يعتمد الاقتصاد الوطني على الفلاحة، وتعتمد الفلاحة المغربية على قطاع الحبوب و تعتمد الحبوب على التساقطات المطرية.. لذلك عرف المغرب بأنه بلد فلاحي، و ارتبط الموسم الفلاحي بـ" العام زين" بمستوى التساقطات المطرية ومدى نظاميتها مع الفصول، حتى يكون تقليب الأرض في موعده والحرث في وقته المحدد وزرع البدور وتنقيتها و فق شروط طبيعية واضحة..
لذلك كان مفهوم"العام زين" يرتبط طبيعيا في أذهان المغاربة الذين جل أصولهم قروية بنتائج المحصول الزراعي، وظلت هذه النتائج تنعكس إيجابا أو سلبا على الإنتاج وعلى الاقتصاد الوطني وتجعل العالم القروي يعتمد على اقتصادياته الصغيرة، فكان يحد من الهجرة القروية و يجعل البادية بادية و المدينة حاضرة..
ابتلي المغرب بسنوات جفاف خانق و مؤثر في مطلع ثمانينيات القرن الأخير، فأثرت كثيرا على المردودية الفلاحية و لم يعد "العام زين" لازمة يتباهى بها المغاربة ، ولكن تحول إلى مصطلح يتهكم به السياسيون على جمعيات جهوية تم إحداثها من طرف الوزير ادريس البصري في عهد الراحل الحسن الثاني لأخذ مبادرة المجتمع المدني و الاقتراب من المواطن،لإخفاء معالم الضرر من محاصيل القحط، إلا أن أحزاب اليسار لم تتردد في تسميتها جمعيات " كولو العام زين"( لازمة غنائية شعبية)، فأصبح "العام زين" مصطلحا سياسيا محضا ولم يعد مصطلحا فلاحيا مرتبطا بالصيف وجودة حصيلة الموسم الفلاحي..
ما يهمّنا اليوم من " العام زين" بكل حيثياته هو الموسم الفلاحي الذي ودعناه.فبالمناسبة لم يعد المغاربة في اقتصادهم يعتمدون على الفلاحة فقط، أو بمصطلح أصح أصبح المغرب في ماليته العمومية لا يعتمد على الفلاحة، فبالإضافة إلى الصناعات العالمية التي دشن دخولها الى المغرب جلالة الملك أصبح الاعتماد الأساسي على الضرائب التي تشكل العمود الأساسي للخزينة العامة للمملكة.غير أن القطاع الفلاحي يستمر رافدا أساسيا للاقتصاد الوطني في عقلية المغاربة ووجدانهم أكثر من الواقع، لذلك لم يتمالك عزيز أخنوش وزير الفلاحة و الصيد البحري في حكومة بنكيران بمناسبة المناظرة الدولية المنظمة على هامش المعرض االدولي للفلاحة نهاية أبريل الأخير حقيقة أرقام المحصول فتباهي قائلا بان حصيلة الموسم الفلاحي ستصل إلى 102 مليون قنطار، واليوم وبعد أشهر تأتي مصالح وزارته الجديدة القديمة ، بعدما عين كذلك وزيرا للفلاحة و الصيد البحري و قطاعات أخرى لتعلن إلا على 96 مليون قنطار من الحبوب كمحصول، أي أن الر قم الذي أعلن عنه أخنوش اضمحل خلال شهور، بنسبة كبيرة وان توقعات الوزارة سقطت وأنها غير منهجية و غير معقولة لأنها لا يمكن أن تكون بهذا الفارق الكبير، خصوصا أن أخنوش كان منّى النفس أمام الضيوف الأفارقة بارتفاع المحصول مع الإعلان النهائي للأرقام منتصف يونيو أو آخره.
لاشك أن توجهات أخنوش انبنَت عنها مجموعة من القرارات والبرامج والمشاريع المتعلقة بالظرفية الآنية وكذلك الظرفية المستقبلية للبلاد، ومنها مشروع قانون مالية 2018 و ضمنه الميزانيات القطاعية والاستثمار ومخططات الأنشطة غير الفلاحية والماكرو اقتصادية والمديونية ومعدل النمو..ولا شك أن اضمحلال رقم أخنوش المتعلق بمحصول الموسم الفلاحي إلى ما هو أدنى من التوقعات ستكون له تداعياته السلبية على هيكلة كل المشاريع، إن لم يكن معالي الوزير " قال العام زين"أو وظف لازمة "العام زين" في ارتباك كبير ،وفق أجندته ولغاية في نفسه ونفس مساعديه في الحزب لخدمة حساباتهم الحزبية والانتخابية الشخصية لسنة 2021 التي أطلق عنان حملاتها الأسبوع الماضي من مدينة مراكش بمناسبة انطلاق الجامعة الصيفية لشبيبة حزب الحمامة ..وكل ذلك كان على حساب الاقتصاد الوطني ورافده المحصول الفلاحي السنوي.فهل "أغاراس..أغاراس.." مثل "كولو العام زين"..