صرخ الخطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، صرخة مدوية فحواها: "براكة" " كفى"، وكل ما يندرج في السياق الدلالي للكلمتين من معاني شاملة... صرخة موجهة إلى الإدراة والأحزاب و كل من يتحمل مسؤولية مهما كبرت أو صغرت، من دون أن يستثني المواطن أيضا، من أجل تحمل مسؤولياتهم كاملة إزاء ثوابت الأمة.
وحمّل الخطاب الجميع عبء ربط المسؤولية بالمحاسبة كما هو منصوص عليها في الدستور، بعيدا عن المجاملة والمحاباة و بعيدا عن منطق " الله يسامح".
الملك محمد السادس كان واضحا، و وضع الأصبع على الجرح، جرح الإدارة والأحزاب، من أجل وضع حد لنزيف إلقاء المسؤولية على الآخرين، و على من لم يعد قادرا على تحمل المسؤولية أن يقدم ـ بكل بساطة ـ إستقالته ويعفينا من التشكي من "التماسيح والعفاريت"، فهناك من هم أكفأ منه وأشجع منه على تحمل المسؤولية، لأن الوطن ليس عقيما بل له رجاله ونساؤه القادرين على النهوض به من دون تباكي و لا تشفي.
وفي تشخصيه للواقع وقف الملك على المفارقات العجيبة إذ "بقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين ، ك"بوينغ" و "رونو " و"بوجو " ، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم".
وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.
الملك محمد السادس الذي يطوف البلاد طولا و عرضا و يجوب القارة الإفريقية، لم يعد يتحمل منطق التراخي في تحقيق المشاريع، و لا العقليات المتحرجة الني لا تريد أن يسير المغرب إلى الأمام، وتقف حجرة عثرة أمام التنمية المنشودة، لأن التطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة.