كتاب آخر لايحمل من وصف الكتاب إلا الإسم سيصدر في فرنسا لصحافي اشتغل سابقا مع المجموعة إياها قبل أن يغادر المغرب ويقرر الالتحاق بركب الراغبين في الاستفادة من « عمر » مثلما يسمي المغاربة أي المال على خطى إيريك لوران وكاترين غراسيي التي أقسمت بعد انكشاف أمر طلبها الرشوة أن تكمل مشروعها المسيء للمغرب، ولم تجد إلا صحافيا من الصنف الثاني من مجموعة « لوجورنال » لم تتأت له شهرة الجامعي وعمار والبقية من المحسوبين على الصف الأول للمجلة الشهيرة، فقرر أن يصنع لنفسه شهرة ولو من العدم بلوك كلام أغلبه كذب، وقليل منه صدق تم لي عنقه نشر في السابق، والبقية لا معنى لها ولافائدة.
"أحداث.أنفو" قرأ كتاب عمر وسيخصص له فور نزوله إلى الأسواق شرحا مستفيضا يوضح أنه فارغ، لكن ليس هذا هو المهم الآن. أهم منه أن فكرة قد تكونت في أذهان مجموعة من الأشخاص قوامها رفع شعار : الاستفادة المادية أو علي وعلى أعدائي، وهذه القاعدة إذ يقوم بها من يملك معلومات ثمينة حقا وعليها قيمة، قد تكون مفهومة، إذ قد يمكن أن نتخيل أن جهة ما قد تفاوضه فعلا مع استبعاد ذلك نهائيا، لكن التخيل يبقى قائما.
أما أن يقوم بها من لايملك معلومة واحدة فيها ذرة مصداقية، ومن ينشر في كتابه تكذيبا لمايقوله دون أن يحس بذلك ومن يعيد حكي الروايات الخيالية التي حاول آخرون الابتزاز بها ولم ينجحوا ففي الأمر سخرية حقيقية تؤكد لنا المقلب الكبير الذي تورط فيه المشهد الصحافي بداية الألفين حين تم بث وهم ولا أغبى في أذهان البعض أنهم القاطرة، والقيادة الإعلامية النيرة والمستقلون الوحيدون في البلد مع أن شيكاتهم تدل عليهم، ومع أن أثر الجلسات معهم يؤكد أن الاستقلالية هي حكاية لا علاقة بهم لا من قريب ولا من بعيد.
للأسف الشديد تكونت داخل المشهد الإعلامي عصابة من النصابين والمحتالين والصيارفة فهموا أين يوجد المال، فقرروا أن يضربوا كل مرة ولو بالفارغ من الرصاص لاستلاله.
سوء حظهم في المرحلة الجديدة هو أن لا أحد أصبح يهتم بابتزازهم، وأن الكل يستهتر باكتشافاتهم والفتوحات من قبيل أن « كعب غزال يوجد في المامونية وأن الشاي المغربي حلو للغاية ويتضمن النعناع كمكون أساس، وأن أكادير مدينة سياحية وأن الصويرة بنيت على الأطلسي وما إلى ذلك ».
وسوء حظهم أيضا أن المغرب القوي بمايحققه على أرض الواقع، يعرف كيفية التعامل مع أصدقائه، ويعرف أن الوقت قد أزف لعلاقة سوية بالفعل غير قائمة على استصغار أو استكبار، بل قائمة علي أساس الاستفادة المتبادلة، أو منطق « رابح/رابح» الذي يحرك المملكة فعلا، وهو منطق لايكتفي البلد بتطبيقه مع أصدقائنا الفرنسيين، بل يشمل أصدقاءنا الإسبان وهم يعترفون بذلك، ويشمل أصدقاءنا الأوربيين في هولندا وألمانيا وبلجيكا وإنجلرا والبرتغال، كلهم وهم يقدرون عاليا ذلك، ويشمل أصدقاءنا وأشقاءنا في القارة الإفريقية الذين فهموا أن هذا البلد الواقع شمال القارة، الموضوع تاجا على رأسها هو المعبر الأساسي لكي يفهم الشماليون أن صوت الجنوبيين يجب أن يصل مرتفعا ومطالبا بالاستفادة من خيرات ومقدرات قارته لصالح أبناء القارة أولا وبعد ذلك يبدأ النقاش.
عندما يصل الضيق بمن يعادون مصالح المغرب أن يستكثروا علينا تعدد صداقاتنا، فهذا الأمر له معنى واحد: هاته الصداقات تزعج أعداء مصالح هذا الوطن، وهاته الصداقات التي هي دليل ثقة وإيمان بالبلد، والتي تشعر أبناءه الأوفياء بكثير الاطمئنان على مساره وعلى تطورات الأشياء فيه، تشكل للآخرين، أولئك الذين يريدون استعداء الكل علينا كابوسا حقيقيا يجعلهم يبذلون جهدا كبيرا للقيام بتحقيقات صحافية من النوع الضخم للغاية تنتهي بإخبارنا أن كعب غزال هو نوع من الكعك المغربي وأن النعناع يصنع الشاي والعكس صحيح أيضا وأن المامونية فندق وأن الطائرات تطير وأن بقية البداهات كلها لا تصب في صالح من لايريدون بهذا البلد خيرا ، وأن البلد ماض في طريقه يردد في وجوه هؤلاء الطامعين بصغارهم والكبار دعاءه الشهير « اللهم كثر حسادنا» ولا يهتم…
دام لهم هذا العناء، ودامت لنا صداقاتنا التي تقول عن وطننا ومساره كل شيء.