لا شك ان قرار سلطات الحسيمة بمنع مسيرة 20 يوليوز له ما يبرره وهي تبريرات - اذا ما تمعننا فيها جيدا -و جيهة و لن يختلف بشانها عاقلان...
و يكفي في هذا السياق التذكير بالعديد من الاسباب التي افضت الى اتخاذ هذا القرار.
اولا: ان السلطات المحلية تجمعت لديها من المعطيات ما يجعل تنظيم المسيرة يمثل مسا بالسير العادي للمرفق العام و الحياة العادية للمواطنين بل قد يحمل بين ثناياه عدة مخاطر و انزلاقات خاصة في ظل استغلال اليافعين من القاصرين في المظاهرات و شحنهم من اجل رشق القوات العمومية بالحجارة كما حدث في عدة مناسبات...وقبل ذلك أيضا يجدر بنا التنبيه الى ان الحفاظ على الامن العمومي أولوية قصوى بالنسبة للسلطات الوطنية وفي الحسيمة على وجه التحديد، ومن حقها أن تقيس أمن وسلامة المغاربة بكل موازين الحس والتوجس ومهما كانت تقديراتها في زمن الخوف والارهاب تبقى مشروعة، في مدينة ساحلية وسياحية مستهدفة على غرار باقي المدن المغربية من طرف خفافيش الظلام بكل التلاوين العنف والتطرف الديني والايديلوجي ومن الدواعش العائدين مؤخرا من جبهات القتال في العراق وسوريا وليبيا الى المغرب(..).
هاجس الدول التي تحترم شعوبها اليوم، يكمن في مدى سهرها على أمنها أولا وسلامتها البدنية وممتلكات مواطنيها، واحترام الدول لحقوق الانسان في العالم الحديث يقاس بمدى توفير الاستقرار والطمأنينة للأفراد والجماعات المنتمية الى الشعوب التي تشكل هاته الدول، ومن أجل هذا تستمد السلطات في الحسيمة مشروعية منعها لمسيرة 20 يوليوز.
ثانيا: ان المسيرة هي محاولة لاستعراض العضلات ولي ذراع السلطة و محاولة لتحدي المجهود الذي تقوم به من اجل تهدئة الاوضاع التي تنفخ على جمرها عدة اطراف كلما اوشكت على الخمود...وكما يعلم الجميع ان هناك عامل أخر بالنسبة للسلطات المحلية ومن واجباتها الأساسية اتجاه الساكنة والمواطنين ويتمثل الأمر في إنقاذ الموسم السياحي للمدينة من الكساد، والذي بات مهددا بسبب الاحتجاجات العشوائية، وغير المنظمة، ولعل في استنكار واحتجاج التجار وتشكيهم دليل كافي على ما نقول.
النقطة الثالثة التي يجب توضيحها وهي ان المغاربة يجمعون من القمة الى القاعدة على حق المواطنين في الحسيمة على غرار اخوانهم في القنيطرة او اكادير او وجدة والعيون وغيرهم من المدن عبر التراب الوطني، ان يطالبوا بحقوق اجتماعية واقتصادية وثقافية، ويطمحوا الى الرفاه ، هذه حقوق لا جدال حولها حقوقيا ودستوريا، لكن هناك لكل مطلب ما بعده وهي ما يسمى مراحل الأجرأة أو التصريف الى الواقع والتنفيذ، الخ..
وكما يقول المثل الفرنسي" روما لم تبن في يوم واحد" وكذلك الحسيمة بعد الحراك وبعد دخول الملك محمد السادس على الخط وإصدار تعليماته بفتح تحقيق للكشف عن أسباب تعثر إنجاز المشاريع، ما يكفي من الضمانات في انتظار ما سيتم اتخاذه من قرارات وفق ما ستسفر عنه نتائج التحقيق.
رابعا: لعل المعتقلين في احداث العنف والفوضى والمتهمين بتهم شتى هي النقطة الرابعة، أو عصى الرحى كما تقول العرب، اننا نؤمن ومعنا وزير العدل محمد اوجار ووزير حقوق الانسان مصطفى الرميد بأن قرينة البراءة هي الأصل، والتهم لا تعني بالضرورة الإدانة، وبالتالي على الجميع ان يلتزم الحياد و أن يفرض إطلاق سراح المعتقلين كشرط لوقف الاحتجاجات، لأن القضاء سلطة مستقلة ولا تخضع للضغط. وعلى الجميع أن يحمي استقلالية العدالة.