لم يعد الاعتداء الإعلامي، الذي تمارسه قناة فرانس 24، ضد المغرب، مجرد هفوات يرتكبها الصحفيون والإعلاميون، بين الحين والآخر، ولكن تبين أنه سياسة ممنهجة من القائمين على القناة، يتم تصريفها عبر برامج حوارية واستطلاعات وما يسمى تحقيقات وعبر فبركات خطيرة واستعمال صور مفخخة قصد تفخيخ وتلغيم الجو العام، والادعاء على المغرب وبث فيديوهات من دول بعيدة كثيرا عن المغرب رفقة روبورتاجات عن مدينة الحسيمة.
لم يكن خافيا علينا في هذه الصحيفة التوجه المنحاز لقناة فرانس 24، وذلك منذ زمان، أي منذ أن انخرطت في ربيع التخريب العربي، وساهمت بكل جهدها في زعزعة الاستقرار في البلدان العربية، بينما تلتزم الصمت تجاه نظام دكتاتوري يحكمه العسكر عبر واجهة مدنية مريضة، فقط لأن خزائن كثيرة تذهب من هذا البلد إلى حسابات مسؤولين بالقناة.
كثير من القنوات تقوم بأعمال مغرضة لكن ليس بالأسلوب المكشوف. فرانس 24 قناة حرب ضد المغرب وخطورة الصور المفخخة أكبر من السيارات المفخخة، لأنها تفخخ الجو العام وتهيئه للفوضى ولأعمال التخريب، والقناة، التي تمولها الخارجية الفرنسية بالإضافة إلى التمويل الجزائري، تعتبر المغرب دار حرب.
ما معنى أن تقوم القناة بإدراج فيديو من فنزويلا، التي تعرف مواجهات يومية المعارضة والشرطة، ضمن روبورتاج خاص بأحداث الحسيمة؟ ألا ترغب القناة في تصوير المغرب على أنه بلد يستعمل القتل مع المتظاهرين؟ أليس في ذلك تأليب للرأي العام الدولي ضدنا؟ أليس في ذلك تأجيج لمشاعر المواطنين الذين لا يعرفون الحقيقة ودفعهم وتحريضهم على ارتكاب الحماقات؟
تذكرنا قناة فرانس 24 وخبرها المفبرك وصورتها المفخخة، بما أقدمت عليه قناة الجزيرة، المنظمة السياسية القطرية المتخصصة في الفوضى والفتنة، عندما نقلت كذبا وزورا وبهتانا مقتل سبعة أشخاص بسيدي إفني أثناء تحرير بوابته الرئيسية من المعتصمين، وهو الخبر العاري من الصحة الذي كان سببا في إغلاق مكتب الجزيرة بالرباط بتاريخ 29 أكتوبر 2010، وبعدها انتقلت إلى تونس التي سقط فيها النظام بعد ثلاثة أشهر من هذا التاريخ، كما يذكرنا بما أقدمت عليه قناة أنتينا تريس الإسبانية عندما بثت صورة لطفلة من غزة على أنها من العيون.
فرانس 24 دخلت في معركة أو حرب ضد المغرب. وبالتالي فإن الموقف ينبغي أن يكون صارما. ما قام به محمد لعرج، وزير الثقافة والاتصال، من توجيه رسالة صارمة للقناة، يعتبر عملا جيدا ومن الضرورات الأساسية لحماية الأمن الإعلامي المغربي. لكن يبقى الموضوع مطروحا على الحكومة، التي كان لزاما عليها اتخاذ موقف بحجم "الجريمة". فالموضوع أصبح يمثل حربا ضد المغرب من قبل لوبيات متعددة ذات تشبيكات معقدة، وبالتالي الحكومة هي التي كان ينبغي أن تتخذ موقفا صارما، يبدأ بإعطاء الأمر بسحب اعتماد هذه القناة بالرباط ومتابعتها قضائيا، حيث أصبحت المحكمة اليوم هي الفيصل بيننا وبينها.
إذا كان المغرب يرخص لكثير من وسائل الإعلام الأجنبية فإن هذا ينبغي أن يكون وفق القوانين الجاري بها العمل ودون مس بالسيادة الوطنية.