محمد البودالي
أعلنت سلطات مدينة الحسيمة، وكما ورد في مقال سابق للموقع، عن قرارها منع مسيرة 20 يوليوز، التي يعبئ لها عدد ممن يطلقون على أنفسهم "نشطاء الحراك" بالحسيمة، وإبلاغها للنيابة العامة.
وإن كانت المبررات عديدة ومتعددة، فإن قرار المنع، يأتي بالدرجة الأولى في إطار استجابة السلطات الوصية لمطالب ساكنة المدينة، التي أبدت في أكثر من مناسبة، امتعاضها لحالات الانفلات الأمني التي تعقب كل تظاهرة احتجاجية لمن يسمون أنفسهم "نشطاء الحراك"، ويتعمدون مناوشة القوات العمومية، واستفزازها، من أجل دفعها إلى ردود فعل غير محسوبة.
وعندما فشلت مخططات هؤلاء الأشخاص، الذين ثبت بالحجة والدليل أنهم مسخرون من طرف جهات خارجية تكن الحقد والعداء للاستقرار الذي تنعم به المملكة، ويسعون إلى خراب منطقة الريف بأكملها تحت يافطة مطالب اجتماعية واقتصادية، هي في الأصل حق يراد به باطل، تمادوا في ممارساتهم الإجرامية، وتحولوا إلى "مناضلين بالحجارة" في مواجهة عناصر القوة العمومية، مخلفين، على مدى عدة أسابيع، العشرات من المصابين والمعطوبين من رجال الأمن والقوات المساعدة.
وإلى جانب مطالب المواطنين الذين باتوا يعدمون الأمن والشعور بالطمأنينة ويضربون أخماسا في أسداس كلما قرروا مغادرة بيوتهم، فإن هناك وجها جانبا آخر لمنع المسيرة، وهو الاحتراز من تداعياتها إلى اقتصاد المنطقة، بحيث تعرض المئات من التجار لأضرار وخسائر مادية جسيمة نتيجة استمرار التظاهرات العشوائية في أكثر من مكان، والتهديدات التي يتلقونها من هؤلاء الأشخاص، لإجبارهم على الإضراب، وإغلاق محلاتهم، علما أن نشطاء الحراك لن يعوضوهم عن الخسائر، في حين يتقاضون هم الأموال الفاحشة التي تأتيهم من الخارج، وبالعملة الصعبة.
ولذلك، فقد اضطر العشرات من هؤلاء التجار إلى الاستنجاد بالسلطات، وتقديم شكايات في الموضوع إلى الجهات المختصة، مطالبين بحمايتهم من شرور هؤلاء الأشخاص.
ثالثة الأثافي، أن المسيرة الاحتجاجية التي أعلن نشطاء الحراك عن تنظيمها في 20 يوليوز الجاري، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا صبغة قانونية لها، كما لا وجود لأي صفة للداعين إليها، وهو ما جعل عمالة إقليم الحسيمة تؤكد أن الدعوة إلى هذه المظاهرة تمت بدون احترام المساطر القانونية المعمول بها، حيث لم تتوصل السلطة الإدارية المحلية المختصة بأي تصريح في الموضوع، كما هو منصوص عليه ضمن أحكام الظهير الشريف رقم 377 .58 .1 الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية كما وقع تغييره وتتميمه، لا سيما الفصل الثاني عشر منه.
غياب الصفة للداعين إلى تنظيم المسيرة، "يعد مخالفة صريحة لمقتضيات الفصل الحادي عشر من ظهير التجمعات العمومية، الذي خول هذا الحق، على سبيل الحصر، للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية و الهيئات المهنية و الجمعيات المصرح بها بصفة قانونية"، وفق ما جاء في بلاغ السلطات.
هذا وأكدت السلطات في بلاغها أنه وبعد تقييم الظروف المحيطة بالمسيرة المرتقبة، تبين أنه من شأن تنظيمها المس بحق الساكنة المحلية في أجواء أمنية سليمة، لاسيما مع تزامن الدعوة المذكورة مع الموسم الصيفي.
وتأسيسا على هذه المعطيات، فقد تقرر عدم السماح بتنظيم هذه المسيرة، بناء على ما تتوفر عليه السلطة الإدارية المحلية من صلاحيات قانونية واضحة في هذا الشأن، حيث اتُخذت جميع التدابير الكفيلة بضمان تنفيذ هذا القرار. ولقد تم إحاطة النيابة العامة علما بكل الحيثيات والجوانب المرتبطة بهذا الموضوع.
وإذ تدعو السلطة الإدارية المحلية المنظمين المحتملين لهذه المسيرة بالالتزام بهذا القرار، فإنها تهيب بالجميع بضرورة احترام سلطة القانون الذي يتوجب على الجميع الامتثال لأحكامه، من سلطات عمومية ومواطنين أفراد و جماعات، كشرط من الشروط الجوهرية التي تُثري الممارسة الديمقراطية، وتُدَعِّم مسار بناء دولة الحق والقانون و المؤسسات.