حين تتغلغل الديمقراطية، داخل أي مجتمع ،في العالم يصبح هذا المجتمع منتجا للأفكار وفاعلا بشكل ايجابي في المشهد السياسي . وعكس ذلك يصبح مثل حمل وديع تتنافس عليه ذئاب السياسية، لينحصر دوره فقط في التصويت على من سيأكله على مائدة غداء ..
لأن الواقع السياسي، ببلادنا أصبع عقيما ولا ينتج غير زعماء يملكون قدرة عالية على " التحراميات"وهؤلاء هم حفدة "التشيرشل " الذي يعتبر الأخلاق، لا تنسجم مع الممارسة السياسية وقد عبر عن ذلك عند زيارته لقبر صديقه ، إذ ما أن قرأ على "الشاهدة" (كان الفقيد سياسيا وذو أخلاق عالية) حتى علق على ذلك قائلا لمرافقيه .: "لأول مرة أرى في حياتي شخصين مدفونين في قبر واحد " والمقصود طبعا ، من وراء كلامه أن السياسة يجب أن تمارس بعيدا عن الأخلاق؟
وتعميق النظر في هذا الوضع يواجهنا بأسئلة عن "حفدة تشيرشل " و المؤشرات الموجودة على الخريطة السياسية بالمغرب، ودور الأحزاب . فالإتحاد الإشتراكي مثلا و الذي كان بداخل هياكله أساتذة كبار يؤرخون وينتجون أدبيات حزبية ، ترسم معالم الطريق والخط الإديلوجي لهذا الحزب، أصبح الآن ،عقيما بلا برامج و لا أهداف ، حتى أن بعض مناضليه ، ارتموا في حضن "الخوانجية " مسجلين الانتقال الصعب من الإشتراكية إلى الإسلاموية مثل ما فعل الثالوت المكون من لطيفة البوحسيني وعبد الصمد بلكبير وحسن طارق، والأكثر من ذلك ، أن يخرج "يتيم" وزير التشغيل والقيادي في حزب "المصباح " وينعتهم ب"اليسار" الذي جاء ليقتحم عليهم الحزب العدالة والتنمية .قبل أن يعود بصبغة أخرى ، بعد أن استقبل بنكيران" نكاية بيتيم" ، الأعضاء الثلاثة في بيته .هذه صورة فقط ، لما آل اليه الواقع السياسي ببلادنا اذ أصبح حتى من يطلق عليهم "رجال ونساء السياسة " لا يميزون بين طبيب وحفار القبور ، في ظل أحزاب أصبحت هي الأخرى تلعب دور الزائدة الدودية اللاصقة في أسفل المصران لاتزيد الجسم المغربي غير مرض على مرض . فما يفعل المغاربة ب 34 حزبا ، أي بمعدل حزب لكل مليون نسمة . أليس هذا دليلا ،على "تهافت التهافت" على أكل أموالنا بغير وجه حق ، في الوقت التي نرى فيها الدول الديمقراطية والتي تحترم نفسها وشعوبها غالبا ما تكون المنافسة بين حزبين فقط . إذن ، يجب هنا أن نعيد النظر في مفهوم التعددية الحزبية التي أصبحت ، بالفعل عائقا لكل نهج نحو الديمقراطية الحقيقية ، وليس الديمقراطية العائمة فوق السطح . لأن هذه الأحزاب نفسها لاتؤمن بالديمقراطية ، ومن وصل لمقعد القيادة لا تفرقه عنه غير الموت . زيادة على ذلك أن ثلثى أو أكثر من هذه الأحزاب دقّها اادريس البصري ، في" مهراز" الداخلية .