من ثلاث قارات، تعاني كلها من تضخيم الاختلاف، وهو تأكيد على أن جلالة الملك محمد السادس يدعو إلى الاقتصاد في الخلاف لأن ما يجمع بين الشعوب والدول أكبر مما يفرق بينها لو تم استثمار كل العناصر الإيجابية في الديانات والمذاهب والفلسفات، ولو اعترف كل واحد بحق الآخر في الوجود مهما كان انتماؤه الديني والعرقي.
ينادي جلالة الملك دائما بأن تكون الهويات عامل إثراء للوجود البشري بدل أن تكون هويات قاتلة بتعبير الكاتب اللبناني أمين معلوف، فجلالة الملك من صناع التسامح والسلام بين الهويات المختلفة في العالم وليس في المغرب وحده.
وكما قالت المديرة العامة للمنظمة الأممية للتربية والثقافة فإنها تشرفت بمنح جلالة الملك هذه الجائزة، أي أن الشرف للمانحين، أما العالم فهو يعترف لجلالة الملك بالدور الريادي لجلالة الملك على مستوى إشاعة قيم التسامح الديني، في وقت نعيش عصر الهويات القاتلة.
كما يعتبر هذا التتويج اعتراف بدور المغرب بقيادة جلالة الملك أمير المؤمنين في التسامح الديني، كما أنه اعتراف بأن جلالته هو الحامي للذاكرة المختلفة، فقد أعطى جلالته تعليماته بإعادة الأسماء اليهودية لحي الملاح بمراكش، باعتبار أن أتباع هذه الديانة هو مواطنون مغاربة كاملي المواطنة وليسوا في حاجة لإذن من أحد وأمير المؤمنين هو الراعي للطائفة اليهودية التي عاشت بأمن وآمان وسط المسلمين دون تحيز ولا انحياز.
يتداخل لدى المغرب الواقع بالتاريخ، فلن ينسى العالم أجمع أن جلالة المغفور له محمد الخامس، ولن ينسى أن حفيده جلالة الملك محمد السادس أعاد الاعتبار للذاكرة اليهودية بالمغرب، والتتويج يبقى اعترافا بالقيمة التي يحظى بها أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية في المغرب حيث يتم الترخيص لهم بإقامة احتفالاتهم وشعائرهم، دون تضييق وذلك في إطار القوانين الجاري بها العمل.
فالمغرب مختلف عن كثير من البلدان التي ليست فيها تعددية واضحة المعالم، فهو يقدم كافة التسهيلات لأماكن العبادة للمسيحيين واليهود كما يقدم لها الحماية الأمنية اللازمة. كما أن المغرب يعتبر رائدا في التسامح بين أبنائه كما يقوم بدور فعال في نشر قيم التسامح في القارة الإفريقية وكثير من بلدان العالم، ودوره الريادي في مكافحة التطرف هو دعم قوي للتعايش بين الشعوب.
العالم اليوم يعترف للمغرب بالدور الريادي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف باعتبارهما آفة الأمم اليوم، وأدوات التفريق بين الشعوب، وأصبحت بلادنا محط أنظار العالم والمنتديات الدولية، باعتبارها قادرة على تقديم نموذج وتسويقه لكل الدول، نموذج خاص بالحرب على التكفيريين بأدوات متعددة يجتمع فيها الأمني بالاقتصادي بالديني.
في وقت تشتد فيه الحروب والمآسي يقوم جلالة الملك بدور فعال في تخفيف المحن عن الشعوب المتضررة، فبمجرد اندلاع الأزمة السورية انخرط المغرب في التخفيف من مأساة اللاجئين بدل استغلال ظروفهم سياسيا وسيبقى المستشفى المتنقل بمخيم الزعتري بالأردن خير شاهد على الدور الإنساني لجلالة الملك، ناهيك عن المساعدات المتعددة للمتضررين في العديد من البلدان ومساعدة بلدان على النهوض مثل جنوب السودان.
صحافي وباحث*