الواقع الذى يعيشه سكان مخيمات تندوف لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم وصفه بالآدمى فلا اعتبارات لحقوق الإنسان وآدميته ولا توافر لعناصر الأمان والحياة الطبيعية.
مشاهداتنا عن مخيمات تندوف نسفت كل محاولات التجميل التى أرادت أن تظهر بها عصابة البوليساريو من أنها توفر جنة الله فى الأرض لقاطنى المخيمات وكشفت لنا بجلاء عن مدى المعاناة التى يتعرض لها السكان وبشكل يفوق ما يتعرض له أصحاب السجون.
فالمرور من وإلى المخيمات أشبه بالمرور عبر أوكار للمجرمين وعصابات المافيا حتى فى محاولات الوصول إلى مدينة تندوف ذاتها يلقى الراغبون الوصول إليها من كل أشكال التعذيب ما لا يخطر على بال تحقيقات وممارسات لا يمكن لبشر أن يتحملها.
الصورة المأساوية التى يعيشها قاطنو المخيمات شاركت فى رسمها عصابة البوليساريو من ناحية وأجهزة الأمن الجزائرى من ناحية أخرى فالعصابة تمارس كل أشكال البلطجة وفرض السطوة على سكان المخيمات فضلا عن ممارسات الترهيب بحق كل من تسول له نفسه الفرار من المخيمات وأجهزة الأمن الجزائرى زادت من مرارة الموقف بتتعنتها وتمييزها فى التعامل ما بين البسطاء الذين يقطنون المخيمات وما بين من تراهم عناصر هامة فى التنظيم العصابى الذى تشكله البوليساريو.
الأوضاع كما رصدتها مشاهداتنا لا تحتمل وهو ما طرح فى أذهاننا تساؤلات حول أسباب تحمل سكان تندوف لإهانات الأمن الجزائرى والصمت المريب تجاه الممارسات التى تتبعها عصابة البوليساريو.
المعاملة مع سكان المخيمات لا تختلف عن التعامل مع عبيد القرون الوسطى وهو ما جعل كثيرا من السكان يفكرون فى الهروب إلى المغرب حيث المعاملة الإنسانية غير أن إجراءات عصابة البوليساريو تحول دون تحقيق حلم الذهاب الى المغرب بسبب إحكام السيطرة عليهم وعدم السماح لهم بالتجول وممارسة كل أشكال البلطجة بحق السكان مما حول حياتهم إلى جحيم يومى تشارك فيه أجهزة الأمن الجزائرى التى تتعامل هى الأخرى مع السكان بمنطق العبودية ويظهر ذلك بشكل واضح فى محاولات السكان الذهاب الى المدينة التى يعيش فيها الجزائريون وهى المدينة المجاورة للمخيمات حيث يمرون على نقاط تفتيش متعددة يتم فيها احتجازهم لساعات طويلة حتى يحصلوا على الموافقة بالدخول وكأنهم أناس ليس من حقهم الدخول إليها.
وتتعامل أجهزة الأمن الجزائرية مع السكان بصورة بشعة متبعين كل أساليب الإهانات بحقهم ويتعاملون معهم كأنهم مواطنين من درجة رابعة.
كل تلك المشاهدات رصدناها من واقع مرير يعيشه سكان المخيمات الذين يتحينون الفرصة لهروب جماعى إلى المغرب خاصة وأن أفراد الحراسة التابعين لعصابة البوليساريو يفرضون سيطرة محكمة على الخيام التى يقيم بها السكان ويمنعون حركتهم خارجها لتتحول الخيام إلى زنازين لحبس السكان هذا بجانب عدم السماح أيضا لزوار المخيمات بحرية الحركة.
هانى ابوزيد