قبل هذا الزمن بقليل كانت المعارضة تقول أقل مما هو موجود في الواقع من خروقات، وحتى من انتهاكات لحقوق الإنسان، رغم أنها كانت شرسة في ممارساتها وسلوكاتها، وذلك حفاظا على الوطن وسمعته، واليوم نحن أمام معارضة تسلك سلوك الجبناء لكن تتكلم بلسان طويل، وتمارس "المعارضة" بـ"الكذب". وعندما ننعت شخصا بالكذب فنحن لا نشتمه ولكن نريد أن نقول إن كل ما يقوله غير حقيقي ومجرد اختلاقات يسعى من خلالها لتحقيق مكاسب ومواقع في حقل السياسة المليء بالأشواك.
عبد العالي حامي الدين، قيادي في حزب العدالة والتنمية وبرلماني باسم الحزب في مجلس المستشارين ورئيس لجنة يستفيد من تعويضاتها ومن سيارة الدولة وينتمي لحزب يقود الحكومة لكن هو يمارس المعارضة. هذا الشخص لبس جبة المعارض "الثوري" ووجه سؤالا لوزير الداخلية قال فيه إن "التدخل العنيف خلف مجموعة من الضحايا من المحتجين الذين تعرضوا لجروح وكسور متفاوتة الخطورة، من بينهم شخصيات حقوقية معروفة".
ما قاله عبد العالي حامي الدين مجرد ادعاءات. فأصبح اليوم الأمر معروفا كون الذين تساقطوا أرضا أمام رجال الأمن قبل أن يمسسهم أحد تم حملهم إلى المستشفى وغادروه في الحين. وهنا نطرح السؤال على البرلماني الإسلامي أين هم الذين تعرضوا للكسور؟ وفي أي مستشفى يرقدون ويتلقون العلاج؟ لماذا لا يقوم وهو صاحب الجمعية الحقوقية بنشر صورهم على فيسبوك وهو معروف بأنه مدون مواظب على صفحات التواصل الاجتماعي؟
إذن لماذا يمارس حامي الدين التلبيس من داخل المؤسسة التشريعية؟ وهل الكذب "عاين باين" هو أيضا من أدوات الممارسة الرقابية على عمل الحكومة؟
حامي الدين يترأس جمعية الكرامة لحقوق الإنسان، ورثها عن صديقه السابق وخصمه اليوم مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ويدافع عن حقوق الإنسان، لكن أن يكون هذا الإنسان ممن يروق له. كيف يطرح سؤالا كتابيا عن تعرض محتجين للعنف ويزعم أنهم تعرضوا لكسور دون أن يحدث ذلك، لكن لا يوجه سؤالا عن تعرض رجال الأمن للرشق بالحجارة ومعرفة من قام بذلك، ووجود رجل أمن في حالة خطيرة بعد أن تهشمت جبهته.
هذا السلوك هو استغلال للمؤسسة التشريعية في تصفية حسابات مع وزير الداخلية من جهة، باعتبار الخصومة التي تجمعه بالحزب في مجلس المدينة، ومن جهة أخرى يمارس من خلالها معارضة غير مفهومة لأنه ينتمي لحزب يقود الحكومة.
هل يريد حامي الدين أن يتفرج الأمن على "المحتجين" يمارسون الشغب في الفضاء العام دون أن يتدخل لتنفيذ القانون؟ هل يريد منه أن يتلقى الإهانات والاعتداء ويبقى متفرجا؟ ماذا يريدون بالأساس؟
يريدون إسقاط هيبة الدولة كمقدمة لإسقاط الدولة، بعد أن فتح الربيع العربي المدعوم خارجيا عيونهم على السلطة ونعمها وإغراءاتها. لكن ليعرف حامي الدين أن سلطة القانون فوق الجميع وأن مقاومة فتح ملف أيت الجيد لن تستمر طويلا.