بينما أعلن الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، أمس، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية ليوم أول من أمس، بلغت 45.40 في المائة، مقارنة مع انتخابات عام 2007 حيث بلغت 37 في المائة، اعتبر المراقبون أن حركة 20 فبراير والهيئات السياسية التي دعت إلى المقاطعة، كانوا الخاسر الأكبر من ارتفاع نسبة المشاركة في انتخابات أول من أمس، الجمعة، بالنظر إلى أن نسبة المشاركة كانت متدنية ومتواضعة عام 2007 من دون وجود حركة 20 فبراير والأحزاب الداعية للمقاطعة.
وصرح خالد الناصري، الناطق باسم الحكومة المغربية لـ"الشرق الأوسط": "إن القراءة الأساسية لنسبة المشاركة، هي أن هناك مسلسلا للإنضاج تحرك، والدليل على ذلك أننا تقدمنا من نسبة مشاركة متواضعة جدا سنة 2007 لم تتجاوز 37 في المائة إلى ما يناهز 45 في المائة سنة 2011، معنى ذلك أن قطار الإنضاج انطلق من سكته، لكنه لم يصل بعد إلى المبتغى، أي أن هناك مسؤوليات جساما مطروحة على الطبقة السياسية الأكثر نفوذا والأكثر تجذرا ومصداقية وجدية، من أجل أن تبلور هذا المسار فوق أرض الواقع بالنسبة للعملية السياسية ككل".
وبشأن الرسالة التي يمكن أن يوجهها إلى حركة 20 فبراير، والهيئات التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات، قال الناصري: "أقول لهم إنه آن الأوان ليفعّلوا منطق وقيم النقد الذاتي. لقد فشلوا في دعوتهم إلى المقاطعة حينما تعلق الأمر بالاستفتاء حول الدستور، واليوم كانت نسبة المقاطعة متواضعة، كانت أقل من النسبة التي سجلت عندما لم ينادِ أي أحد بالمقاطعة، ومعنى ذلك أن عليهم أن يفهموا أن شعوب المعمورة التي كافحت لقرون وقرون لكي تكتسب حقها في التعبير عن رأيها، وأن تكتسب حقها المشروع في المشاركة في الانتخابات، هي شعوب لا تفهم أن تكون هناك قوى سياسية تدعو إلى عدم مباشرة الحقوق المدنية، وعدم الالتزام ببناء ديمقراطية تفاعلية".
ومن جهته، قال الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب)، الذي حصل على 80 مقعدا في انتخابات يوم الجمعة، وينتظر قادته أن يرتفع العدد بعد الإعلان عن نتائج اللائحة الوطنية للنساء والشباب إلى 100 مقعد، إن التطور، الذي وقع من 2007 إلى 2011، والمتمثل في تحقيق نسبة 45.40 في المائة هو تطور إيجابي للديمقراطية المغربية، بمعنى أنه أصبح هناك اهتمام أكبر بالسياسة، وذلك رغم وجود إشكالات تقنية عديدة.
وأشار العثماني، وهو أيضا طبيب نفسي، ومرشح إلى جانب عبد الإله بنكيران، أمين عام الحزب، لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى الإشكال الأول المتمثل في تنظيم الانتخابات بعد عيد الأضحى مباشرة مما صعب المهمة على كثير من الأحزاب السياسية، والمرشحين والمواطنين أيضا، بحيث إن الكثير من المواطنين كانوا مسافرين إلى مدنهم وقراهم الأصلية لقضاء عطلة العيد.
وأضاف العثماني قائلا: "نحن نعرف أن عيد الأضحى، بالنسبة لفئات واسعة من الشعب المغربي، هو فترة يحاولون فيها أخذ عطلتهم السنوية، ويسافرون أحيانا إلى مناطق بعيدة".
أما النقطة الثانية، يقول العثماني، فتتمثل في نظره في ملاحظة إشكال تقني يوم الاقتراع، وعدم حصول كثير من المواطنين على الإشعار بعناوين مكاتب التصويت. موضحا أن هذا الإشكال التقني منع كثيرا من المواطنين من الإدلاء بأصواتهم، لأنهم أمضوا يومهم يبحثون عن مكتب التصويت، ورقم تسجيلهم في اللوائح الانتخابية، مما أدى إلى أن كثيرين منهم رجعوا إلى بيوتهم دون الإدلاء بأصواتهم.
وشدد العثماني على القول إن نسبة التصويت كانت يمكن أن تكون أحسن لو أن هذه الإشكالات التقنية تم علاجها في الوقت المناسب.
وحول الرسالة التي يمكن أن يوجهها إلى حركة 20 فبراير، والهيئات السياسية التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات، قال العثماني: "أنا أقول إنه من حق أي مواطن وأي هيئة سياسية الدعوة إلى المقاطعة، واتخاذ موقف سياسي، ولكنني أقول أيضا إن المقاطعة ليست حلا"، مشيرا إلى أن مواجهة الفساد الانتخابي، ومواجهة الفساد في تدبير الشأن العام، ومواجهة الاختلالات، لا يمكن أن تتم عن طريق المقاطعة، وإنما عن طريق المشاركة، وبالتالي "نحن نقول إن المقاطعة ليست توجها سليما لكن يمكن أن نقول بكل ثقة إن الحركات الاحتجاجية التي توجد في الشارع، والتي تطالب بمزيد من الإصلاحات، وتطالب بإسقاط الفساد والاستبداد، قامت بدور مهم جدا في هذه المرحلة. أولا، لأنها زرعت ديناميكية في الرأي العام المغربي، وأيضا دفعت في اتجاه هذه الإصلاحات، وكانت عاملا في تحقيق ما تحقق منها حتى الساعة".
وزاد العثماني قائلا: "أظن أن مقاومة الفساد والاختلالات يجب أن تكون في الشارع، ولكن أيضا يجب أن تكون داخل المؤسسات، ونحن نقول لهم واصلوا احتجاجاتكم في الشارع ونحن سنعمل على المقاومة من داخل المؤسسات".
وبخصوص مواقف جماعة العدل والإحسان الأصولية، شبه المحظورة، قال العثماني: "نحن ندعو جميع المواطنين وجميع الحركات للانخراط في العمل السياسي إيجابيا"، وشدد على القول: "فليحتفظوا بمواقفهم وآرائهم السياسية، ولكن عليهم أن ينخرطوا إيجابيا في مسيرة المغرب بالمشاركة في المؤسسات".
وبدوره، قال محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، المعارض، الذي حصل على 33 مقعدا، لـ"الشرق الأوسط" إن نسبة المشاركة تعكس وعي الشعب المغربي بأهمية المنعطف الذي توجد فيه الآن بلادنا، وأهمية تنزيل الدستور الجديد تنزيلا ديمقراطيا، والتهيؤ لآفاق المستقبل، والبحث عن الأسئلة الحارقة التي يطرحها الشعب المغربي.