تبقى علاقة عبد الإله بنكيران، زعيم المجموعة الإسلامية المندمجة، بالأجهزة ملتبسة إلى حد ما. ما تسرب منها ضعيف جدا. لكن يجود الزمان بأخبار لم تسأل عنها. الزعيم الإسلامي يفصح بين الفينة والأخرى عن هذه العلاقة. في كلمته أمام الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للعدالة والتنمية اعترف بتلقي التعليمات من جهات عليا. قال إن الملك الراحل الحسن الثاني أرسل إليهم المستشار أحمد بنسودة فأخبره أن الملك لا يريد من جماعته الدخول للانتخابات الجماعية.
لا نعرف طبعا الصيغة التي تم بها الأمر وكيف وأين؟ وعلى العموم كان هذا الأسلوب رائجا. وكانت تجربة جبهة الإنقاذ الجزائرية طرية العود. وقد تكون سببا في ذلك. لا يهم. لكن ما كشف عنه بنكيران مؤشر على وجود علاقة مع الأجهزة. الأخبار عنها متواترة. الزعيم المجروح يريد تصويرها على أنها تفاعل مع مؤسسات الدولة لأن جماعته ترفض المواجهة.
غير أن هذه الصيغة قد لا تكون هي الحقيقة. هل كانت علاقة بنكيران بالأجهزة، علاقة تواصل أم علاقة خدمة؟
الضابط الخلطي، بعد تقاعده، أشار في حوار مع أسبوعية الأيام على أنه كانت تربطه علاقة مميزة بالزعيم الإسلامي. الحوار ذهب في إطار توضيح أنها علاقة من النوع الثاني.
وضع الجماعة الإسلامية لم يكن يخول زعيمها موقعا مهما ولهذا تم التعامل معه على مستويات دنيا. لقد راسل إدريس البصري، وزير الدولة في الداخلة الأسبق، أواسط الثمانينات، عارضا خدمته لمواجهة اليسار، الذي يعتبر في نظره ضد الدين. لم يتلق جوابا مباشرا لكن تم إطلاق يده في المساجد كما في الجامعات. وتمكن الإسلاميون عموما من أداء الدور الذي لم تستطع الدولة القيام به: إخراج اليساريين بصفة نهائية من الجامعة، ومنذ ذلك الزمن بقي دورهم فيها ثانويا.
أثناء الإعداد للوحدة بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، اعترض أبناء الرابطة على قيادة بنكيران للحركة الوليدة، التي ستحمل اسم التوحيد والإصلاح، وذلك بالنظر لعلاقته بالأجهزة. وانحنى بنكيران للعاصفة، وقال لهم أنا أتراجع للوراء، وفعلا كان، وانتظر أحداث 16 ماي الإرهابية، التي يظن البعض أنها كانت وبالا على الزعيم الإسلامي بل بالعكس كانت مفيدة له، انتظر هذه الأحداث فصعد على ظهر أبناء الرابطة واعتبرها فرصة لتصفية حساباته معهم.
سقط الريسوني من رئاسة الحركة بسبب حوار مع صحيفة مغربية. لكن الحقيقة هي ضعف القادمين من الرابطة. وقد استفاد مرة ثانية من قضية كوبل الشاطئ. لقد أفادته ولم تضره.
بنكيران نفسه يحكي في شريط مسجل أواخر التسعينات أنه أبلغ كلاما للبوليس عن أحد "الإخوان" من جماعة أخرى. فبرر ذلك بأنه كان يريد حمايته من ضربة قاتلة. وليس وحده من ربط علاقات من هذا النوع. فمصطفى الرميد نفسه كانت له علاقات خدمة مع البصري وتناولت هذه القصة قبل عشر سنوات في مقال تحت عنوان "الرميد والبصري والنهضة وأشياء أخرى" باعتبار أن وزير الدولة اليوم هو من أبلغ المجلس الوطني للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية أن وزير الداخلية يرفض تسمية الحزب باسم النهضة. شرحت أسباب ذلك حينه. وتواضعوا على تسميته العدالة والتنمية.
الشباب اليوم الذي يعلن أنه ثائرا هل يعي أن زعيمه لم يكن يتوفر على كامل الشجاعة للمواجهة، وكتبت مرة أنه كان يخاف من مقدم الحومة.